بين "كحل" المخازن و"عمى" التشرد ....لاجئون سوريون ضحايا سماسرة العقارات في الأردن

دفعت زيادة الطلب على شقق الإيجار بعض أصحاب العمارات التجارية في مدينة المفرق الأردنية إلى تأجير المكاتب التجارية والمخازن التي يطل بعضها على الشوارع الرئيسية كشقق للعائلات السورية التي تضطرها الحاجة للسكن فيها، رغم عدم توافر أدنى شروط السكن من بنية تحتية أو ماء أو كهرباء، كما لا تقي هذه المخازن ساكنيها برد الشتاء ولا حرارة الصيف.
ووفق تقرير أصدرته مؤخرا جمعية الكتاب والسنة الناشطة في الشمال، فإن المشكلة الأكبر التي تواجه اللاجئين السوريين بدل الإيجار الشهري للمساكن، وأن هناك عائلات تضطر للسكن مع بعضها البعض حيث وصل الأمر لسكن عائلتين أو ثلاث بذات المنزل مما يفسر قبول اللاجئين السوريين لهذه الأماكن مأوى لهم.

أبو محمد جاء من مدينة حمص منذ شهرين وبعد أن بحث طويلاً عن منزل لم يجد إلا مخزناً تجارياً يؤويه مع عائلته المكونة من 8 أفراد.
المخزن الذي يسكنه أبو محمد يفتقر إلى أدنى المتطلبات الأساسية لمكان السكن، كالتواليت والحمام والماء، كما لا تتوفر فيه وسائل الحماية المطلوبة عادة في أماكن السكن ” لما بنام بنسكّر باب السحّاب متل الدكاكين من جوا“.
علي الحديدي ساكن آخر في مخزن تجاري بحي الحسين يعيش في مكتب كان معداً لخدمات الحج والعمرة، أزمة السكن وغلاء بيوت الإيجار هي سبب اختياره للمخزن مكاناً للسكن بعد أن منعه ضيق ذات اليد عن استئجار بيت سكني.
ورغم أن أجرة المخزن الذي يسكنه 100 دينار عدا تكاليف الكهرباء والماء إلا أنه غير مجهّز بما يجعله مقبولاً للسكن بما في ذلك الماء الذي هو أساس الحياة “عم نعبي مي من عند الجيران”.

أما اللاجئ السوري وليد أبو راس الذي يسكن في مخزن تجاري فيشير إلى أنه قدم من حمص إلى محافظة المفرق منذ أسابيع وأنه واجه مشكلة في العثور على منزل للإيجار له ولأسرته المكونة من 5 أفراد حتى عثر على هذا المخزن ويضيف "جميع الشقق في مدينة المفرق تم إشغالها من قبل اللاجئين السوريين، ما اضطره إلى استئجار هذا المخزن الذي يفتقر الى أدنى شروط السكن لعدم وجود بديل، ويؤكد أبو راس أن أصحاب المنازل باتوا يستغلون حاجة اللاجئين وبالتالي مضاعفة الأجرة، داعياً أصحاب تلك المنازل إلى مراعاة ظروف اللاجئين المالية. 
وأضاف بضيق وحسرة "اضطر للعمل في أكثر من مكان من أجل تغطية أجرة المنزل، إضافة إلى المصاريف المعيشية الأخرى" مشيراً إلى أن أكثر من أسره تسكن في هذا المخزن للمساهمة في سد الأجرة المرتفعة.

بديل عن الشارع !
أبوعدي الصفاوي صاحب مكتب عقاري في المفرق قال لـ "اقتصاد": "إن اللاجىء السوري يضطر للسكن في المخازن التجارية بسبب أزمة السكن الخانقة في المفرق وعندما لا يكون هذا اللاجئ قادراً على دفع أجرة بيت سكني فهو ”مجبور” على السكن في مكاتب تجارية ومخازن ”يسكنو في مخازن أحسن ما يسكنو في الشارع“ ويرى الصفاوي ضرورة أن تتحمل مفوضية اللاجئين والدول المانحة مسؤوليتها في توفير أماكن صالحة للسكن مثل الكرفانات وغيرها بدل إسكانهم في العراء أو في مخازن غير معدة للسكن أصلاً. 
أبو العبد الشواقفة صاحب مكتب عقاري أكد أن الطلب على الشقق في المفرق ارتفع 200 % عما كان عليه قبل شهور قليلة، مشيراً إلى أن قدوم اللاجئين السوريين إلى المفرق أسهم إلى حد كبير في تنشيط عملية العقار في المدينة التي كانت تشهد ركوداً قبل توافد اللاجئين السوريين، ويضيف أن ارتفاع الطلب على الشقق والمنازل أدى إلى رفع أسعارها بمعدل 50 % عما كانت علية في السابق، لارتفاع حجم الطلب مقارنة مع حجم العرض، مؤكداً أنه في الوقت الحالي لا يوجد أية شقة فارغة في المفرق للإيجار باستثناء بعض محلات التخزين (المخازن التجارية) غير المخصصة عادة لسكن الأسر.
المبيت في الشارع أو في مخازن تجارية لا تتوفر فيها أدنى متطلبات السكن معادلة صعبة يدفع اللاجئون السوريون ثمنها في حين يستغل سماسرة العقارات في الأردن حاجة هؤلاء للسكن.

ترك تعليق

التعليق