زهران علوش.. واقتصاد تحت الحصار في الغوطة الشرقية


عانت مناطق الغوطة الشرقية والتي كانت تقع تحت سيطرة "جيش الإسلام"، بقيادة الشهيد زهران علوش، سنوات مريرة من الحصار الاقتصادي من قبل النظام، هي الأشد على مستوى سوريا، بحيث كانت مناطق الغوطة الشرقية مضرباً للمثل في غلاء الأسعار، والتي تجاوزت عشرة أضعاف مقارنة بمناطق النظام، في بعض السلع.

ومن أمثلة هذا الغلاء يمكن أن نورد أسعار بعض السلع الأساسية التي كانت متداولة في الغوطة الشرقية وهي على الشكل التالي:
المازوت تجاوز في بعض الأحيان الـ 3000 ليرة للتر الواحد، والبنزين بـ 4500 ليرة ليرة للتر الواحد، بينما حالياً بـ 1000 ليرة للمازوت و1200 ليرة للبنزين، وربطة الخبز 600غ بـ 650 ليرة, شاي 1كغ بـ 15000 ل.س, السكر 3000 ل.س, الأرز 1500 ليرة للكيلو الواحد.

وبحسب الدراسة التي أعدها الباحث مهند دلال، قبل نحو شهرين، عن الغوطة الشرقية، ضمن سلسلة "اقتصاد تحت الحصار" التي يصدرها المركز السوري للدراسات والأبحاث، فهو يشير إلى أن عدد سكان الغوطة الشرقية بحسب إحصاء عام 2004 بلغ 640 ألف نسمة بتعداد أسر 140 ألف أسرة حتى العام 2011، ويضيف أن الغوطة الشرقية تحملت خلال سنوات الثورة الماضية الكثير من الخسائر البشرية نتيجة قصف النظام الهمجي إذ تشير الأرقام الموثقة، بحسب الباحث، إلى مقتل أكثر من 15760 شخصاً حتى حزيران الماضي، كما تسببت عمليات القصف العشوائي والقتل بهجرة عدد كبير من سكان الغوطة إلى أماكن أكثر أمناً وبعضهم هاجر إلى خارج البلد، وتقدر الأرقام بأكثر من 300 ألف شخص.

ويُقدر الباحث مهند دلال، عدد الأسر المتبقية في الغوطة الشرقية حالياً بنحو 88 ألف أسرة، لم تمنعهم سياسات الحصار التي يفرضها النظام عن ممارسة حياتهم ونشاطهم اليومي في العمل وفي الزواج والإنجاب، ويشير إلى أن عدد المواليد الجدد في العام 2014 بلغ أكثر من 3570 مولوداً في مدينة دوما لوحدها.

وفي حديثه عن حصار الغوطة الشرقية اقتصادياً، يتابع الباحث دلال، أن التضييق عليها بدأ في العشرين من تشرين الأول من العام 2012، مع بدء الحملة العسكرية على مدينة حرستا في ذلك الوقت، أما الحصار الكامل فقد بدأ بعد عام أي في 2013، حيث عمد النظام إلى إغلاق جميع المعابر التي تربط الغوطة مع دمشق، وبدأت معها معاناة كبيرة للأهالي ترافقت مع تراجع الإنتاج الزراعي في المنطقة بسبب القصف المستمر.

كما تسـبب الحصـار بانخفـاض كبير في عرض مختلف السـلع والمواد الغذائية وغيـر الغذائية وصولاً إلى غلائها وفقدانها فيما بعد.

وفي حسابه لمعدل التضخم في الأسعار لـ 127 سلعة، يصل الباحث إلى أنه حتى شهر آب من العام الجاري وبالمقارنة مع العام 2011 فإن معدل التضخم وصل إلى أكثر من 166.5 بالمئة، إذ كانت الأسرة تعيش على مبلغ قدره نحو 13 ألف ليرة سورية، وأصبحت بحاجة إلى نحو 232 ألف ليرة من أجل أن تؤمن نفس المتطلبات التي كانت تستهلكها في  العام 2011.
     
وفي مفارقة غريبة، يؤكد الباحث أن المادة الأكثر تضخماً في ارتفاعها كانت ملح الطعام، حيث وصل معدل الارتفاع بها إلى أكثر 11900 بالمئة، أما المواد الأقل تضخماً فكانت اللحوم حيث وصلت النسبة إلى 370 بالمئة، أما الخضار فقد تراوحت نسب التضخم في أسعارها ما بين 300 بالمئة إلى أكثر من 1700 بالمئة.

وفي أدوات التغلب على هذا الواقع والتعايش معه، يقول الباحث أن سكان الغوطة استطاعوا أن ينتجوا نظاماً اقتصادياً خاصاً بهم، يعتمد على تحقيق الكفاية الذاتية للحياة المعاشية، مع إيجاد الحلول البديلة للسلع التي لا يمكن الحصول عليها إطلاقاً مثل الغاز المنزلي، حيث استطاع البعض أن يطور طريقة للحصول على غاز الميثان من خلال بعض التجارب والتي خففت الكثير من معاناة الأهالي.

كما أن الأهالي في الغوطة الشرقية، بدأوا يلجؤون إلى المشاريع الصغيرة في قطاع الزراعة والصناعة مشيراً إلى أن أكثر من 75 بالمئة يعملون ويعتاشون بالأجر من خلال العمل في الزراعة، وعمد الكثير من المختصين إلى تطوير وحدة الإنتاج في الأرض الزراعية، بحيث أصبحت قطعة صغيرة من الأرض، تشكل مشروعاً تعتاش منه عدة أسر.

 أما عن دور جيش الإسلام وإدارته لهذه المنطقة، يشير ناشطون إلى أنه لم يكن يتدخل في الإدراة المدنية والاقتصادية للغوطة الشرقية إلا في حدود المساعدة الإغاثية عبر جلب المساعدات الغذائية من مناطق خارج الغوطة إلى داخلها، كما أن جيش الإسلام يضم أكثر من عشرين ألف مقاتل، يحصلون على دخول مادية تشكل مساعدة مهمة لأسرهم، لكن كل ذلك لم يشكل سوى مساهمة بسيطة في التخفيف من آثار الحصار الاقتصادي، حيث أن الأولوية بالنسبة لجيش الإسلام كانت للمعارك وصد محاولات النظام لاقتحام المنطقة.
 
إن العرض السابق، وهو موجز، يعطينا فكرة بسيطة عما كانت تواجهه هذه المنطقة بالقرب من دمشق، من صعوبات اقتصادية ومعاشية، ومع ذلك استطاعت أن تصمد وتقاوم وتحقق الانتصارات.

ترك تعليق

التعليق