رمضانيات.. الأردن إذ يعاقب النظام


حتى الآن، لا أحد يعلم سر القرار الأردني بمقاطعة المنتجات والصناعات القادمة من سوريا عبر معبر نصيب الحدودي، إلا ما ذكره أحد المسؤولين الأردنيين، من أن ذلك يدخل في نطاق المعاملة بالمثل.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أعلنت وسائل إعلام النظام مؤخراً، أن الأردن أبلغ الجهات السورية، بإلغاء إقامته معرض الصناعات الأردنية في سوريا، والذي كان مقرراً نهاية الشهر الماضي، دون تقديم إيضاحات عن سبب الإلغاء.

طبعاً النظام السوري، تعامل بعدم اهتمام مع هذه الاجراءات العقابية الأردنية، ولم يصدر قرارات مشابهة، حتى أن مسؤوليه، لم يعلقوا على الأمر.. فما السبب؟
 
يعيش الأردن أوضاعاً اقتصادية صعبة، جراء وقف المساعدات الدولية، لإجباره على القبول بصفقة القرن، التي تقضي في جزء منها، توطين الفلسطينيين على أراضيه، مقابل بعض التحفيزات المالية.
 
وبحسب مصادر إعلامية أردنية، فإن النظام الأردني أبلغ نظيره السوري بهذا الوضع طالباً منه المساعدة للتغلب على هذه الأوضاع الاقتصادية، عبر تسهيل عمليات التبادل التجاري، وإنعاش السوق الأردنية، وفي النهاية مساعدته للتغلب على الضغوطات الدولية للقبول بصفقة القرن.

فكان أن رد النظام السوري بحسب هذه المصادر، بالإيعاز للقائمين على معبر نصيب الحدودي، بعدم السماح بإدخال البضائع الأردنية إلى الأسواق السورية، دون إصدار قرار علني بهذا الشأن.. ومن هنا جاء الرد الأردني بمنع دخول البضائع السورية إلى الأردن.

وتؤكد هذه المصادر، بأن النظام السوري على ما يبدو أنه متواطئ مع الغرب في عملية صفقة القرن، ويريد تمريرها، ضارباً بعرض الحائط مواقف الممانعة والمقاومة التي يدعيها..
 
وعلى جانب آخر، يرى محللون سوريون، بأن الأردن سلم كل أوراق الضغط على النظام السوري، عندما وافق على تسليم الجنوب منتصف العام الماضي، وألغى جميع غرف العمليات والدعم التي كانت تقدم للجيش الحر في تلك المناطق.
 
والخدعة الكبرى التي تعرض لها الأردن، كانت من خلال الوعود التي تلقاها من الجانب السوري، بإعادة تفعيل التجارة عبر معبر نصيب الحدودي، الذي كان يوفر للأردن إيرادات سنوية أكثر من نصف مليار دولار قبل العام 2011.. لكن عندما انطلق العمل في المعبر في منتصف تشرين الأول الماضي، تبين أن النظام السوري هو من يبحث عن تصريف منتجاته، وإنعاش أسواقه، مستفيداً من فارق الأسعار عن الأردن، بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة للمواطن الأردني، والذي كان بحاجة للبحث عن أسواق رخيصة لتأمين حاجياته المعاشية.

ومع مطلع العام الحالي، اكتشف الأردن أن أسواقه بدأت تعاني من الكساد، وبالذات في المناطق الحدودية وصولاً إلى عمان العاصمة، نتيجة لتدفق البضائع السورية الرخيصة، وهو ما تسبب في النهاية بحركة تذمر بين أوساط التجار، كادت أن تتحول إلى حركة احتجاج شعبية، تطال النظام السياسي.
 
ويؤكد متابعون، أن سبب عدم اهتمام النظام السوري بالقرارات العقابية الأردنية، لأنه يعلم بأن الأردن إنما يعاقب نفسه، وهو ما يسعى إليه مسؤولو هذا النظام، من خلال معاقبة الأردن بالكامل على موقفه السابق الداعم للثورة السورية، والهادف لإسقاط النظام.
 
ويتطلع النظام السوري كذلك، إلى تسليم الأردن لجميع الضباط والعسكريين المنشقين عن النظام والذين يقيمون منذ أكثر من سبع سنوات على الأراضي الأردنية، ولعبوا دوراً كبيراً في إضعاف النظام خلال مواجهته للثورة. وهؤلاء يقدر عددهم بالآلاف.
 
إلا أن الأردن، وبحسب مصادر نيابية خاصة، يرفض حتى الآن الرضوخ لشروط النظام السوري، فيما يتعلق بملفات التعاون الأمني بين البلدين، كما يحاول أن يقاوم أزمته الاقتصادية بالاعتماد على إعادة هيكلة أجهزته الحكومية، واعتماد سياسة اقتصادية جديدة، تلغي من حساباتها الارتهان، سواء لدول الجوار أو الدول الكبرى.

وبقي أن نشير إلى أن النظام السوري، ينظر بعين الغبطة، للتخبط الأردني الداخلي، والذي ينذر بانفجار اقتصادي وسياسي كبير، ويعتبر أنه في الوقت الذي أراد فيه الأردن التآمر عليه ومعاقبته، ها هو يقع في شرك أعماله.
 
لذلك فعل الأردن خيراً، بإغلاق بوابة التعاون مع النظام السوري، لأنه باختصار: نظام لا يريد له الخير.

ترك تعليق

التعليق