ماذا يحدث في الغوطة؟


"إن ما يجري اليوم في الغوطة الشرقية من حصارٍ وجوعٍ وقلةَ ذات اليد لا يمكن أن تصفه الكلمات ولا الصور، فحصار الغوطة جريمة لا يمكن لمتابعٍ أن يتخيلها ولا يشعر بها إلا من يعيشها".. بهذه الكلمات وصف الناشط "منير عز الدين"، الوضع الإنساني لأكثر من 100 ألف عائلة غوطانية تعيش يومياتها في أقسى ظروف الحصار.

فالأوضاع الإنسانية في غوطة دمشق الشرقية تستمر بالإنهيار والتفاقم جراء استمرار حصار قوات النظام السوري وإغلاقها جميع المعابر والمنافذ التجارية والإنسانية، في حين أن الأطفال هم وحدهم من يدفع الثمن جراء هذا الحصار القاسي، فقد أوضح مصدر طبي داخل الغوطة الشرقية لـ "اقتصاد" أن حالات سوء التغذية عند الأطفال تزداد باستمرار مع مرور الوقت فهناك أكثر من 80 حالة سوء تغذية حادة، وهناك أكثر من 200 طفل يعانون من حالات سوء تغذية متوسطة، بالإضافة إلى أكثر من 4000 طفل يحتاجون إلى مكملات غذائية مختلفة.

وأشار المصدر إلى أن العناصر الغذائية الرئيسية غير متوفرة داخل الغوطة، كالسكريات وبعض الفيتامينات والمكملات الغذائية. وأوضح المصدر أن النظام السوري يُدخل كميات من الحليب عبر قوافل الأمم المتحدة، لكنها لا تكاد تكفي 5% من مجمل أطفال الغوطة.

وأضاف المصدر: "في ظل فقدان مادة حليب الأطفال، قمنا في الغوطة بتصنيع هذه المادة، إلّا أنها لن تضاهي جودة الحليب الصناعي المصنع ضمن معامل خاصة تضمن المعايير الغذئية الجيدة والممتازة. ليبقى أطفال الغوطة هم ضحية هذا الحصار بالدرجة الأولى، ثم أمهاتهم اللواتي يرضعنهن، فالغذاء الموجود في الغوطة لا يكاد يكفي كوجبة رئيسية لأم مرضعة مما يساهم في تقليل نسبة الفائدة من حليب الأم والإعتماد على الحليب المصنع محلياً".

وقد شهدت مدن الغوطة أعنف حملة حصار مارستها قوات الأسد منذ سبعة أعوام وحتى الآن، يتجلى هذا الحصار بمنع المواد الغذائية الرئيسية من الدخول، سواء عبر قوافل الأمم المتحدة أو قوافل التجار داخل وخارج الغوطة.

فالطفلة "سحر" التي لم يتجاوز عمرها الشهر الواحد، لفظت أنفاسها الأخيرة أمس الأحد 22 تشرين الأول/ أكتوبر، نتيجة سوء تغذية حاد جداً. وحاول "اقتصاد" التحدث مع والد الطفلة "سحر" إلّا أنه رفض لأسباب خاصة به، معللاً ذلك بالقول: "الغالي ذهب فلا أسف على كل شيء بعده مهما تكلمت".

وحول ردود الأفعال حيال ما يحصل في الغوطة، أصدر كل من الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، ونائب رئيس الحكومة السورية المؤقتة، بيانات يطالبون فيها المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته حيال ما يجري من موت بطيء على مرأى ومسمع من العالم أجمع في الغوطة الشرقية. فيما اعتبر المهندس أكرم طعمة، نائب رئيس الحكومة، في بيانه، أن الغوطة الشرقية منطقة منكوبة جراء هذا الحصار المفروض منذ ما يزيد عن أربع سنوات.

من جانب آخر، تستمر قوات النظام السوري بإغلاق معبر الوافدين وهو المعبر الوحيد الذي يصل مناطق الغوطة بالعاصمة دمشق للشهر الثالث على التوالي، ومنعت بموجبه دخول أي مادة غذائية أو حليب أطفال أو مستلزمات طبية ودوائية أو محروقات، لتبقى الكميات الموجودة داخل الغوطة تشارف على النفاذ بعد 118 يوماً من الحصار القاسي والمطبق.

وقد تجولت عدسة "اقتصاد" داخل أسواق المدن الرئيسية في الغوطة الشرقية وسجلت العديد من الأسعار التي تتغير بين الساعة والأخرى.

يقول "أبو الحسن" وهو صاحب محل غذائيات في بلدة كفر بطنا، إن الأسعار باتت أشبه بالبورصة العالمية التي تتغير بين اللحظة والأخرى، "فعلى سبيل المثال اشتريت صباح هذا اليوم 5 كيلو رز لبيعها داخل المحل بسعر 2200 ليرة سورية، لأتفاجئ بأن سعر كيلو الرز في الأسواق يرتفع ظهراً إلى 2400 ليرة سورية إن وجد في الأسواق، وقس على ذلك باقي المواد الغذائية كالسكر والزيت والسمنة والطحين وغيرها".

ومساء أمس الأحد، دخلت قوافل لأحد التجار، سمح النظام السوري بإدخالها، وتحتوي على شعير ومواد علفية، الأمر الذي يطرح العديد من إشارات الإستفهام حول دخول هذه المواد غير الضرورية مقارنةً بمواد الغذاء الأساسية.

وقد أطلق عدداً من نشطاء الغوطة الشرقية مساء اليوم الإثنين حملة حملت عنوان #الأسد_يحاصر_الغوطة، وذلك على مواقع التواصل الإجتماعي، بغية لفت أنظار العالم حول ما يجري داخل الغوطة من فظاعات ونتائج كارثية للحصار.

ترك تعليق

التعليق