كيف تغيّر "الإدارة الذاتية الكردية" وجه الحسكة وعين العرب؟


هل وضعت الإدارة الذاتية الكردية خطة لتغيير وجه محافظة الحسكة، وربما جميع مناطق سيطرتها في الشمال السوري؟.. مناسبة هذه التساؤلات هي زيادة عمليات استملاك الأراضي الخاصة للغائبين والاستيلاء على الأملاك العامة إلى جانب عمليات الشراء والبناء المتسارعة وخاصة من عناصر مرتبطين بالإدارة وأذرعها الأمنية والعسكرية.

وذكر موقع "خبر 24" المقرب من حزب "الاتحاد الديمقراطي" أن شخصاً يدعى "نزير وليكا" يعمل في لجنة العقارات شرع قبل أشهر ببناء منزل في أرض يملكها يهودي، بقيت فارغة غير مبنية خلال عهد حكومات النظام.

تقع قطعة الأرض في منطقة حساسة في وسط مدينة القامشلي، حيث كانت منظمة الهلال الأحمر الكردي تستخدمها ككراج لسياراتها كونها بالأساس غير مشغولة بأي بناء، ولكن هذا الشخص استغل نفوذه في الإدارة الذاتية وفساد بلدية الشعب، فاستولى على قطعة الأرض، التي تقدر قيمتها بأكثر من 2 مليون دولار، وفق الموقع.

وحسب الموقع، ادعى شخص آخر قبل أربع سنوات ملكية هذه الأرض وأشهر أوراقاً ثبوتية، إلا أن الإدارة الذاتية والمسؤولين الأكراد آنذاك رفضوا الأوراق جملة وتفصيلاً، بحجة أن هذه الأرض تعود ملكيتها إلى شخص مسيحي (سرياني) يقيم في أمريكا منذ عقود.

من طرفه، يؤكد الناشط محمود الأحمد أن الاستيلاء على الأملاك العامة والخاصة يكون عادة لصالح "بلدية الشعب" وتستخدم كمقرات للمجالس التابعة لها مثل  "الكومينات" وبلديات القرى، مبيناً أنه شاهد استيلاء بلدية "القامشلي" التابعة لإدارة "الاتحاد الديمقراطي" على بنائين لعوائل سريانية مهاجرة منها عائلة "سامي"، ثم غيرت معالم البنائين وادعت أنها استأجرتهما.

وأشار الأحمد  إلى أن الدوائر الرسمية بطبيعة الحال هي حالياً مقرات للإدارة الذاتية مثل: مبنى روضة الاتحاد النسائي بالأربوية التي أمست "محكمة"، ومبنى مؤسسة الرصافة عند دوار الصناعة ومجبل الرصافة ومستودعات الخزن والتبريد خلف مبنى سوق الهال أيضاً، والتي أمست مقرات لـ "الطوابير" (كتائب حماية)، وأخرى لا يمكن حصرها.

في مدينة الحسكة، اتخذت الإدارة الكردية مؤسسة العمران بحي "الناصرة" كمقر لما يسمى "هيئة الطاقة" بعد نقلها الشهر الماضي من مدرسة "عدنان المالكي" بحي "تل حجر" والتي أمست لهيئة "المالية".

هناك أبنية كثيرة جداً برزت ضمن الدوائر الرسمية سابقاً مثل النفوس والإسكان العسكري لتكون مكاتب لموظفي الإدارة الذاتية، فبُني سور كبير بمحيط مديرية الأحوال المدنية بمدينة الحسكة مع حواجز، ويعتقد أنه تحول لمقر لقوات التحالف ومرتبطة بالسجن المركزي في حي غويران غربي، حيث تهبط المروحيات الأمريكية.

كما تحول بناء مرآب المالية بغويران إلى مقر "بلدية الشعب" وأضافوا تصوينات، أمّا مؤسسة الإسكان العسكري قبل دوار البانوراما بمدخل الحسكة الجنوبي، فالعمل بها قائم على قدم وساق بعد سرقة آلاتها الضخمة، فيما منحت الإدارة الكردية المجبل الاسفلتي لمتعهد مدني مرتبط بها.

وهذه الاستثمارات للحدائق وتأجير المحلات للتجار والمتعهدين تدر على الإدارة الذاتية أمولاً طائلة، قلما تستخدمها لتقديم الخدمات للسكان كونها تنتظر المنظمات الدولية والجمعيات لتنفيذ مشاريع الترميم للمؤسسات والصحة والتعليم وحتى مشاريع نزع الألغام من مناطق المواجهات، فبلديتها برأس العين تؤجر نحو 100 محل تجاري في سوق الفروج والصناعة مع محلات النادي والعطار بمبلغ شهري يتراوح بين 15 – 25 ألف ليرة سورية، وأضعاف هذه الأرقام في مدينتي القامشلي والحسكة.

ميليشيات أجنبية تبني وتستملك

ما يسيطر على أحاديث الناس في الشارع ويثير استغرابهم، هو الثراء الفاحش والمفاجئ لمسؤولي الإدارة الذاتية وعناصر تطوعوا في "وحدات حماية الشعب"،  فعلى سبيل المثال أحد الفتيان كان يعمل بمسح الأحذية في شارع فلسطين قبل عام 2011 بات يملك المليارات بعد انتسابه، وتقول شائعة سرت بالمدينة إن سائق أجرة سابق بمكاتب التخليص الجمركي لإحدى العائلات المشهورة محلياً، بات يملك غرفة مليئة بالدولارات الأمريكية.

القياديون الأكراد القادمون من جبال قنديل وتركيا وإيران لا تحدد لهم رواتب ثابتة ومعتمدة لهم، بل هي مبالغ مفتوحة كما يريدون، ومنهم شخص يدعى "هارون" يقال إنه ابن شقيقة عبد الله أوجلان. تلعب هذه الفئة مع المتنفذين بالإدارة الذاتية الكرية دور الضباط العلويين بالمنطقة قبل اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد ربيع 2011.

وتظهر بوادر التغيير الديمغرافي، الذي يتنتظر المنطقة مستقبلاً، مع شروع  المسلحين الأكراد من حزب "اليسار التركي"  ببناء  15 محلاً تجارياً بمنطقة رأس العين، بعد أن اتخذ الحزب من قرية "الأربعين" العربية معسكراً لمسلحيه عقب الاستيلاء على منازل ومحلات تجارية لعائلات انتسب أبناؤها لكتائب الجيش الحر سابقاً. كما بنى الحزب شقتين بمناطق سيطرة حزب "الاتحاد الديمقراطي" ضمن مدينة الحسكة، وفق أحد العمال الذين شاركوا في البناء وتمديد أسلاك الكهرباء.

وآخر هذه التصرفات التي يخشى أن يكون هدفها تغيير التركيبة السكانية، هو الاستيلاء على بيوت المهاجرين من قرى "تل نصري" و"تل جزيرة" و"تل باز" وهي قرى آشورية بمنطقة الخابور قرب تل تمر، بعد سنوات من الاستيلاء على منازل قرى "تل كوران" و "تل هرمز" و"تل دمشيج"، واتخاذ مدجنة "أبو كابي" معسكراً لمسلحي الميليشيات قرب قرية "تل نجمة".

فأملاك المدنيين الخاصة لم تسلم من الاستيلاء، فهناك من يزرع الأراضي الزراعية ويسكن البيوت المملوكة لعناصر الجيش الحر والمعارضين والمشتبه بارتباطهم بتنظيم "الدولة الإسلامية"، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن مقر ميليشيا "آساييش" هو مشفى قيد الإنجاز بحي الصناعة قرب دوار مرشو" وبيت لمدني بجانب جامع باب السلام بحي "الناصرة"، في حين يشغل مركز "التنظيم والعلاقات في وحدات حماية الشعب" منزل أحد وجهاء قبيلة عدوان بمدينة رأس العين. كذلك تحولت أبنية عائلة "الجدعان" إلى "بيت لجرحى الحزب".

إقبال على الشراء رغم غلاء العقارات
 
من أغرب الظواهر بالحسكة في الوقت الحاضر الإقبال على شراء الأراضي السكنية بأسعار جنونية وسرعة بنائها طابقياً بمدة قياسية رغم غلاء مواد البناء والأيدي العاملة. فالكثير من عناصر ميليشيات "وحدات حماية الشعب" و"آساييش" ومن دار في فلكهم يبنون – حالياً- أبنية كبيرة في أحياء "الناصر" و"تل حجر" و"المفتي" و"الصالحية" في مناطق سيطرتهم شمالي المدينة.

كما عمل هؤلاء على تأسيس مشاريع تجارية لتبييض أموال جنوها من مشاركتهم في معارك الرقة والشدادي وتل أبيض إضافة إلى التورط بعمليات تهريب آثار وزئبق وحشيش عبر الحدود. فشرعوا باستثمار الحدائق، مثل حديقتي "مخبز تل حجر" و"الخابور" بحي "تل حجر"، وحديقة "دوار الصالحية"، مع بناء صالات ومسابح كبيرة سواء داخل أو خارج المدن.

وأفادت مصادر أهلية ببيع أرض على الشارع العام في حي "المعيشية" المهمل على الأطراف الشمالية  لحي "الناصرة" مساحتها 250 متر مربع  بمبلغ 50 مليون وهي أسعار مرتفعة في المحافظة، ويعجز أهلها عن دفع هكذا مبالغ، بل يعجز من لا يملك منزلاً منهم عن استئجار بيت لأن الإيجارات تتراوح بين 25 -150 ألف ليرة سورية، وخاصة مع بقاء عدد كبير من الوافدين وعلى رأسهم نازحو دير الزور.

تحويل أملاك خاصة إلى مقابر

مسألة بيع "هيئة عوائل الشهداء" في الإدارة الكردية لمنطقة مشجرة من غابة مدينة "عين عرب/ كوباني" لشخص استولت في السابق على أرضه بغرض إنشاء مقبرة لقتلى هجوم تنظيم "الدولة الإسلامية" قبل ثلاث سنوات، أثارت خلال الأسابيع الماضية لغطاً حول تصرفات الإدارة  الكردية بالأراضي المملوكة للعموم وإمكانية تغيير صفتها لصالح بعض المتنفذين فيها.

وحول قضية الغابة، نشرت "شركة الحداوي للمقاولات" المنفذة للمشروع تنويهاً قالت فيه: "بخصوص محضر طريق جرابلس، نحن شركة حداوي للعقارات، شركة تعهدات بناء، العقار الذي أثير حوله الجدل والذي يعود ملكيته لسيد محمد فاحي، نحن كشركة اتفقنا مع المالك على بناء مجمع سكني على عقاره، وليس للشركة أي علاقة في استملاك الأرض أو شراءها".

وأرفقت الشركة وثائق بيع ورخصة بناء المجمع السكني.

وتقول الإدارة الكردية إن الغابة تمتد غرب "عين عرب" بطول 1200 متر وعرض 500 متر اقتلعت منها 4 أشجار في القسم الشمالي منها على طريق جرابلس على أن يتم بناء وحدة سكنية لصاحب الأرض التي أمست "مقبرة شهداء 25 من حزيران"، مما أثار ضجة إعلامية مفادها بأن "الإدارة الذاتية في كوباني متهمة بالفساد بعد أن باعت غابة كوباني".

لا يقتصر الأمر على هذه المقبرة، فمقبرة "الدرباسية" أيضاً، أرضها استولت عليها الإدارة الذاتية من أراض يملكها متعهد بناء في منطقة رأس العين من عائلة "مصطو" وقد رفع قضية للحصول على تعويض عنها، فكيف سيعوض عن أرضه المستولى عليها وأين؟، وهل ستحظى اعتراضات الناس هناك أذناً صاغية كما في كوباني؟، هذه التساؤلات تحال إلى مسؤولي الإدارة الذاتية الكردية للإجابة عنا.

ترك تعليق

التعليق