النظام يُخلف وعوده لحلفائه من الفلسطينيين.. وينال من مخيم اليرموك


رغم وعود نظام الأسد لحلفائه من المليشيات الفلسطينية، والتي شاركته بحصار وتدمير مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب العاصمة دمشق، بعدم المساس بوضع المخيم من الناحية التنظيمية، والاكتفاء بإعادة إعماره، أقر مجلس الوزراء التابع للنظام، يوم الاثنين 2/تموز، العمل على تنظيم مناطق وبلدات في دمشق من بينها مخيم اليرموك.
 
وكُلفت وزارة الأشغال العامة والإسكان بإنجاز مخططات تنظيمية جديدة لمناطق جوبر وبرزة والقابون ومخيم اليرموك، تتم من خلالها مراعاة خصوصية كل منطقة، وفقاً لمقوماتها العمرانية والصناعية والحرفية، وذلك ضمن خطة حكومة النظام لإعادة إحياء كل المناطق التي تحررت من "الإرهاب"، وفق بيان نشره موقع رئاسة الوزراء التابع لنظام الأسد، على شبكة الانترنت.
 
نوايا النظام بإعادة تنظيم مناطق وأحياء في جنوب العاصمة ليست جديدة. فحسب مجموعة "العمل من أجل فلسطينيي سوريا"، في تقريرٍ نُشر بتاريخ 5/6/2018، ونقلاً عن مهندسة مدنية كانت تعمل في التخطيط العمراني، فإن النظام السوري كلّف عدداً من المهندسين عام 2010 بوضع مخطط تنظيمي تحت مسمى "دمشق الكبرى"، والذي اعتُبرت فيه أحياء مخيم اليرموك والحجر الأسود والتضامن، مناطق مخالفات يجب إزالتها وإعادة تنظيمها من جديد.
 
ويعتبر قرار حكومة الأسد بضم مخيم اليرموك للمخطط التنظيمي نهاية لآمال اللاجئين الفلسطينيين بالعودة القريبة لمخيمهم  والسكن حتى فوق ركام منازلهم، بعد أن باتوا عاجزين عن دفع إيجارات سكنهم المؤقت في دمشق.

تطمينات النظام بخصوص مستقبل مخيم اليرموك، كانت تستند لتصريحات قيادات الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام، التي أكدت مراراً تلقيها وعوداً من قيادات سياسية وأمنية في النظام، بعدم المساس بمخيم اليرموك من الناحية التنظيمية والاكتفاء بإعادة إعماره وتأهيله فقط.

وكانت اللجنة المحلية لمخيم اليرموك التابعة لمحافظة دمشق أكدت في وقت سابق أن كل ما يشاع عن مخطط تنظيمي جديد في مخيم اليرموك عار عن الصحة، وأنه لا يوجد أي نقطة في مخيم اليرموك هي خارج المخطط التنظيمي القديم.

كما أكد رئيس أمانة سر تحالف القوى الفلسطينية، خالد عبد المجيد، في الـ 25 من حزيران الماضي، أن القيادات السياسية والأمنية للنظام، أكدوا لهم أن مخيم اليرموك لن يدخل في إطار إعادة التنظيم لمحافظة دمشق.

 وأشار عبد المجيد إلى أن إعادة تأهيل منازل المخيم وإعادة الخدمات إليه ستبدأ خلال الأشهر القادمة بالتعاون بين "الدولة" والهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين والأونروا.

الحديث المتكرر عن مخططات تنظيمية جديدة لدمشق قد تشمل مخيم اليرموك والتي كانت تثير مخاوف الأهالي قبل أن يتم تأكيدها بقرار مجلس الوزراء الأخير، دفع الكثير من اللاجئين الفلسطينيين للقلق على ممتلكاتهم خشية مصادرتها بحجة المخطط التنظيمي الجديد وتبعات القانون رقم 10 القاضي بإعادة تنظيم المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام مؤخراً في العاصمة دمشق. ولربما أكثر من يتوجس من ذلك هم أبناء المخيم المهجرين إلى الشمال السوري.

مجد النابلسي، فلسطيني سوري من سكان مخيم اليرموك، هُجّر إلى الشمال السوري ويقيم حالياً في مخيم دير البلوط بريف حلب الشمالي، يقول لـ "اقتصاد": "ضم مخيم اليرموك وغيره من المناطق التي كانت خارجة عن سيطرة الأسد للمخطط التنظيمي هي أداة لتنفيذ القرار رقم 10 والذي يهدف لسلب الأهالي ممتلكاتهم، بعد أن فقد الكثير منهم إثباتات الملكية سواء الذين خرجوا سابقاً إلى أوروبا أو من هُجّر منهم حديثاً إلى الشمال، وحتى من بقي في دمشق من أهالي المخيم. القرار بالنهاية هو عقاب للمناطق الثائرة في وجه النظام".
 
وأردف النابلسي: "بالنسبة لمخيم اليرموك كان واضحاً منذ بداية الحملة العسكرية في 19 نيسان، أن النظام يسعى من خلال القصف العنيف لتدمير ما يمكن تدميره من عاصمة الشتات الفلسطيني حيث بلغت نسبة الدمار 80% من مساحة المخيم  وحتى بعد انسحاب تنظيم الدولة، أحرق عناصر النظام الكثير من المنازل التي لم يطالها التدمير في رسالة واضحة للأهالي بألا مكان لكم هنا".

السيدة "سهام" من أهالي مخيم اليرموك وتقيم حالياً في حي الزاهرة المجاور للمخيم، أكدت لـ "اقتصاد" أن الحل الوحيد أمام اللاجئين الفلسطينيين هو الهجرة. "كنا متأملين بالعودة القريبة للمخيم. بصراحة خدعونا بالوعود على أساس عملية إزالة الردم وتنظيف المخيم تبدأ بعد عيد الفطر وكثير شباب تحمسوا وباشروا بالتنظيف بمجهود شخصي لتفاجئنا الحكومة بقرار تنظيم المخيم، أصغر مشروع بسوريا بدو على الأقل 10 سنوات ليتم تنفيذه نحنا من سبع سنين ونحن بالإيجارات على أمل نرجع لمخيمنا وبيتنا".
 
وتتساءل السيدة سهام عن مدى إمكانية اعتراف حكومة النظام بأملاكهم في المخيم وتعويضهم عنها بعد إنجاز مخطط التنظيم الجديد، وتقول إن الحل الوحيد للاجئين الفلسطينيين وخاصة أهالي مخيم اليرموك، الهجرة والبحث عن بلد يؤسسون فيه حياتهم بعيداً عن نظام استثمر قضيتهم لعقود واليوم يصدر قوانين وقرارات تصادر أملاكهم.
 
يشار إلى أن مخيم اليرموك كان يعتبر أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في سوريا يبعد عن العاصمة دمشق 8 كيلومترات. تم تأسيسه عام 1957 فوق مساحة تبلغ 2.1 كيلومتر مربع بهدف استيعاب اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا متفرقين في المساجد والمدارس. وعمل اللاجئون على مر السنين على تحسين مخيمهم حتى غدا سوق المخيم أحد أهم أسواق العاصمة دمشق قبل تدميره من قبل الآلة العسكرية لنظام الأسد.

ترك تعليق

التعليق