الجامع الأموي بحلب.. شاهد عيان على الوجه القبيح للحرب الدائرة في سوريا

لم تضع الحرب التي تشهدها سوريا منذ ما يقرب من (4) سنوات أوزارها بعد، وفي كل يوم تتكبد العديد من المدن، والبلدات، والقرى، في كافة المحافظات السورية، خسائر بشرية، ومادية كبيرة، حتى باتت هذه الدولة التي تسيطر عليها الدموع، تُعرف بالبلد التي يهجرها أهلها، خوفا على حياتهم من بطش قوات النظام، والجماعات الإرهابية المختلفة.

ولعل الأثار التاريخية الكبيرة التي تشتهر بها بعض المدن السورية، أحد أكبر المتضررين من العمليات العسكرية المختلفة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، مدينة حلب الواقعة في الشمال السوري، تلك المدينة التي تضم مجموعة من الأثار التاريخية، الباقية من عدة حضارات، وطأت هذا البلد، ومنها الحضارتان العثمانية، والسلجوقية.

ومن تلك الأثار حمامات تاريخية، وكليات دينية، ونُزل للتجارة، وجوامع، كلها آثار تمثل في الوقت ذاته شهود عيان لا تنطق، سجلت في صمت كافة الأحداث، التي تشهدها المناطق التي توجد بها، شهدتها بكل التفاصيل، لكنها تقف عاجزة عن رواية ما حدث، ولازال يحدث حتى هذه اللحظة.

ومع أنها لا تنطق، إلا أن قوات النظام السوري، وغيرها من الجماعات الإرهابية، أبت أن تُبقى عليها لتظل كما هى مَعْلَماً تسترشد به الأجيال لتقودها إلى حضارات قديمة ولت عصورها، استكثرت تلك القوى على تلك الآثار أن تبقى القاص الصامت، الذي لديه القدرة بصمته على أن يحكي للأجيال القادمة، أهم ملامح الحضارات التي جاءت منها.

عمدت تلك القوى إلى هدم تلك الأماكن التاريخية، كعادتها دائما في الهدم، والخراب، لتهدم بعضها بالفعل، وتعرض أخرى لخطر كبير سيقضي عليها أيضا، ويفقدها قيمتها التاريخية التي تتمتع بها، ومن تلك الآثار المعرضة للخطر، الجامع الأموي الذي يبلغ عمره (1300) عام، والذي تعرض للقصف بالصواريخ والمدافع، بل وتم حرقه.

وكان ضرب مئذنة هذا الجامع أول طعنة توجه له، تسببت في سقوط المئذنة التي طالما اعتلاها المؤذنون على مر العصور، التي قام فيها المسجد بتنشئة، وإعداد مئات بل ربما آلاف العلماء، الذين نشروا علمهم في مختلف ربوع العالم الإسلامي، ومع هذا بقى المسجد بلا مئذنة يشاهد في صمت الوجه القبيح للحرب الدائرة، لتناله عقب ذلك طعنة ثانية قضت على ميضأته، ثم قصف أكثر من مرة ليتحول إلى خرابة.

ومن غير المعروف إن كان هذا الجامع المدرج على قائمة التراث الثقافي العالمي لليونسكو، سيظل واقفا على قوائمه، وأركانه حتى تنتهي الحرب، أم لا، لكن المؤكد للجميع أن الحرب كانت لها تأثيراتها السلبية على البشر، والحجر، والمباني التاريخي الهامة.

وفي تصريحات أدلى بها لمراسل الأناضول، قال "أبو عمار" مسؤول الجبهة الإسلامية، المعني بحماية الجامع، إن قوات النظام السوري تتمركز في مناطق قريبة منه، وتشن هجمات مختلفة من أجل أن تسيطر عليه، مشيرا إلى قيام تلك القوات بحرق جزء من المسجد، وهدمه.

ترك تعليق

التعليق