في مضايا.. الموت حنيناً للخبز


"حصار مضايا الذي تقرؤه غير الذي تشاهده أخي محمد، أكثر العائلات منذ خمسة أيام لم يدخل بطونها سوى الماء.. أي تقرير تبحث عنه ولماذا؟"، هذا ما بدأ به أبو الحسن رئيس المجلس المحلي بمضايا حديثه لـ "اقتصاد" عن رحلة الحصار والجوع والموت في البلدة، والتي خلفت العشرات والعشرات من الضحايا.

لكن أبو الحسن يشفع حديثه الحزين، البائس بالقول، "هل يوجد أناس يسمعون صريخنا؟".

في معرض الجواب نكتفي بالرد أننا في موقع "اقتصاد" سنوصل هذا النداء المستعجل إلى ضمير الإنسانية، وهذا جهد المقل!

 180 يوماً على بداية رحلة الموت

كالعديد من بلدات ريف دمشق الغربي دخلت بلدة مضايا تحت عباءة حصار خانق، راح يلتف حول عنق أبنائها يوماً بعد يوم، ليصل في يومه الثمانين بعد المائة إلى أقسى حالاته، ويسجل التاريخ مشاهد لا تعرف الرحمة لأطفال ونساء وشيوخ يرحلون عن هذه الدنيا نتيجة الجوع والحنين الطويل لرغيف الخبز.

تقارير صحفية أشارت إلى سقوط أكثر من 60 شهيداً بينهم سبعة أطفال خدج نتيجة الجوع، بينما يؤكد أبو الحسن سقوط ثلاث وفيات يومياً على الأقل، مضيفاً: "الحصار القاتل بهذا اليوم يصل إلى 180 يوماً، والمحاصرون 40 ألف نسمة.. لا كهرباء ولا أدوية ولا طعام، أغلبية العائلات تشرب الماء مع البهارات يغلونه ويشربونه، مضايا أصبحت الصومال الثانية".


أسعار خيالية

"اقتصاد" سلط الضوء في وقت سابق على هذا الموضوع ونشر الموقع صورة تضم مواد غذائية من زيت وخبز لا تتعدى المائدة الواحدة عرضت للبيع في مضايا بنصف مليون ليرة!!

أسعار المواد وصلت الى أرقام خيالية فعلاً، القمح والبرغل والفول والشعير بـ 27 ألفاً، والزيت والطحين والسكر بـ 30 ألفاً، بينما وصل حليب الأطفال إلى 100 ألف.

أبو الحسن قال ضمن حديثه عن هذا الموضوع: "أدوية لا يوجد نهائياً، عداك عن حليب الأطفال النادر الوجود، الجو بارد جداً ولا وقود أو حطب، تدخل مواد إغاثية عن طريق التهريب بوزن لا يتجاوز المائة كيلو لـ 40 ألف محاصر، لم يبق أعشاب أو ما شابه ذلك، حتى أوراق الشجر أكلت، والمواطنون ينازعون الموت!!".

طرق متعددة للموت

في مضايا تتعدد طرق الموت وتتنوع الوسائل التي تؤدي في نهايتها إلى الخلاص، عدا الموت جوعاً الذي سجلت ضحاياه بالعشرات؛ أشار أبو الحسن إلى 20 شهيداً فقدوا أرواحهم نتيجة الألغام التي تنفجر بهم أثناء محاولتهم تهريب المواد الغذائية للمحاصرين، ويؤكد بالقول: "أكثر من عشر حالات بتر للساق جرت في البلدة، آخرها طفل بترت ساقاه وذراعه".

 "استجيبوا".. صرخة في ضمير الإنسانية

نتيجة لتأزم الأوضاع الإنسانية في بلدة مضايا قام الأهالي باعتصام استمر سبعة أيام تحت عنوان "استجيبوا"، ويوضح أبو الحسن: "كان هدف الحملة المطالبة بفك الحصار عن مضايا والزبداني وبقين"، متابعاً: "لم نجد لدى مطالبنا آذاناً صاغية".


إلى أين المصير؟

في وقت سابق نقل راديو الكل عن الناطق باسم المجلس العسكري بدمشق وريفها "أبو الحكم" قوله إن الأمم المتحدة كانت ترعى الهدنة الموقعة بين أحرار الشام وميليشيا إيران في مضايا لكنها تنصلت من هذا الموضوع ولم تتدخل في البلدة منذ ثلاثة أشهر، مضيفاً: "عطل التدخل الروسي تنفيذ المهمة".

"اقتصاد" بدوره سأل رئيس المجلس المحلي عن موضوع الهدنة، فأجاب: "هناك تواصل مع النظام من لجنة المفاوضات في مضايا ولكن.."، ملمحاً إلى أن ربط مضايا بمصير كفريا والفوعة هو ما يُؤزم المسألة.


وفي نهاية المطاف، تقارير عديدة أعدت ونشرت عن رحلة الموت في مضايا، وصرخات من الأهالي أطلقت طلباً للنجدة، ترى، هل وصلت كل هذه النداءات والاستغاثات؟، هل ستنفع في كسر الحصار المشؤوم على 40 ألف جثة حية داخل المدينة؟، أم أنها، ستذهب أدراج الرياح!.. وعلى مضايا السلام.

ترك تعليق

التعليق