"سامر فوز" وأمثاله.. رجال أعمال أم مجرد أدوات؟


ما يزال نجم ماكينات النظام الاقتصادية تلمع في سماء سوريا المنهارة اقتصادياً، بالتزامن مع الأحاديث التي بدأت تطفو على السطح فيما يخص مسألة إعادة الإعمار التي تضغط في سبيلها "روسيا" الحليف الرئيس والداعم لرأس النظام بشار الأسد.

وعلى هامش الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مناطق سيطرة النظام والأصوات التي تتعالى مطالبة بتوفير أسطوانة الغاز المنزلي ومادة حليب الأطفال وتخفيض الأسعار، بدأ يتم الحديث عن تأسيس مشاريع اقتصادية وشركات استثمارية تخص شخصيات ارتبط اسمها بنظام الأسد بشكل رئيس.

وفي وقت صادقت فيه وزارة التجارة الداخلية في حكومة النظام على تأسيس شركة تحت اسم "راماك للمشاريع التنموية والإنسانية" المساهمة المغفلة القابضة الخاصة التي يملكها "رامي مخلوف" ابن خال بشار الأسد، برأسمال قيمته "1.3 مليار ليرة سورية"، وافقت هيئة الاستثمار السورية على تأسيس مشروع لإنتاج المشروبات الغازية والعصائر الطبيعية للمستثمر "سامر فوز" وشركاه في مدينة "عدرا" الصناعية، والذي سيؤمن 120 فرصة عمل على حد زعمها. وكانت الهيئة قد وافقت منذ شهرين على تأسيس مشروع لإقامة معمل للكابلات في "عدرا الصناعية" لشركة "عامر فوز" وشركاه.

رجال أعمال أم أرباب للنظام؟

ويرى مراقبون أن نظام الأسد بدأ باستثمار رجال أعمال وأسماء اقتصادية صاعدة من أمثال "سامر فوز" وغيره، بهدف الالتفاف على العقوبات الاقتصادية التي تطاله من أوروبا وأمريكا، فيما يرى آخرون أن لإيران دور في دعم تلك الشخصيات التي بدأ نجمها يلمع رغم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بسوريا، فيما تطرح عودة رؤوس الأموال الداعمة للنظام إلى الواجهة من جديد العديد من التساؤلات في هذا الوقت بالذات.

الصحفي "سمير طويل" أشار إلى أنه لا يوجد شيء اسمه "عودة رجال الأعمال" بل إن هؤلاء رجال الأعمال هم "أرباب النظام" وهم من يأكلون على مائدة النظام، كما أنهم يتقاطعون مع النظام بمصالح واحدة سواء "سامر فوز أو رامي مخلوف".

وأضاف لموقع "اقتصاد"، أن هؤلاء ساهموا بشكل كبير خلال فترة العقوبات الصارمة من الاتحاد الأوروبي ومن أمريكا على النظام السوري بدعم النظام سواء دعماً اقتصادياً أو حتى دعماً للآلة العسكرية، من خلال توفير الموارد مثل النفط وبعض  المواد الأولية، وتوفير المواد الغذائية الأساسية بما يخدم توجه النظام بالحرب التي كانت ضد الشعب السوري.

وتابع بالقول: "رامي مخلوف مثلاً، أعلن عام 2011 أنه توجه للعمل الإنساني، لكن شركاته التجارية لم تتوقف عن العمل بل ازداد نشاطه كما شاهدنا في وثائق (بنما) كيف كان يتعامل مع شركات من (بنما) حتى تخترق العقوبات القائمة على النظام. أضف إلى ذلك أن نشاطه بالنسبة للسيطرة على المصارف وشركات التأمين إضافة لشراء الأسهم بالبورصة السورية لم يتوقف أبداً".

الاقتصاد السوري في خدمة مخلوف وأمثاله

وأضاف، أن كل القوانين وكل التفاصيل الاقتصادية تصدر لصالح رجال الأعمال الذين هم في النهاية شركاء له، لافتاً إلى أن "سامر الفوز ورامي مخلوف" ليسوا في خدمة الاقتصاد السوري بل اقتصاد نظام الأسد في خدمتهم وخدمة مصالحهم، كونهم هم من يختار القرارات والقوانين والأنظمة الاقتصادية بما يتناسب مع أرباح مشاريعهم وازدهار شركاتهم وزيادة رؤوس أموالهم.

ويرى "طويل" أن رجال الأعمال هؤلاء قدموا خدمات جلية للنظام السوري خلال الفترات الماضية وتمكنوا من الالتفاف على العقوبات الدولية، مبيناً أن الوقت قد حان ليس لمكافأتهم بل لينالوا حصة من كعكة إعادة الإعمار أو كعكة الاستقرار التي يتحدث عنها النظام.

السيطرة على كافة مشاريع إعادة الإعمار هو الهدف

ويرى مراقبون أن جميع رؤوس الأموال الداعمة لنظام الأسد تضع نُصب عينيها اليوم موضوع "إعادة الإعمار" وتنتظر الفرصة للانقضاض على أي شيء ينذر بذلك، كما أن الجميع يتكلم اليوم عن شركات أجنبية ستدخل البلد.

ومن هنا، فإن النظام يحاول ايجاد بيئة اقتصادية مناسبة من خلال مكونات اقتصادية تتبع له للسيطرة على أغلب مشاريع اعادة الإعمار في الفترة الحالية والفترة القادمة.

الدكتور "فراس شعبو" المتخصص في الشؤون الاقتصادية، يرى أن نظام الأسد بدأ يُعيد إظهار الأوجه القديمة والتي هي بالأصل وجه واحد لعائلة الأسد والمقربين منه، مضيفاً أن الأسد وبعد أن اعتبر نفسه منتصراً سياسياً بدأ بمحاولة اقناع الدول الأخرى أنه سيفرض سياسة الأمر الواقع وسوف يعيد تلك الوجوه التي كانت غائبة، التي هدفها بالأساس السيطرة على كافة مشاريع إعادة الإعمار.

ولفت "شعبو" في سياق حديثه لموقع "اقتصاد" إلى أن النظام استبعد بعض الوجوه الاقتصادية وبقي "رامي مخلوف" فقط هو المتحكم الأساسي في الساحة الاقتصادية، فجميع المشاريع الاستثمارية الحيوية التي تحدث في سوريا اليوم هي إما لرامي مخلوف بشكل مباشر أو لأشخاص هم عبارة عن واجهة لشركات تتبع لشركات رامي مخلوف القابضة، مبيناً أن "رامي مخلوف" يملك "شركة شام القابضة" التي هي من كبرى الشركات في الداخل السوري.

 من جهة ثانية، تحدث "شعبو" عن وجود مشاريع كثيرة تعمل على الأرض السورية بعد تسليم النظام الاقتصاد السوري إلى إيران بشكل مباشر، خاصةً إثر توقيع اتفاقيات استراتيجية مع إيران وتوقيع عقود فوسفات ومنها أكبر حقل فوسفات في المنطقة الوسطى في حمص.

ويرى "شعبو" أن هذه الأمور جميعها هي بمثابة إعادة هيكلة للاقتصاد السوري في ظل ما بعد الحرب، أو إعادة للسيطرة على جميع مقدرات الشعب السوري وجميع ما يمكن استخراجه من الأراضي السورية في الفترة القادمة.


ترك تعليق

التعليق