تنظيم "الدولة" يُغلق المدارس بذريعة "الدورات الشرعية"

أكدت مصادر إعلامية عدّة أن تنظيم "الدولة الإسلامية" قرر وقف التدريس في مدارس منبج بريف حلب الشمالي الشرقي إلى حين الانتهاء من إخضاع المدرسين لـ "دورات شرعية".

وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن التنظيم يعتزم فتح المدارس من جديد بعد انتهاء الدورات.

يأتي إجراء التنظيم هذا بعد أسابيع من اتخاذه إجراءاً مماثلاً في دير الزور والبوكمال والرقة.

وتعدّ منبج من أكبر مدن ريف حلب وأكثرها تعداداً سكانياً، كما تعتبر ملاذاً آمناً نسبياً للكثير من النازحين في محافظة حلب.

وتحتل سوريا، وفق إحصائية لمنظمة "أنقذوا الأطفال" البريطانية، ثاني أعلى معدل في العالم من حيث عدم التحاق الأطفال بالمدارس. وأكدت المنظمة أن ما يقارب من 3 ملاين طفل سوري لا يذهبون إلى المدارس.

وحسب تقرير لصحيفة "الشرق الأوسط"، فإن أهالي منبج لا يعلمون السبب الحقيقي وراء قرار تنظيم "الدولة" بإغلاق المدارس مؤقتاً، سوى ما يتسرب من أن التنظيم سيباشر قريباً بطباعة مناهج خاصة به، فالمناهج الحالية موضوعة من قبل النظام السوري وأخرى من قبل المعارضة، وكلاهما لا يناسب فكرياً التنظيم.

 ورصد تقرير الصحيفة ردود أفعال أهالي منبج حيال قرار التنظيم، إذ قال أحدهم، وهو أب لـ 3 أولاد: "في البداية فرضوا ضريبة مالية، بمعدل ألف ليرة سورية على كل تلميذ ليحق له الالتحاق بالمدارس، في حين كان النظام يفرض غرامة مالية (50) ليرة تحت بند (تعاون ونشاط). ورغم الأوضاع المالية السيئة دفعنا المبلغ، وكان التنظيم يهدف من وراء ذلك القرار إلى التضييق على الأهالي كي لا يرسلوا أبناءهم للمدارس ويرسلوهم بدلاً من ذلك للمعسكرات الشرعية. ثم جاء القرار النهائي بإغلاقها ليجبروا الأهالي على الالتحاق بالمدارس الشرعية، التي تعتبر معسكرات يتعلم فيها الطفل الذبح بالسكين واستخدام البنادق والأحزمة الناسفة ويطلبون منهم مبايعة الأمير، لا العلوم الشرعية كما يقولون".

أما أدهم، وهو مدرس من منبج، فحاول بشتى الوسائل إرضاء التنظيم للبقاء في مهنته كمعلم في مدرسة ابتدائية، وعندما فرض التنظيم اتباع دورة شرعية واجتياز الاختبار الشرعي شرطا للاستمرار في متابعة المهنة، أُجبر على اتباعها "رغم أن المنهج المتبع كان واضحاً ويتجه نحو زرع أفكار التطرف" كما يقول المدرس أدهم، الذي ويتابع قائلاً: "بالأساس كان الأهالي مترددين في إرسال أبنائهم إلى المدارس خوفا من القصف، وكنا نخشى انقطاع مرتباتنا من قبل النظام رغم أنه ضيق علينا واعتقل الكثير من المعلمين عندما ذهبوا إلى حلب لقبض مرتباتهم. أما الآن فالمستقبل مجهول بالنسبة لنا ولعوائلنا، وقد يعمد النظام إلى قطع الرواتب وكأنها خطة مسبقة بينه وبين التنظيم لتخفيف الأعباء المالية عنه، حتى المدارس الخاصة أغلقت رغم أن التنظيم فرض ضريبة مالية على كل طالب تقدر بنصف ما يدفعه الأهالي للمدرسة الخاصة، ومن يضطر للتدريس في المدارس الشرعية الخاصة بالتنظيم عليه مبايعة البغدادي وتقديم الولاء له".

ويقول أحمد وهو طالب في الصف التاسع، إن مستقبله بات مجهولا وبات يفكر بشكل جدي بترك التعليم والتوجه للعمل في السوق مع والده في محل الخضار، فالانتقال إلى حلب للدراسة مكلف جدا، ولا يمكن لوالده تحمل أعبائها المالية، كما أن مدارس الحكومة السورية المؤقتة لم تعد موجودة كما كانت في العام الماضي، وحتى لو كانت موجودة فشهاداتها غير معترف بها.

ويتوقع أن يعود التلاميذ إلى مدارس منبج بعد انتهاء التنظيم من وضع برامج جديدة بدلاً من البرامج الرسمية التي كانت تعتمد، بحسب ما سبق للتنظيم أن أعلن عند إقفال مدارس دير الزور.

بدوره، أشار رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أنّه يعمل في مدارس دير الزور وريفها بصورة عامة نحو 10 آلاف مدرّس مثبّتين أي تابعين لوزارة التربية السورية، لا يزالون يتقاضون رواتبهم من النظام. وأوضح في حديث لـ"الشرق الأوسط" أنّ هناك أيضاً نحو 7500 مدرس "وكلاء" أي متعاقدين يعملون مقابل الساعة، لكن هؤلاء وبعدما كان التنظيم تكفّل برواتبهم عند سيطرته على المنطقة، عاد قبل أسابيع قليلة وأبلغهم أنه سيتوقف عن الدفع. وفيما كان يدرس في مدارس المحافظة قبل الأزمة، نحو 150 ألف تلميذ، فإنه يقدّر عدد التلاميذ اليوم بـ100 ألف، يتلقون دراستهم في ألف مدرسة، وفق عبد الرحمن، مشيرا إلى أنّ عدد مدارس المنطقة هو 1200 مدرسة، لكن تلك التي لم تعد تعمل اليوم، إما دمّرت أو لم تعد صالحة للاستعمال.

ترك تعليق

التعليق