يعيشون داخل شوادر بائسة ..اللاجئون السوريون في لبنان مذعورون من الشتاء القادم

في البقاع اللبناني، يترقب مئات آلاف اللاجئين السوريين فصل الشتاء بقلق بالغ في منطقة تتدنى فيها درجات الحرارة إلى ما تحت الصفر ويغطي الثلج قراها وسهلها المنبسط حتى الحدود السورية.

ويعيش عدد كبير جدا من هؤلاء اللاجئين في خيم وشوادر نصبت بمساندة إطارات خشبية، وبعضها يقتصر سقفه على أكياس بلاستيكية، في أرض زراعية تتحول إلى حقل من الوحول عند أول هطول للمطر.

وتقول فاطمة هانهون التي فرت من أعمال العنف في إدلب إلى منطقة "سعدنايل" في شرق لبنان "الشتاء مرعب هنا. السنة الماضية، غطت المياه الأرض، ولم يكن في إمكاننا الخروج من الخيمة من دون أن نغرق حتى الركب في الوحل والأوساخ".

وحتى عندما لا تمطر السماء، لا تكون الظروف أفضل في هذا المخيم غير الرسمي قرب بلدة "سعدنايل" البقاعية الذي تفصله عن الطريق العام ساقية مليئة بالقذارة والنفايات يعبر البالغون فوقها من جانب إلى آخر، بينما يمر فيها الأطفال حفاة.

ويغتسل اللاجئون بمياه الساقية إياها، ويسيرون حتى النبع على مسافة قصير منها للحصول على مياه الشرب.
وأقامت جمعية إنسانية بعض الحمامات المشتركة، وكل منها عبارة عن قاعدة مرتفعة مع ثقب كبير في وسطها محاطة بألواح معدنية يغلب عليها الصدأ.

ويقول أحمد القادم أيضا من إدلب إن زوجته التي تعاني من إعاقة جسدية تستخدم كيسا بلاستيكيا داخل الخيمة بدلا من الحمام، لأنها لا تستطيع تسلق القاعدة.

ويتابع "لا نلوم أحدا على الوضع الذي نحن فيه، لكننا نأمل فقط ببعض المساعدة"، مشيرا إلى ثقوب عديدة في خيمته يدخل منها الهواء القارس ليلا.

وتحاول المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة بالتعاون مع عدد من المنظمات الإنسانية بذل كل الجهد الممكن لتقديم هذه المساعدة.

وتسعى المفوضية إلى تزويد جميع اللاجئين المقيمين في البقاع حيث تتدنى درجات الحرارة كثيرا في الشتاء بالتجهيزات الضرورية لمواجهة هذا الفصل.

وتقول ليزا أبو خالد من الفريق الإعلامي للمفوضية "هناك 247 ألف لاجئ مسجلين لدى الأمم المتحدة في البقاع وحوالى 27 ألف قيد التسجيل".

وتضيف "سيحصلون كلهم على مساعدات لمواجهة فصل الشتاء كونهم يعيشون في منطقة ترتفع أكثر من 500 متر عن سطح البحر.
في مدرسة في "سعدنايل"، ينتظر عشرات الرجال والنساء دورهم للحصول على صندوق يحتوي مساعدات وبينها بطانيات خاصة ترفع حرارة الجسم. كما أنهم يحصلون على بطاقة مصرفية خاصة تحتوي على مبلغ معين مخصص فقط لشراء الفيول والمدافئ. كما توزع عليهم شوادر سميكة تقيهم من المطر وسجادات ودعامات خشبية إضافية.
ويوجد حوالى 250 مخيما غير رسمي في منطقة البقاع وحدها.

ولم تتمكن الحكومة اللبنانية من وضع اقتراح إنشاء مخيمات رسمية للاجئين موضع التنفيذ بسبب معارضة قوية من أطراف سياسية داخلية تتذرع بتجربة اللاجئين الفلسطينيين الذين استقروا في مخيمات في لبنان منذ عقود. 
ويشكل اللاجئون السوريون الذين يفوق عددهم الثمانمئة ألف عبئا كبيرا على لبنان ذي الموارد الاقتصادية المحدودة.

وتقول الأمم المتحدة إن 25 مخيما من المخيمات الـ250 معرضة أكثر من غيرها لتغرق بالمياه. لذلك تقوم بحفر أقنية داخلها لمحاولة تصريف مياه المطر لدى هطولها وتجنب كوارث.
في مخيم الدلهمية، تم تعزيز معظم الخيام.

وتقول محبوبة سرحان (27 عاما) وهي أم لسبعة أطفال قدمت مع عائلتها من محافظة حمص في وسط سوريا "الحمد لله، أن الأمم المتحدة تقوم بمساعدتنا. ثبتنا الشوادر البلاستيكية الإضافية، ولدينا مال لشراء الفيول والتدفئة".
وتضيف "خلال الشتاء الماضي، لم يكن في إمكاننا الخروج إلى الحمامات من دون أن نغرق في الوحل بين الخيم".

إلا أن آخرين لا يعتبرون المساعدة المقدمة كافية.

ويقول عبد الله حسين القادم من حمص أيضا وهو يشير إلى خيمة صغيرة "نحن ثمانية أشخاص في هذه الخيمة، أعطوني ثمانية دعائم خشبية وبعض البلاستيك. كيف يمكن لهذا ان يجعلنا نشعر بالدفء عندما يتساقط الثلج؟".

وتقول ليزا أبو خالد إنها تتفهم الشكاوى، وإنها تشكل جزءا من عمل المفوضية الصعب جدا.
وتقول "نحن لا ندعي أننا نقدم لهم تجهيزات خمس نجوم لكننا نحاول أن نحسن ظروف حياتهم".

في مخيم "سعدنايل"، يستعد أحمد العبد لصب طبقة من الاسمنت قرب خيمته.
ويقول "تمكنت من جمع بعض المال لشراء هذه المواد بأجر يومين من العمل، ومن شأن هذا أن يساعدنا على مواجهة الشتاء".

ويضيف "نحن مذعورون من الشتاء القادم، لكن العودة إلى سوريا إلى القصف والموت أسوأ من ذلك بكثير".

ترك تعليق

التعليق