من يتاجر بالدعارة في سوريا..؟


في الأسماء الكثيرة التي تم تداولها مؤخراً حول اكتشاف شبكة دعارة كبيرة داخل دمشق، والتي تضم تجاراً مرموقين وسيدات أعمال، وفنانين مشهورين، يلفت الانتباه أن جميع الأسماء التي تم الكشف عنها، تعود لشخصيات من أبناء دمشق، أو من الطائفة السنية إذا أردنا التوضيح أكثر، بينما لم يتم الكشف عن باقي الأسماء والتي قيل أنها تتجاوز الـ 300 شخصاً، بينهم ضباط برتب رفيعة.. فهل نستطيع أن نستنتج شيئاً من هذا الخبر..؟

في الواقع لا نستطيع الفصل بين حملة النظام العسكرية الشرسة على الثورة السورية، والتي استهدفت المناطق السنية بالدرجة الأولى، وبين كل ما يروجه من أخبار وأكاذيب، الهدف منها الإساءة لهذه الطائفة وإظهار أبنائها، تارة على أنهم إرهابيون، وتارة أخرى على أنهم فاسدون ولصوص ومنحلون أخلاقياً.
 
وهو لم يستثن في هذه الحملة حتى مسؤوليه الكبار من السنة، والذين هم الأكثر عرضة للتهكم على وسائل الإعلام والأكثر احتمالاً للاتهام بالفساد من كل المسؤولين في نظامه.

وقد ذكرنا في مواقف سابقة، كيف أن جميع الحملات التي يقوم بها النظام ويكشف فيها عن عمليات غش ومواد غذائية فاسدة، إنما تعود غالباً إلى المناطق السنية، كما أنها الوحيدة التي يتم نشرها على وسائل الإعلام وتضخيمها على نحو مقزز.
 
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أوعز النظام المخابراتي مؤخراً، لأدواته الإعلامية، بتنظيم حملات أكاذيب على وسائل التواصل الاجتماعي، تخص بعض المسؤولين الكبار من السنة والمقربين من بشار الأسد شخصياً، والتي كان يتلقفها الإعلام المعارض ويعيد نشرها وتسليط الضوء عليها، باعتبارها دليلاً على فساد هذا النظام و"حقارته"، ولا نخفي أننا في "اقتصاد"، كدنا أن نتورط بهذه العملية، لولا أنه جاء من أخبرنا، ومن داخل أروقة النظام، بأن حملات التشويه هذه مقصودة ومنظمة من قبل أجهزة المخابرات.
 
وبالعودة إلى الموضوع الذي ضجت به وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي حول اكتشاف شبكة كبيرة في دمشق لتسهيل أعمال الدعارة وتجارة المخدرات، نود أن نشير إلى أنه جرى نشر الخبر، الذي يعود التحقيق فيه إلى ثلاثة أشهر، بحسب ما تم ذكره، في الوقت الذي يتزايد فيه الرفض الشعبي للميلشيات الإيرانية الشيعية على الأراضي السورية، وميليشيا حزب الله اللبنانية، التي يتهمها الجميع بأنها هي المروج الرئيسي للمخدرات بين الشباب السوري، وبالتالي فإن النظام يريد أن يقول، ومن خلفه حليفته إيران، إن المجتمع السني فاسد، هو من يقوم بتسهيل أعمال الدعارة وتجارة المخدرات والحشيش.
 
ومن جهة ثانية، كلنا يعلم في سوريا، أن تسهيل أعمال الدعارة، كانت من أبرز منجزات الحركة التصحيحية "المجيدة"، وكانت تتم بتشجيع من أجهزته السياسية والعسكرية والأمنية، وبتغطية وإشراف منها، ولم يكن بمقدور أي صحفي أن يتطرق ولو بالإشارة إلى انتشار منازل الدعارة في منطقة جرمانا بدمشق، لأن ذلك كان يعرضه مباشرة للاعتقال والاستجواب، ويتم تنبيهه إلى أن هذه المنازل هي من أدوات تشجيع السياحة التي يحرص النظام على توافرها، ويطلبون منه في المرات القادمة أن لا يقترب من هذا الموضوع حتى لا يتعرض إلى عواقب وخيمة.

إذاً، ما الذي جرى حتى أصبح النظام مهتماً وحريصاً على سمعة وأخلاقيات المجتمع السوري..؟، ثم لماذا لا يقوم بتسريب ونشر جميع الأسماء، وليس ما يريده منها..؟!، وأخيراً من هم هؤلاء الضباط الكبار المتورطون في هذه القضية..؟

نعتقد أن التطرق لوجود ضباط متورطين في هذه الشبكة، ليس كشفاً جديداً بحد ذاته، فهو أمر مفروغ منه، ويعلم به القاصي والداني في سوريا، كما أنه يعتبر لدى النظام من أهم عوامل الارتقاء في المناصب والرتب العسكرية، لكن على ما يبدو أن هناك نية بتصفية عدد كبير من هؤلاء الضباط أو تحجيمهم، وعبر تهم وسخة ودنيئة، ليس بينها إضعاف الشعور القومي والنيل من هيبة الدولة أو التآمر على نظام الحكم.



ترك تعليق

التعليق