تجارة الحشيش والمخدرات.. المسكوت عنه في مناطق المعارضة والنظام


ليس من السهل أن تتابع ظاهرة تعاطي الحشيش والمخدرات والإتجار بهما في مناطق المعارضة والنظام على حد سواء، لكن القول في انتشارهما وعلى نطاق واسع منذ ما يقارب الخمس سنوات، بات من الأشياء المعروفة للكل، والتي، بنفس الوقت، يتغاضى عن ذكرها والخوض فيها الجميع، نظاماً ومعارضة.. فما السبب..؟، وعلى ماذا يراهن كلا الطرفين في التخلص سريعاً من هذه العادة الخطيرة في المجتمع..؟، ولا ننسى أن نسأل قبل كل شيء عن الجهة التي ساهمت في انتشارها ونشرها بين الشباب، وما هدفها من ذلك..؟

من الخفاء إلى العلن

قادتنا رحلة البحث عن بداية ظاهرة انتشار تعاطي الحشيش والمخدرات في سوريا، إلى التواصل مع عدد كبير من الأشخاص في الداخل، في مناطق النظام والمعارضة، وكان سؤالنا يتركز: متى اكتُشف لأول مرة انتشار هذه الظاهرة..؟، والكل أجمعوا تقريباً على أنه كان مع بداية العام 2013، وهو التاريخ الذي أعلنت فيه إيران وميليشيا حزب الله، تدخلها العلني والصريح إلى جانب النظام.. بالإضافة إلى أنه ليس سراً، أن حزب الله، مهد لتدخله في سوريا، بتسهيل دخول الحشيش والمواد المخدرة إلى مناطق المعارضة تحديداً، ضمن مساعيه لتشويه الثورة واستنزاف مواردها المالية، عبر شراء الحشيش بدلاً من شراء السلاح.

يكشف أحد الأشخاص الذين حاورناهم، واعترف بتعاطيه الحشيش في سوريا قبل لجوئه إلى ألمانيا، منذ نحو عامين، أن انتشار الحشيش يعود إلى فترة مبكرة من العام 2012، "حيث فوجئنا يومها بأحد أفراد الجيش الحر يخبرنا بأنه وصلته كمية جيدة من الحشيش، وقام بتوزيعها علينا". ويتابع: "ثم أخبرنا بأن أحدهم وعده بكميات أخرى إن أرادوا".

ويضيف هذا الشخص: "كان التداول بداية في الخفاء وبدون أن ندفع ثمنه، لكن قبل أن أغادر سوريا في نهاية العام 2014، كان علي أن أدفع ثمن سيجارة الحشيش 100 ليرة".

ويتحفظ هذا الشخص عن ذكر المعلومات التي تتعلق بمصدر هذا الحشيش وباقي المواد المخدرة التي أصبحت تنتشر تباعاً بين أفراد الجيش الحر، ومن ثم، بين المقربين منهم. وهو يكتفي بالقول: "لم نكن نهتم أو نتساءل عن مصدره بقدر ما كان يهم الجميع استمرار توفره".

وعلى جانب آخر، كشفت معلوماتنا، عن بداية انتشار الحشيش والمواد المخدرة في مناطق النظام، أنه يعود إلى نفس الفترة تقريباً، بل ربما يكون سابقاً على انتشاره في مناطق المعارضة، وذلك بحسب ما أكد لنا أحد الأشخاص في مدينة دمشق، والذي انتقل فيما بعدها إلى ريف حماة الموالي، إذ يقول: "الحشيش والكوكائين متداول قبل الثورة بسنوات طويلة بين طلاب المدارس والجامعات تحديداً، ولكن على نطاق ضيق، إلا أنه بعد العام 2011، وغياب سلطة الدولة، أصبح الموضوع علنياً أكثر".

ويضيف: "عن طريق الصدفة اكتشفت أن ابني يتناول حبوب مخدرة.. لكنه أكد لي أنه يتناولها منذ ما قبل العام 2011، وأنه كان يحصل عليها بصعوبة وبثمن مرتفع، أما الآن فإنه يحصل عليها بسهولة وبثمن منخفض".

من وكيف ولماذا..؟

السؤال الذي يتبادر للذهن مباشرة في هذه الحالة: من هو الذي سهل انتشار الحشيش والمخدرات بين الشباب السوري؟، وكيف؟، ولماذا..؟

يجمع الكثير من الدراسين، أن تجارة المخدرات والحشيش، كانت تاريخياً، أحد اقتصاديات الحرب في الدول التي تشهد أزمات داخلية أو خارجية، وليس الأمر مقتصراً على سوريا.

وفي أحيان كثيرة، تلجأ الدولة ذاتها لتسهيل انتشار هذه المواد بين الناس، ودفعهم للهروب من بؤسهم وشقائهم، بدلاً من مواجهة فساد السلطة.

وفي هذا الإطار، لا بد أن نذكر حرب الأفيون في الصين في الخمسينيات من القرن الماضي، التي قادها الزعيم الصيني ماوتسي تونغ، إذ أنه أدرك في ذلك الوقت، أنه لا يمكن للشعب الصيني أن ينهض إذا لم يتخلص من الإدمان، والذي كان سبباً في تشرذمه وتعرضه للاحتلال من اليابانيين.. وهو في المحصلة كان أحد أدوات المستعمر الياباني للسيطرة على الصين.

وفي سوريا، ليست الصورة بعيدة عن هذا الأمر، حيث أدرك النظام منذ البداية، أنه بحاجة لمصادر دائمة للتمويل، سيما وأن أغلب مصادر تمويله الأساسية من زراعة وثروات باطنية، خرجت جميعها عن سيطرته منذ العام 2013، ولم يعد أمامه سوى تجارة الحشيش والمخدرات، التي تحقق له أكثر من هدف في نفس الوقت.

فهي أولاً تمده بالموارد الدائمة التي تساعده على تمويل حربه ضد الشعب السوري، كونها تجارة تدر أرباحاً طائلة.. وثانياً، يساعده انتشار التعاطي بين الشباب السوري، على قتل الروح المعنوية لديهم ودفعهم لتقبل فساده.. أما في حربه مع المعارضة، فهي تستنزف مواردهم المالية، لتصب في النهاية في جيبه.

وعلى هذا الأساس، كانت خطة حزب الله الجهنمية، الذي أصبح يتمول ذاتياً من هذه التجارة، والذي كان صاحب فكرة نشر الإدمان بين الشباب السوري وتسهيل دخوله بالذات إلى مناطق المعارضة، عبر عملائه في كل مكان، وبتسهيل من المخابرات السورية.

أرقام..

ليس هناك أرقام دقيقة عن أعداد المتعاطين للحشيش والمخدرات، بين الشباب السوري، لكن الكل يؤكد أن النسبة كبيرة، وقد تصل في بعض المناطق إلى أكثر من عشرين في المئة.

والكثير ممن سألناهم عن انتشار هذه الظاهرة، أكدوا لنا أن بعض قيادات الكتائب العسكرية المعارضة، ليست بعيدة عن الشبهة بأنها أصبحت تتمول من تجارة الحشيش والمخدرات كذلك، وهي تساهم بنشره.

أما عن مردود هذه التجارة، فأيضاً الأرقام تقديرية، وتشير إلى أنها قد تصل إلى خمسة مليارات دولار سنوياً، وأغلبها يصب في جيبة النظام السوري وشريكه حزب الله.

أما الآثار السلبية، لانتشار هذه الظاهرة، وتكاليف التخلص منها، فهي أكثر من أن تحصى، وبحاجة إلى حرب مضادة، بعد أن تستقر الأمور في سوريا، وعلى نفس طريقة الزعيم الصيني ماوتسي تونغ، الذي أعلن في البداية الحرب على المزارعين والمنتجين الأساسيين لهذه المواد، ومن ثم انتقل للمكافحة والمعالجة بين الشعب..

بمعنى، لا بد من تدمير حقول الحشيش العائدة لحزب الله في لبنان، ومن ثم تدمير المعامل التي تنتج المواد المخدرة، وهي كذلك عائدة لحزب الله.

خلاصة القول: حزب الله اليوم هو مصدر الشرور في المنطقة.. وللتخلص من هذه الشرور، لا بد من إيقاف هذا الحزب عند حده بأي ثمن وبأي طريقة.

ترك تعليق

التعليق