ما السر وراء إصدار النظام قوانين على عجل..؟!


لم يكد الجدال ينتهي حول الاستعجال الذي تم فيه إصدار قانون التشاركية الجديد بين القطاعين الخاص والعام، حتى أعلن رئيس حكومة النظام أن هناك قانون جديد للاستثمار سوف يصدر خلال 15 يوماً.. فما السر وراء إصدار هذه القوانين وبهذه السرعة..؟!، وما الذي يعده النظام لهذا البلد بعد أن بات خراباً ومرتعاً لكل القوى والأطراف الإقليمية..؟!

كل من يقرأ القوانين الأخيرة، بدءاً من القانون الأكثر جدلاً والذي يسمح للوحدات الإدارية في المدن والبلدات بتأسيس شركات مساهمة، مروراً بقانون الاستثمار الذي ينوي النظام إصداره، انتهاءاً بقانون التشاركية الأخير، سوف يقف على ملاحظة شديدة الأهمية، وهي أنها جميعهاً تهدف لإعطاء القطاع الخاص والشركات الأجنبية امتيازات غير محدودة في استثمار أملاك ومنشآت الدولة.. كذلك نستطيع أن نتنبأ بما يخطط له هذا النظام في المرحلة القادمة، انطلاقاً من أن إصدار كل هذه القوانين انحصر في مدة زمنية لا تزيد عن ستة أشهر، وهذه الفترة شهدت الكثير من التطورات على المستوى السياسي والعسكري بالنسبة للنظام، تكللت أخيراً باستجلاب التدخل الروسي ومنحه امتيازات كبيرة في شقه العسكري وقد تم كشفها، لكن لم يتم الكشف عن الامتيازات في الشق الاقتصادي.. وهو ما سنتحدث عنه:

لقد ترافق التدخل العسكري الروسي إلى جانب النظام، بحركة غير طبيعية على مستوى الحكومة لم تكن مرئية بوضوح للآخرين، حيث طلب منها على عجل أن تباشر بإعداد ملف عن الاحتياجات الاقتصادية التي يمكن للروس تلبيتها والمساهمة فيها، تحت بند تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.. كما قامت روسيا بإرسال عدد كبير من رجال الأعمال وممثلين عن الشركات الكبرى إلى دمشق للتباحث فيما يمكن أن تقوم به هذه الشركات لتطوير البنى التحتية للقطاعات الصناعية والزراعية والسياحية على وجه الخصوص.

ومن هذه الشركات، شركة "سوفوكريم" الروسية العملاقة، التي عقدت حتى الآن عدداً كبيراً من الاتفاقيات مع الحكومة لإعادة تأهيل عدد من المصانع دون الكشف عن القيم المالية لهذه المشاريع.. كذلك يتواجد حالياً في دمشق ممثلين عن شركات نفط وغاز روسية كبيرة، ومثلين عن شركات صناعة السيارات، وممثلن عن شركات في قطاع التعدين، وغيرها، وكلها تحاول أن تستأثر بالحصة الأكبر من السوق السورية فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي..

أما عن علاقة وجود هذه الشركات، بالقوانين الجديدة التي يصدرها النظام على عجل وعلى غير هدى، فالهدف واضح، هو تهيئة البنية التشريعية لمنح الشرعية المطلقة لوجود هذه الشركات وبشكل دائم وبحماية قانونية، وبالتالي لن تكون أي سلطة قادمة، قادرة على تغييرها بمنتهى السهولة.. فحتى الآن لم يتم الكشف عن أية قيم مالية جرى الاتفاق فيها مع هذه الشركات ولا حتى طبيعة العقود التي تم توقيعها، وما هي طرق تسديد الدولة لهذه العقود.. وهو أمر مقصود إخفاؤه، لأنه ينطوي على كوارث حقيقية فيما يتعلق بمستقبل سوريا..

وفي موازاة كل ذلك، فإنه لا يتم الكشف عن التحركات الإيرانية، الرامية كذلك لأن يكون لها حصة في السوق السورية مقابل أتعابها إلى جانب النظام.. وهو ما سيشكل صدمة كبيرة فيما بعد عندما يتم فضح حيثياته.. وكل الخشية أن يتم ذلك بعد فوات الأوان..

باختصار: النظام عبر هذه القوانين والتشريعات الجديدة، يريد أن يدفع المستحقات المطلوبة منه لهؤلاء الشركاء، وهم يريدون أن يحفظوا حقوقهم ومستحقاتهم، سواء بقي النظام أو رحل.. لأن هذه الدول تشبه شركات الحماية الخاصة، إنها في النهاية تريد أجراً.. لكن ماذا يفعل من لا يملك هذا الأجر"كاشاً"..؟!، الإجابة: سوف يلعب بالبنبة القانونية والتشريعة في البلد.. وهو ما يقوم به النظام بمنتهى الطواعية.. 

ترك تعليق

التعليق