حكومة اللاجئين والإعادة


بسرعة غريبة، انتقلت حكومة عماد خميس، من حكومة تحمل اسم، حكومة المنطقة الساحلية وذوي قتلاها، في بداية عملها، إلى حكومة الفقراء والمحتاجين بعد مرور عام عليها، وأخيراً إلى حكومة اللاجئين بمناسبة مرور أكثر من عامين على تشكيلها، وذلك بعد أن أعلنت عن خطة لإعادة اللاجئين إلى سوريا.

ثلاثة ملفات ضخمة، تنقلت بينها حكومة خميس ببهلوانية منقطعة النظير، بينما سلفه المسكين، وائل الحلقي، لم يستطع على مدى أربع سنوات أن ينتهي من ملف واحد، وهو إعادة الدعم لمستحقيه.. فما قصة الإعادة التي يكثر الحديث عنها في وسائل إعلام النظام..؟، سواء إعادة الدعم أم إعادة الإعمار وأخيراً إعادة اللاجئين..؟!، ثم ما هي قصة حكومة خميس التي تمتلك فانوساً سحرياً لحل المشاكل والأزمات المعقدة..؟!

تروي مصادر إعلامية مقربة من الحدث السوري في الداخل، أن الدمار في المدن السورية المنكوبة لا يمكن أن يتصوره العقل، ومثله الانحطاط الأخلاقي لدى مسؤولي النظام الحكومي والأمني، ولا يمكن بطبيعة الحال إغفال الظروف المعاشية الصعبة التي يعاني منها أكثر من 80 بالمئة من الشعب السوري، والذين باتوا ينظرون إلى كل تحسن طفيف في الخدمات على أنه إنجاز عظيم مقارنة بالفترات السابقة.

فعلى سبيل المثال، تقول هذه المصادر، إن التحسن في الوضع الكهربائي جعل الناس تتناسى الفترات التي كان عليها الوضع قبل العام 2011، وإنما أصبحت المقارنة دائماً مع ما بعد هذا التاريخ.. لهذا يحاول نظام الأسد أن يلعب على هذا الواقع مستفيداً من طول فترة الأزمة السورية، الممتدة منذ أكثر من سبع سنوات، إذ أن ذلك أدى إلى نشوء جيل شاب جديد، لا يملك صورة عن سوريا سوى ما شاهده بعد قيام الثورة السورية.

لذلك، فكرة الإعادة، والكلام هنا للمصدر الإعلامي الذي طلب عدم الكشف عن هويته، تدغدغ المخيلة بإمكانية خلق صورة مختلفة، تماماً مثلما تأتي إلى موضع مزبلة وتنظفه، بينما الآخرون لا يتذكرون ما كان عليه الوضع سابقاً قبل هذه المزبلة.

أما فكرة إعادة اللاجئين، التي بدأت تطبل لها وسائل إعلام النظام، وتسمي حكومة خميس بأنها حكومة إعادة اللاجئين، فهي بحسب المصدر ذاته، جزء من الحملة الإعلامية التي رافقت ظهور هذه الحكومة والتي وصفتها بأنها حكومة سوف تحل كل المشاكل العالقة، والتي كان النظام هو المسبب لها، وهو من كان يمنع حلها سابقاً، بسبب أنه كان يريد أن ينكوي جميع أفراد الشعب السوري بنار الثورة بما فيهم المؤيدون، حتى تصبح شراً مطلقاً لا يسعى أحد إلى تكراره.

ويتابع بالقول، إن إعادة اللاجئين غير ممكنة دونما إعادة إعمار، لكن النظام جاد هذه المرة بإعادة هؤلاء اللاجئين أو قسم كبير منهم من أجل أن يحملهم تكاليف إعادة الإعمار، وذلك بعد أن أدرك أنه ليس بوسعه أن يعيد بناء أي شيء ولا يمتلك الإمكانية لذلك..

وينصح هذا المصدر السوريين في الخارج أخيراً، بعدم العودة، وعدم الإنصات للكلام المعسول الذي بدأ النظام يلقيه على مسامعهم، وبأنه يفتح صدره لهم، لأن ذلك ليس إلا خطة جديدة منه لدفعهم للداخل ومن ثم إلقاء الأعباء عليهم واستنزاف امكانياتهم المادية لعشرات السنوات القادمة، بينما هو يريد أن يتهرب من مسؤولية إعادة الإعمار، بفضل خطابه الإعلامي المعادي لكل الجهود الدولية التي قد تساهم في هذا المشروع، وهو واجبها.. ومن جهة ثانية فإن النظام يدرك بأن الدول التي يقول أنه يعتمد عليها في إعادة الإعمار، لا تملك الإمكانية، ولا تملك الحس الأخلاقي الذي قد يدفعها لهذا العمل.. لهذا بعد أن شعر النظام أنه متورط في هذا الخطاب، يريد من السوريين أن يعودوا، وهم من يتحملون تكاليف الإعمار.

ترك تعليق

التعليق