"#الحيوان_بألفين" يغزو الافتراضي.. ونظيرته الورقية تتحدى الأسواق المحررة


خلال الأيام الماضية أعلن النظام عن طرح فئة جديدة من العملة السورية تحمل قيمة ألفي ليرة.. فكيف استقبلت مناطق المعارضة هذه الخطوة؟

الـ 2000 ليرة الجديدة تتسرب إلى إدلب

على مواقع التواصل أعلن معارضون ونشطاء استياءهم من العملة ذات الألفي ليرة لاسيما وأنها تحمل صورة رأس النظام المسؤول عن جميع الجرائم المرتكبة بحق السوريين منذ 2011.

لكن، وبعيداً عن العالم الافتراضي الذي يغدو أحياناً منفصماً عن أرض الواقع، يعتقد الكثيرون أن هذه العملة سيتم تداولها كغيرها من فئة الخمسمائة والألف التي أصدرها النظام في السنوات السابقة.

يقول السيد "أبو رفعت" الذي يدير مكتب صرافة في مدينة إدلب لـ "اقتصاد": "عصر اليوم نزلت العملة الجديدة إلى المناطق المحررة شمالي سوريا".

ويتابع: "العملة قيد التداول.. قرار العمل بالعملة الجديدة أو عدمه ليس تابعاً لمكاتب الصرافة بل هو بيد الجهات المسؤولة عن المناطق المحررة.. بالنسبة لي لا أعتقد أن أحداً سيستطيع منع تداول هذ العملة".

وحول كون العملة ذات قيمة مغطاة في المصرف المركزي، قال أبو رفعت: "أعتقد أنها غير مغطاة القيمة.. النظام لديه أشياء أخرى كالعملة فئة 1000 ليرة غير مغطاة أيضاً".

وتابع: "هذه العملة تشكل ضرراً على الاقتصاد السوري في رأيي.. ولكن لها محاسن في تخفيف حجم النقود ولمّ جميع النقود التالفة من الأسواق. وسوف يؤثر ضخ العملة الجديدة على الليرة السورية حيث يجب أن تؤدي إلى تضخمها مقابل سعر الدولار الأمريكي".

في السياق ذاته قال "عبدو درويش"، مدير مكتب صرافة وحوالات في ريف إدلب، إن العملة الجديدة تم تداولها في المناطق المحررة وتحديداً في بلدة كفر تخاريم بريف إدلب، اليوم الثلاثاء.

وأضاف خلال حديث لـ "اقتصاد": "العملة لم تصل إلى إدلب ومحيطها حتى اللحظة، لكني أعتقد أنها خلال هذا الأسبوع سوف تتواجد في المنطقة"، لافتاً إلى أن مكاتب الصرافة ستتعامل مع العملة الجديدة كما تعاملت مع سابقتها.

وتابع: "نعم سيكون هناك اعتراض لكن في النهاية العملة سيتم العمل بها بشكل طبيعي جداً".

وتوقع أن يكون للعملة تأثير في الأسواق حيث سيكون هناك ارتفاع في الأسعار إضافة لارتفاع تصريف الدولار مقابل الليرة السورية.

"درع الفرات" تتجه لتجريم تداول ورقة الـ 2000 ليرة

أعلن المجلس المحلي لمدينة أخترين، المحسوبة على منطقة "درع الفرات" بريف حلب الشمالي والشرقي، عن منع التدوال بورقة الـ 2000 ليرة الجديدة، في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.

وفي بيان وصلت نسخة منه إلى "اقتصاد"، قرر المجلس معاقبة حائز هذه الأوراق المالية التي تحمل صورة "قائد مليشيات النظام"، بالسجن عاماً كاملاً، دون النظر إلى سبب الحيازة.

وأكد المجلس اليوم الثلاثاء، أنه سيشرع في مصادرة هذه الفئة من العملة أينما وجدت، وسيقوم بإتلافها بقرار قضائي.

وعن الأجهزة التنفيذية التي ستتولى تطبيق هذا القرار، بيّن أن تنفيذه سيكون من مهمة محكمة أخترين والدوائر الأمنية والشرطية فيها.

وكما يبدو فإن المقاطعة لن تكون حكراً على مجلس واحد، إذ يتوقع أن تحذو مجالس محلية أخرى في المنطقة حذو المجلس المحلي لمدينة أخترين.

ولعل ما يعزز ذلك، الإجماع المحلي شبه الكامل على ضرروة مقاطعة الفئة الجديدة التي تحمل صورة الأسد، والدعوات التي راجت على مواقع التواصل الاجتماعي المطالبة بمقاطعة العملة الجديدة.

وفي هذا الصدد رحب تاجر المواد الغذائية محمد العيد، بمقاطعة العملة الجديدة، قائلاً لـ"اقتصاد": "بالرغم من نفعها وتسهيلها للتعاملات التجارية اليومية، لكننا جميعاً مع مقاطعتها بسبب صورة بشار عليها، وقد يرى البعض أن هذا السبب غير وجيه، لكننا نراه كافياً"، على حد قوله.

لكن ومقابل هذا الإجماع، رأى مراقبون اقتصاديون أن قرار المجلس بحاجة إلى المراجعة، سيما وأن تطبيقه "شبه مستحيل" بالنظر إلى ارتباط الحركة التجارية لمنطقة درع الفرات، مع مختلق المناطق السورية الأخرى، سواء تلك الخاضعة لسيطرة النظام، أو قوات سوريا الديمقراطية، وكذلك بسبب تسلم القلة القلية من الموظفين الحكومين في المنطقة لرواتبهم منها.

وفي هذا السياق، أشار المراقب المالي منذر محمد إلى تعذر تطبيق هذا القرار، شأن الدعوات السابقة التي كانت تطالب بمقاطعة تداول العملة السورية بالمجمل في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.

وفي مسعى منه للتوضيح أكثر أضاف محمد لـ"اقتصاد"، "إن عدم وجود العملة البديلة للآن، يعني أن كل هذه الدعوات والقرارات ستكون بدون طائل".

وأرجع محمد سبب عدم إحلال عملة بديلة عن العملة السورية في المناطق المحررة إلى عوامل عدة، أبرزها أن تغيير العملة يتطلب تغطية من جهة سياسية سيادية، وكذلك عدم وجود العملة البديلة المناسبة والملائمة للسوق المحلية.

وكان ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، أطلقوا هاشتاغ #الحيوان_بألفين، سخروا من خلاله من إصدار النظام للورقة النقدية الجديدة.

فئة الـ 2000 ليرة.. تداعياتها وانعكاساتها على اقتصاد الغوطة الشرقية

على الرغم من عدم تداول هذه الفئة حتى الآن في أسواق الغوطة الشرقية نتيجة عدم وصولها من مناطق النظام عن طريق الحوالات والمعاملات التجارية للتجار بين الغوطة ومناطق دمشق، إلا أن التساؤلات تبقى كثيرة حول هدف إصدار النظام لهذه الفئة في هذا التوقيت بالذات، وهل تملك هذه الفئة رصيداً في البنوك الغربية أم أنها مجرد ورقة يتم تداولها؟، وفي حال كانت تملك رصيداً من الذهب، من أين أتى النظام بهذه الأموال؟،.. أسئلة كثيرة حاول "اقتصاد" الإجابة عنها من خلال رصد آراء أصحاب العلاقة من تجار وصناعيين وشرائح واسعة من سكان الغوطة الشرقية حيال هذه الخطوة.

فقد أفاد السيد "أبو خالد حجازي"، أحد سكان مدينة دوما، أنه عندما أعلن البنك المركزي السوري طرح العملة من فئة 2000 ل.س للتداول وعليها صورة لـ بشار الأسد، "تذكرت عقلية حزب البعث الذي كرس كل موارد الدولة من أجل تمجيد القائد، ذلك القائد الذي قتل مئات الآلاف ودمر الإنسان والحضارة في سوريا".

وأضاف "حجازي": "إن المنطق الذي يفكر به هؤلاء (المنحبكجية) لا يوجد فيه الحد الأدنى من القيم والمثل والأخلاق، وكأنهم يريدون تسويق بشار الأسد مرة أخرى للشعب بطريقة مبتذلة ووضيعة".

في حين أكد المهندس "غياث" أنه مهما فعل النظام من تصرفات اقتصادية معتقداً أنها (إصلاحات) فإن ذلك لن يؤثر باتجاه نمو الاقتصاد السوري، بل على العكس تماماً، "فالاقتصاد السوري في حالة من الانهيار لا يُحسَد عليها، وإن هذه الخطوة من شأنها تقييده أكثر من إنعاشه، هذا في حال افتراضنا أن هذه العملة تمتلك رصيداً من الذهب، مع أني لا أعتقد ذلك".

وقد برر حاكم مصرف سوريا المركزي، "دريد درغام"، طرح العملة الجديدة، بظروف الحرب وتقلبات سعر الصرف في السوق.

ويبدو أن التضخم في العملة السورية وفقدان قيمتها لدرجة كبيرة أحد الأسباب الرئيسية لطباعة هذه العملة الجديدة بحسب الأستاذ "غالب أمين"، باحث في الشؤون الاقتصادية بالغوطة.

 وأضاف أمين: "هذه الخطوة هي فرصة لتمويل الموازنة العامة بالعجز وذلك بصك عملات إضافية بلا رصيد، لأنني أعتقد جازماً أن هذه العملة بلا رصيد، مما سيسبب مزيداً من التضخم على المستوى الكلي للاقتصاد السوري".

وكشف "أمين" عن أنه من المتعارف عليه في سياسات بعض الدول أنها عندما تريد تغيير عملتها تسبقها عملية تغيير الحكومة للدلالة على عزم الحكومة الجديدة على التغيير الإصلاحي الحقيقي، لكننا نرى حالة غريبة في هذه الخطوة وهي طباعة صورة رأس النظام على العملة مما يعطي رسالة للمجتمع الدولي حول رفض النظام للتسويات السياسية المفضية إلى تنحيته، وأيضاً رسالة للداخل وللمواطنين بترهيبهم بأنه سيظل قابعاً فوق صدورهم، وأن مسيرة "الإصلاح المزعوم"، ستتم وفق رؤية هذا النظام، هذه الرؤية التي دمرت البلاد وهجرت أهلها وعادت بالاقتصاد السوري لعشرات السنين إالى الوراء.

وأما عن الانعكاسات والتأثيرات الاقتصادية لتلك السياسات المالية للنظام على اقتصاد الغوطة والمناطق التي يحاصرها في عموم سوريا، فقد أكّد "أمين" أن اقتصاد الغوطة يتأثر بالسياسات الجائرة التي يستخدمها النظام تجاهها كفرض الأتاوات الهائلة على المواد التي يسمح بدخولها، هذه الأتاوات تصل أحياناً لضعف ثمنها في دمشق، ويستخدم تلك المناطق التي يسميها "قنوات سوداء" لتمويل سياساته الاقتصادية وتثبيت سعر الصرف على حساب تجويع وخنق الأهالي معيشياً في تلك المناطق وبأسلوب وحشي جائر لم تشهد البشرية مثيله وسط صمت دولي مريب.

في حين صرحت إدارة التجارة والاقتصاد في الغوطة الشرقية على قنوات تواصلها الإجتماعي، أن طرح العملة الورقية الجديدة هو دليل سعي النظام لتوفير سيولة نقدية من أجل التداول، ولكن لا يمكن إصلاح النظام المالي للاقتصاد السوري ما لم يكن هناك اتفاق سياسي يرسم ملامح المرحلة الانتقالية ويضع حجر الأساس للتوافق على آلية حكم ترضي أطراف النزاع السوري وتحقق العدالة الانتقالية الحقيقية.

يُذكر أن قيمة الليرة السورية قد انخفضت بشكل ملحوظ مع الساعات الأولى لإعلان المصرف المركزي إصدار الفئة الجديدة من العملة، حيث سجل سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار في الأسواق المالية للغوطة الشرقية 495 ليرة سورية، بعد استقراره عند حاجز 465 ليرة سورية قبل يوم واحد من إصدار الفئة.

ترك تعليق

التعليق