سورية تقصّ على "اقتصاد" محاولة نصبٍ تحت يافطة الزواج في مصر

روت آنسة سورية مُقيمة في الغردقة المصرية لـ "اقتصاد" تفاصيل محاولة نصب كادت أن تمرّ عليها تحت يافطة الزواج من أحد المصريين، مستغلاً حداثة عهدها بالمجتمع المصري، وضيق هامش معارفها، وعدم اطلاعها على عادات وطبائع المصريين. فقررت "اقتصاد" عرض تفاصيل القصّة للجمهور، بغية الإفادة وتنبيه الغافلين من السوريين في مصر إلى هذه القضية.

إذ حاول أحد الشباب المصريّ الذي يتمتع بقدرة عالية على الإقناع عبر التضخيم الهائل لقدراته وإمكاناته المالية والمهنية، أن يُقنع نور (اسم مستعار للآنسة السورية التي حدثتنا بقصتها) بالزواج عبر عقدٍ لا يحفظ لها حقوقها القانونية أمام المحاكم المصرية، دون أن تكون هي على دراية بخلفيات أهدافه.
وشرح الشاب المصري لـ "نور"أنها، بسبب جنسيتها السورية، تُعامل معاملة الأجنبية أمام القانون المصري، على غرار حالات الأجنبيات الكثيرات اللواتي يتزوجهن الشباب المصري بإقبالٍ كبيرٍ في مدينة الغردقة المصرية الممتلئة بجالية روسية وشرق أوروبية كبيرة.
وأوضح الشاب لـ "نور" أنها، لكونها أجنبية وفق المعاملات القانونية المصرية، لا يُعقد قِرانها أمام المأذون الشرعي المصري، ويتطلب تسجيل عقد الزواج بالمحكمة الشرعية في القاهرة معاملات طويلة قد تطول إلى أكثر من ثلاثة أشهر، لذا اقترح عليها اتباع العادات التي يعتمدها الشباب المصري أثناء الزواج من أجنبية في الغردقة، حسب إدعائه.

وتقضي تلك العادات بأن يسجل الزوجان عقد زواجهما عند محامي قانوني، لكن هذا العقد لا يتضمن أية بنود تتعلق بحقوق المرأة، من مهر مقدّم أو مؤخّر أو قائمة بالأثاث أو غيرها، وهو عقد يقارب نماذج عقود الشراكة في حالات العمل.

وبعد تسجيل العقد عند المحامي، يمكن الذهاب إلى شيخ لترتيب "كتب كتاب" شرعي، على أن يتم تحويل الوثيقة الموقّعة من الزوجين لدى المحامي إلى المحكمة الشرعية المختصة بالقاهرة، التي تقوم بسلسلة إجراءات مُعقّدة قبل أن يستدعي القاضي الشرعي الزوجين ويتبادلان ألفاظ الزواج الشرعي مرة أخرى أمامه، ليصدر العقد الشرعي– القانوني عن المحكمة الشرعية بكل ما فيه من بنود تتعلق بحقوق المرأة المُتفق عليها بين الطرفين، من مهر وقائمة أثاث وغيره.

هذه التقدمة التي طرحها الشاب المصري على "نور"، كادت تمر على الأخيرة، التي أوضحت أنها في بضعة أشهر منذ وصولها إلى الغردقة برفقة شقيقها المتزوج، عُرض عليها الزواج ثلاث مرات، لكنها المرة الأولى التي يصلون فيها مع الخاطب إلى درجة الخوض في التفاصيل المادية الدقيقة.

"نور" التي بُهرت بطريقة كلام الشاب المصري الأخير، وحنكته وذكائه، شعرت براحة غريبة تجاهها، يُضاف إليها أنها كانت تجهل عادات المصريين والقوانين التي تحكمهم في حالات الزواج من أجنبية، نظراً لضيق هامش معارفها من المصريين، وحداثة عهدها بالعيش هنا.
لكن شقيقها أصرّ أن يتأكد من تلك المعطيات، بعد أن شعر أن العقد الذي سيسجّل عند محامي الخاطب، كما طلب الأخير، لن يحفظ أياً من حقوق شقيقته، ناهيك عن أنه لا يتمتع بالشرعية القانونية. فذهبت العائلة إلى محامي مصري دلهم عليه أحد جيرانهم المصريين، دون علم الخاطب، فكانت المُفاجأة أن كل ما قاله الأخير كذب، وأن السوريّة لا تُعامل معاملة الأجنبية في حالات الزواج من مصريين، فالعربيات عموماً يتزوجن عند المأذون الشرعي على غرار حالة المصريات، وأن الفارق الوحيد في حالة السوريات أن المأذون الشرعي يرسل صورة عن عقد الزواج عبر الدوائر المختصة إلى السفارة السورية في القاهرة، وأن عقد الزواج لا يطول كثيراً قبل أن يصدر بصورة رسمية وقانونية تحفظ حقوق الطرفين، وخاصة المرأة.

وفي قائمة عادات المصريين في الزواج ما يُسمى بـ "القائمة"، وهي قائمة تُسجّل عند المأذون وعند الجهات المختصة، تتضمن أثاث المنزل الذي تشارك الزوجة في شرائه، لكنه يُعد لاحقاً، بأكمله، مُلكاً لها.
كما يُسجّل المصريون في بعض الأحيان مقدّم كبير، مقابل التخفيف من قيمة المُؤخر، لأن المأذون يأخذ نسبة مالية حسب قيمة المؤخر.

وبالعودة إلى قصة "نور"، التي رغبت بأن تقصّ تجربتها على "اقتصاد" لإفادة غيرها من السوريات اللواتي ما يزلن قليلات الخبرة بالشأن الاجتماعي المصري، تواصلت مع الخاطب المصري، وأخبرته بأنها راجعت محاميّ آخر غير الذي طلب هو الذهاب إليه، وأنه أخبرها بكذبه، فغضب الخاطب المصري بشدّة وقطع التواصل معها.
وفي هذا السياق، أخبر المحامي المصري صلاح عبد الجواد "اقتصاد" بأن على السوريات الحذر من الزواج بشباب مصري في مدينة الغردقة تحديداً، فالكثير منهم آتٍ إلى هنا بعيداً عن عائلته ومجتمعه للهروب إما من العائلة أو من ماضٍ ما، وفي أجواء المدينة الغارقة بالاختلاط، حيث لا أحد يعرف أحداً، تزداد حالات النصب والاحتيال، والتلاعب والابتزاز، لذا فعلى السوريات، حسب المحامي، التريث كثيراً، والتحقق بدقّة من كل المعطيات التي يخبرهن بها الخاطب المصريّ، ومن الأفضل استشارة محامين محايدين في هكذا حالات، مؤكداً أن هناك عادة سائدة في الكثير من البيئات المصرية، ترفض بموجبها العائلة تزويج ابنهم المصري من فتاة غير مصرية، فيكون الشاب خارجاً عن أهله، ومفتقداً لدعمهم المالي والاجتماعي، ويسعى لتحقيق أي زيجة بأقل التكاليف، ودون أية ضمانات تكفل حقوق الفتاة السورية في حال إدبار الشاب عنها لاحقاً بسبب ضغوط أهله.

ويندُر أن يقع السوريون في قبضة محاولات النصب من جانب بعض المصريين رغم الاحترافية في هذا المجال، لكن السوريين يتمتعون بحسّ حذرٍ شديدٍ، يجعل معظم محاولات النصب عليهم تبوء بالفشل في نهاية المطاف.

بكل الأحوال، فإن أي سوريّ يتمتع بحدّ مقبول من التواصل مع المجتمع المصري حيث يعيش، يستطيع التحقق بسهولة من أية طروحات غريبة يمكن أن تُعرض عليه.

ويبقى أن نقول إن تلك القصّة مثال يدعو لمزيد من الحذر، مع الإشارة إلى أننا لا نستهدف التعميم على المصريين بصفة سيئة أو إيجابية، فمنهم الكثير ممن استقبل السوريين بالكثير من الترحاب وعمل على مساعدتهم بشتى الطرق، كما استقبلهم كثيرٌ آخرون بمحاولات النصب والابتزاز. فلا مكان للتعميم هنا.

ترك تعليق

التعليق