المستثمرون السوريون في تركيا بين خوفٍ متزايد وذهبٍ هابط

شهد عاما /2014/ و/2015/ حتى الآن نمواً كبيراً في الصادرات التركية إلى السوق السورية، فلقد تم في العام الماضي /2014/ استرجاع رقم الصادرات التركية إلى سوريا على ما كان عليه في عام /2010/ ومقداره (1.8) مليار دولار أمريكي.

وقد أدار هذا النمو مجموعات من التجار السوريين الذي استقر بهم المطاف في تركيا، والذين أقام معظمهم شركات تجارية متفاوتة الحجوم والقوة، استرجعت شبكة علاقاتها القديمة في السوق السورية، ولا سيما منها الشمالية والشرقية، وتمكنوا من بناء قنوات مالية سهلت عملية التبادل التجاري الذي اتسم بحركة تصدير تركية لم يسبق لها مثيل إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

إلا أن التطورات الأخيرة والتي اتسمت بالخطورة في النصف الثاني من شهر تشرين الثاني، أفضت إلى مخاوف عميقة لدى هذه الأوساط التجارية نظراً لبروز مخاوف حقيقية على أمن وسلامة المعبرين الحدوديين النشطين بين سوريا وتركيا، وهما (باب السلامة) و(باب الهوى)، سواء من حيث زيادة حدة القصف الروسي الثأري على المعبرين، بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية، أو تجاه تطورات عسكرية داخلية محتملة في الشمال السوري، ربما تفضي إلى إغلاقهما، مما جعلهم على ما يبدو يفكرون بالخيارات البديلة المتاحة أمامهم في ظل أجواء الخوف والترقب التي تعتري الموقف، خاصة أن هذه التطورات قد لحقت بسيطرة قوات (البيشمركة) الكردية التابعة لإقليم كردستان العراق على طريق سنجار الواصل بين سوريا والموصل، والتي كانت تعبر منه السيارات التجارية القادمة من تركيا، من معبر باب السلامة.

وأمام ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة التركية يجد التاجر والمستثمر السوري في تركيا في (الدولار الأمريكي) أماناً أكبر نظراً لعدم تحسن الليرة التركية بعد الانتخابات، ويصر على اعتماده في تسديد العمليات التجارية مع الداخل السوري واحتساب أرباحه وفق قوائم مالية دولارية، بالتوازي مع التقليل من الكميات المُصدرة بالآجل مع سعي حثيث لتخفيف المديونية، الأمر الذي أدى إلى زيادة في الأموال الدولارية السائلة لديهم، والتي تعمر بها حساباتهم في المصارف وشركات الصرافة التركية.

وعلى الرغم من أن الطبيعي في هذه الحالة هو أن تتوجه رؤوس الأموال إلى استثمارات ذات عوائد، وعلى الرغم من أن الذهب يفقد ميزته في الأسواق المالية كملاذ آمن ومخزن للقيمة، نتيجة التوقعات بقيام الاحتياطي الأمريكي برفع أسعار الفائدة في شهر كانون الأول/2015؛ إلا أن عدم وجود بدائل استثمارية جيدة أمام المستثمرين السوريين في تركيا، قد يدفعهم على ما يبدو إلى زيادة اللجوء إلى الذهب وشراء كميات غير اعتيادية منه؛ حيث أن أسعار الذهب المستمرة في الهبوط منذ ستة أسابيع متتالية، يتوقع أن يزداد تسارع هبوطها مع اقتراب الذهب من المستوى النفسي /1000/ دولار للأونصة، حيث وصل يوم السبت 28/11/2015 إلى /1052/ دولاراً للأونصة مقترباً من أدنى مستوىً له منذ عام /2010/، الأمر الذي يزيد من خطورة المستويات الحالية للذهب.

 ويتوقع في حال استمرار الأجواء الخطرة التي تعصف بالحدود السورية التركية، أن يزداد الميل الحدي للاستثمار في الذهب في صفوف المستثمرين السوريين المتواجدين في تركيا خلال الأيام القليلة القادمة، لاسيما أمام حالة الخوف والترقب المشار إليها، والتي قد تجعلهم يقطعون الأمل لفترة ليست بالقصيرة بأي استثمارات ذات عوائد جيدة، ووجود توقعات بتحسن واقع الاقتصاد الصيني، وعودة الصين المرتقبة إلى سوق الذهب، الأمر الذي يعول عليه المستثمرون بالذهب لتحقيق مكاسب خلال الربع الأول من العام القادم /2016/.

وفي حال لم ينل الذهب نصيبه المتوقع هذا من استثمار السوريين، ضمن خيار البقاء في تركيا، وعجزت الحكومة التركية عن تأمين ضمانات وعوامل جذب استثمارية للسوريين في أراضيها، وفشلت تركيا في مشروع المنطقة الآمنة في الشمال السوري، فإن نوعاً من الهروب قد تعيشه رؤوس الأموال السورية في تركيا إلى خارجها، الأمر الذي قد يزيد من التوجه نحو السوق الأوروبية، أو مصر، وربما إلى التفكير بعودتها إلى الداخل السوري وفقاً لتطورات الأوضاع الأمنية والعسكرية التي تختلف سيناريوهاتها بين تحسن وضع النظام السوري وإعادة تأهيله، أو إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات كردية في الشمال السوري في إطار مشروع سياسي متمدد مدعوم غربياً.

ترك تعليق

التعليق