أمريكا وروسيا وإيران والسعودية...اجتماعات غير معلنة لإنقاذ مساعي الإغاثة في سوريا

ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني أن كلاً من الولايات المتحدة والسعودية وإيران روسيا، ودولاً أخرى، عقدت محادثات غير رسمية، يوم الخميس الفائت، بغية وضع استراتيجية لدعم جهود الأمم المتحدة الإغاثية في سوريا.

وأوضحت المجلة أن الاجتماع، الذي تم في مقر البعثة الفرنسية للأمم المتحدة في جنيف، عُقد من أجل وضع أرضية عمل لعقد اجتماع آخر في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري –أي غداً الثلاثاء- لبحث مستقبل جهود الإغاثة الدولية في سوريا.

وبحسب تقرير المجلة الأمريكية، فإن اشتراك مسؤولين أمريكيين وإيرانيين يقدم دليلاً آخر على أن الجمود الدبلوماسي الطويل بين البلدين بدأ بالذوبان، مما يشير إلى وجود مجالات أخرى للعمل أبعد من الدبلوماسية النووية الجارية حالياً بحيث يمكن للأعداء القدامى التعاون فيما بينهم.

وقد نظّمت هذا الاجتماع منسقة الإغاثة الطارئة في الأمم المتحدة، فاليري آموس، من أجل جمع القوى الإقليمية والقوى الخارجية التي تملك نفوذاً على الأطراف المتصارعة. والهدف هو الضغط على الطرفين للسماح لعمال الإغاثة الدوليين بالدخول إلى البلاد، لكي يتمكنوا من مساعدة عشرات آلاف المدنيين الذين لم يحصلوا على المساعدات الإنسانية منذ فترة طويلة.

وبدأت الأمم المتحدة بتقديم المساعدات الأساسية التي تشمل الطعام والدواء لأكثر من 2.5 مليون شخص من بينهم 3ملاين شخص يعيشون في مدن يحاصرها جيش النظام السوري، أُجبر بعضهم على تناول أوراق الشجر للبقاء على قيد الحياة.

ووفقاً لمذكرة سرية طرحتها آموس أمام مجلس الأمن حصلت عليها "فورين بوليسي" فإن "الوضع الإنساني في سوريا يسوء يوماً بعد يوم. كما تم قطع وصول المساعدات الإنسانية بسبب القتال الدائر هناك. وبات الاستهداف المتعمد للمستشفيات والطواقم الطبية من قبل جميع أطراف الصراع حقيقة يومية. اختطاف واحتجاز عمال الإغاثة يزداد يومياً كما هو حال شاحنات الإغاثة. كما أن السوريين لم يرفعوا العوائق البيروقراطية وغيرها والتي تعيق عمال الإغاثة في أداء مهامهم.

ووفقاً لتقرير المجلة، فقد تفاقمت الأزمة بسبب سياسات حكومة النظام التي تعيق وصول المساعدات للمدنيين في معاقل المعارضة، كما أن نظام الأسد يمنع بصورة دائمة وصول الدواء ويضع العراقيل عندما يريد عمال الإغاثة الحصول على تأشيرات المرور. كما أن المجموعات المعارضة المتطرفة هي الأخرى تستهدف السوريين وعمال الإغاثة الدوليين, وتفرض حصاراً على بلدات قرب مدينة حلب.

في 2 أكتوبر (تشرين الأول)، أصدر مجلس الأمن بياناً أدان فيه "جميع حالات منع وصول المساعدات الإنسانية" ودعا إلى تسهيل "الوصول الآمن وغير المشروط للمساعدات في جميع أنحاء البلاد". ولكن الوضع شهد تحسناً طفيفاً جداً خلال الأسابيع الستة التي تلت ذلك.

ونتيجة للإحباط وعدم إحراز تقدم، بدأت كل من أستراليا ولوكسمبورغ بتحضير مسودة أكثر رسمية لمجلس الأمن تهدف إلى زيادة الضغط على جميع الأطراف للامتثال. لكن روسيا عارضت بشدة هذا الإجراء. وبالتالي أقنعت آموس أستراليا ولوكسمبورغ أنه من الأفضل التوقف عن ذلك، ومواصلة الطريق الدبلوماسية من خلال تشكيل مجموعة من الدول ذات النفوذ للسير في هذا الإجراء.

هذا وقد وافقت حكومات بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والكويت وقطر وأستراليا ولوكسمبورغ على قبول دعوة الأمم المتحدة للاجتماع في جنيف. وأخبر دبلوماسيون من السعودية نظراءهم في جنيف أن الوفد بانتظار قرار رسمي من العاصمة. ولكن دبلوماسيين قدموا روايات متضاربة حول ما إذا قبلت إيران الدعوة.

وقالت الرضا ميريوسفي المتحدث باسم البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة إن طهران تنظر بشكل إيجابي إلى جهود آموس. وأضافت: "ناقشت السيدة آموس بعض الأفكار الإنسانية حول سوريا خلال زيارتها إلى طهران مع المسؤولين الإيرانيين. ورحبت السلطات الإيرانية بمبادرات الأمم المتحدة من أجل مساعدة أولئك الذين هم بحاجة للمساعدة"، ولكن وفود أمريكا وإيران في الأمم المتحدة لم يستجيبوا اليوم لطلب الحصول على تعليق حول الموضوع.

واشتكى أحد الدبلوماسيين الغربيين من أن خطة آموس الأصلية –لتنظيم مجموعة مصغرة نسبياً من اللاعبين ذوي النفوذ– أعطت الطريق الآن للكثير من الدول التي ربما تكون غير ذات صلة.

وتضمن اجتماع يوم الخميس أيضاً ممثلين عن ألمانيا ومسؤولين من وكالة إغاثة الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي وصندوق الأمم المتحدة للطفولة والمجلس النرويجي للاجئين.

وقال دبلوماسيون على اطلاع إن فرنسا أصرت على حضور جارة سوريا، تركيا، في اجتماع يوم الثلاثاء، بينما اقترحت روسيا حضور جيران سوريا الذين يشملون العراق والأردن ولبنان.

ويقول أحد الدبلوماسيين، مثيراً القلق من أن اجتماع الثلاثاء سوف يتحول إلى تجمع ضخم للدبلوماسيين يتم تقديم الخطب الدبلوماسية فيه فقط: "المجموعة تزداد حجماً يوماً بعد يوم. ما كان يفترض أن يكون كائناً صغيراً أصبح وحشاً الآن". ولكن من غير الواضح، وفقاً للمسؤول، ما إذا كان ذلك سوف يحقق نجاحاً.

كما قال الدبلوماسي إنه في حين أن الخطة لوضع قرار مجلس الأمن على "الجليد" فإن بإمكان المجلس أن يعتمد قرار كل من أستراليا ولوكسمبورغ إذا فشل اجتماع جنيف في إحراز أي تقدم.

 وكانت السعودية هي الأخرى تعمل على توزيع قرار في مجلس الأمن فيما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية. ومن المفترض أن تخاطب آموس دول مجلس الأمن الـ 15 في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر(كانون الأول)، وفقاً لما أشار إليه الدبلوماسي. وإذا قالت إن الحكومة لا تتعاون، فإن "القرار سوف يعود إلى الطاولة بسرعة كبيرة".

ترك تعليق

التعليق