ماذا يفعل "وليد المعلم" في الصين؟


أثارت الزيارة الحالية التي يجريها وزير خارجية النظام السوري، وليد المعلم، إلى الصين، تساؤلات حول مضمونها، وأهداف النظام منها، وما إذا كانت تعد لعباً من النظام على المتناقضات بين الحلفاء (روسيا، إيران)، وتوظيفها لصالحه.

 وسائل إعلام النظام، أوضحت أن الزيارة التي يستكملها المعلم للصين حتى يوم الغد الجمعة، جاءت تلبية لدعوة من وزير الخارجية الصيني وانغ يي، لبحث جوانب العلاقات الثنائية التي تربط البلدين و"سبل تعزيزها والارتقاء بها في كل المجالات إلى المستوى الذي تأمله قيادتا البلدين إضافة إلى تطورات الأوضاع في سوريا، والمواضيع ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية".

 لكن مراقبون للشأن السوري رجحوا خلال حديثهم لـ"اقتصاد" أن يكون الغرض من الزيارة هو بحث ملفات اقتصادية متعلقة بمرحلة إعادة الإعمار، والأزمة الاقتصادية "الخانقة" التي يمر بها نظام الأسد، التي انعكست مؤخراً على سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، حيث تجاوز سعر الدولار الأمريكي الواحد حاجز الـ"600 ليرة سورية"، وهو السعر الأدنى الذي سجلته الليرة منذ ثلاثة أعوام.

وقال الباحث بالشأن الاقتصادي السوري، أدهم قضيماتي، لـ"اقتصاد": "بعد فرض الكثير من دول العالم حصاراً اقتصادياً وسياسياً على نظام الأسد، لم يعد لدى الأخير سوى الحلفاء الذين منعوا سقوطه الحتمي بدعمهم المادي والعسكري".

وأضاف أن الصين هي واحدة من بين الدول التي دعمت النظام، مبيناً أن الأسد يعتبر بكين الملاذ الأخير بعد العقوبات والتحذيرات الأمريكية لكل من طهران وموسكو.

 مزيد من التنازلات في "إعادة الإعمار"

ووفق قضيماتي، فإن "ذهاب المعلم للصين، هو بهدف تقديم المزيد من التنازلات، وبيع المزيد من خيرات الشعب السوري للصين، مقابل تأمين المزيد من الدعم".

وأوضح أن الصين تضع نصب عينيها استفادة شركاتها من مرحلة "إعادة الإعمار"، كما تتطلع أيضاً لبسط نفوذ أكبر لها في الشرق الأوسط.

وذكر قضيماتي، أن الأمم المتحدة قدرت تكلفة إعادة الإعمار في سوريا بحوالي 250 مليار دولار، معتبراً أن "هذا الرقم الضخم يُسيل لعاب الصين، التي تنشط عدد من شركاتها بالشراكة مع أقارب الأسد، في السوق المحلية".

وسائل إعلام النظام، أكدت أن الصين سلمّت النظام 100 باص نقل عام، كمنحة مجانية، في حين عزت مواقع اقتصادية متخصصة الهدية الرمزية هذه إلى اقتراب انطلاق عملية إعادة الإعمار.

وفي السياق ذاته، أكد قضيماتي أن المنح الصينية للنظام السوري لم تتوقف منذ العام 2011، مبيناً أن الصين أعلنت عن دعمها للنظام السوري بما يقارب 15 مليون دولار كمنح للاحتياجات الإنسانية خلال العام الحالي، وبما يقارب 90 مليون دولار خلال السنوات الماضية.

 تنافس بين الحلفاء

الخبير والمفتش المالي، منذر محمد، أشار إلى وجود تنافس صيني- روسي على الاستثمار في سوريا، وخصوصاً في حقل الطاقة، وقطاع الإنشاءات والشركات العاملة في هذا القطاع التي سيكون لها دور كبير في مرحلة إعادة الإعمار.

 ورأى خلال حديثه لـ"اقتصاد"، أن "النظام يعتقد أن بمقدوره توزيع البيض على أكثر من سلة، بينما في الواقع لم يعد النظام يمتلك شيئاً ليوزعه، لأن روسيا وإيران تقاسمتا كل شيء، ولم يبق للبقية سوى الفُتات"، على حد تعبيره.

موقع "آسيا تايمز" اعتبر أن الزيارة تفيد بأن الوقت الحالي مناسب لدخول الصين بشكل أقوى إلى السوق السوري، إذا ما أرادت منافسة إيران وروسيا.

وألمح كذلك، إلى أن مؤسسة البترول الوطنية الصينية (CNPC) تنوي العودة مجدداً إلى سوريا، مبيناً أن الشركة الحكومية العملاقة تملك حصصاً في شركتي الفرات والشركة السورية للنفط.

من جانب آخر، لفت الخبير منذر محمد إلى تزامن الزيارة مع العلاقات الصينية الأمريكية الاقتصادية المتوترة، بقوله "الصين تبحث عن كل أوراق القوة والضغط على الولايات المتحدة، والملف السوري والانخراط فيه قد يكون واحداً من بين الأوراق التي تبحث الصين عنها في هذا الوقت، وهذا ما يفسر استدعائها لوليد المعلم".

يذكر أن زيارة المعلم إلى الصين تعد الثالثة منذ بداية الثورة السورية في آذار 2011.

ترك تعليق

التعليق