"حقل الشاعر"...المعركة المُرتقبة بين النظام والتنظيم

خلال يومين فقط، أرسل بشار الأسد مسؤولَين حكوميَين للإشراف، بأنفسهم، على الواقع الميداني في المصدر الأخير للنفط والغاز، الواقع تحت سيطرة النظام، في محيط جبل الشاعر ومنطقة جحار، في ريف حمص الشرقي.

الموقع، الذي يُعتقد أن يشهد الفصل الأخير من معركة "النفط والغاز" بين النظام وتنظيم "الدولة الإسلامية"، يمثّل شريان الحياة الأخير لنظام الأسد، بما يحتويه من آبار ومنشآت.

منذ يومين أرسل الأسد وزير نفطه، سليمان العباس، إلى "جبل الشاعر". وأطلق العباس من هناك تصريحاته تطمينية، أكدت رعب النظام من سيناريو فقدان تلك المنطقة. أمس، كلف الأسد رئيس وزرائه، وائل الحلقي، بالذهاب إلى هناك شخصياً للإطلاع على الواقع الميداني في المنطقة.

المنطقة التي تعرضت لثلاث هجمات شرسة من جانب تنظيم الدولة الإسلامية، خلال السنة الماضية، كلفت النظام خسائر بشرية هائلة لاستعادتها، تحولت اليوم إلى ثكنة عسكرية كبيرة، تؤكد الأولوية التي يوليها النظام للاحتفاظ بحقل الشاعر ومحيطه.

حقل الشاعر ومحيطه يُعتبر المصدر الأخير للنفط والغاز الخاضع لسيطرة النظام، بعد أن فقد الأخير كل مصادر الثروة الباطنية في شرق، وشمال شرق البلاد.

وحسب تقرير قديم لـ "العربي الجديد"، يُقدّر إنتاج حقل الشاعر من الغاز الطبيعي بنحو ثلاثة ملايين متر مكعب يومياً، كما يوجد في الحقل مضخّة أو مصفاة أساسية للغاز، تضخّ يومياً نحو 205 ملايين متر مكعب من الغاز، ومضخّة أخرى احتياطيّة قادرة على ضخّ ما يقارب ستة ملايين متر مكعب من الغاز يومياً.

ويضمّ حقل الشاعر الموجود على جبل الشاعر، الذي يبلغ ارتفاعه عن سطح البحر 1279 متراً، أنبوباً لنقل الغاز، بطول 77 كيلومتراً، يغذّي الشبكة الوطنيّة للغاز، المسؤولة عن إنتاج الكهرباء في سوريا. وسيحتّم هذا الأمر على النظام، العمل للمحافظة على الحقل والاستماتة من أجل عدم عودته إلى يد مقاتلي التنظيم، مهما كلّف الثمن، باعتباره يشكّل العمود الفقري وآخر مراكز إنتاج الطاقة في سوريا.

وتحتوي منطقة حقل الشاعر وجحار على ثلاثة معامل للغاز، معمل غاز حيان ينتج يومياً نحو 3 ملايين متر مكعب من الغاز ومعمل غاز إيبلا وينتج 2 مليون متر مكعب يومياً، ومعمل غاز جنوب المنطقة الوسطى وينتج 5 ملايين متر مكعب يومياً.

كان النظام قد خسر في معارك تدمر حقل الهيل وشركة آراك ومواقع نفطية أخرى مهمة كجزل، إلى جانب خسارته لمحطة الغاز الثالثة T3 التي كانت تغذي شركة الفرقلس وميناء طرطوس. وتذهب تقديرات إلى أن النظام خسر حوالي 75% من موارد الكهرباء والغاز في سوريا، بعد معارك تدمر.

ويعتقد مراقبون أنه في حال خسر النظام منطقة حقول الشاعر وجحار، بريف حمص الشرقي، فسيسبب ذلك له الضربة القاصمة على صعيد التزود بالغاز والنفط، وحتى على صعيد تشغيل محطات توليد الكهرباء، الأمر الذي قد لا تنحصر انعكاساته على تأمين متطلبات المناطق الخاضعة لسيطرته من النفط والغاز والكهرباء، بل ستتعداها إلى حصول عجز في قدرته على تأمين الوقود المطلوب لتمويل آلته الحربية.

فهل ستكون منطقة حقول الشاعر وجحار الوجهة الجديدة لمعارك النظام والتنظيم؟، وهل سيتمكن النظام من صدّ التنظيم عنها، للمرة الرابعة على التوالي؟

زيارات مسؤولي حكومة النظام المكثفة، وعلى أعلى مستوى، إلى تلك المنطقة، تؤكد أن النظام يترقب هجوماً وشيكاً للتنظيم باتجاه آخر مصادر النفط والغاز المتوافرة لدى الأسد. وبالتالي، علينا أن نترقب خلال الأسابيع القادمة فصلاً جديداً من سلسلة معارك "حقل الشاعر"، التي أثخنت النظام بخسائر هائلة خلال السنة الماضية، رغم نجاحه في استعادة المنطقة، ثلاث مرات متوالية.

ترك تعليق

التعليق