تحليل- أريحا على خطى المعرة.. لم كل هذه الدموية والتوحش؟


بعد مجزرة معرة النعمان الواقعة على الطريق الدولي دمشق-حلب، سارع النظام بمقاتلاته الحربية لشن غارات عديدة قاسية وسط مدينة أريحا التي تقع على فرع آخر من الطريق الدولي وهو اللاذقية-حلب. اتسم القصف في كلا المدينتين المكتظتين بالسكان بتوجيه ضربات محددة في المناطق الحيوية ما أدى لوقوع مجازر كانت أشد دموية من غيرها.

موقع المدينتين تسبب لهما بالكثير من المشاكل. لكن الموقع في حد ذاته، لا يعتبر السبب الرئيسي للقصف. وعند محاولة تفكيك هذا المشهد المعقد إلى حد ما؛ بالإمكان الوصول لثلاثة سيناريوهات.

القصف على أريحا والمعرة يستهدف إفراغ المدينتين كباقي مدن وقرى الريف الجنوبي لإدلب وبلدات ريفي حماة الشمالي والغربي. يسعى النظام وبمساندة من موسكو لتأمين الطرقين الدوليين (M4-M5). لذلك يحاول إخلاء المنطقة لخلق منطقة عازلة اتفق عليها الدول الأعضاء في (أستانة) وتقع في خطٍ عرضه 15 كيلومتر متاخمٍ لنقاط التماس مع جبهات النظام.

تهجير جميع المناطق وتدمير البلدات التي تقع ضمن خط التماس ثم تأمين خط التجارة الذي سيغدو مفتوحاً من الأردن حتى حلب وتسيير دوريات مشتركة؛ روسية-تركية على هذا الطريق. هي بنود شبه متفق عليها للمرحلة المقبلة.

في المقابل، يرفض العديد من نشطاء المنطقة هذا الرأي معتبرين أن توسع القصف ليس سوى ردة فعل من قبل النظام بعد الخسائر التي مني بها في المعارك المحتدمة في ريفي حماة الغربي والشمالي.

أما موضوع المنطقة العازلة فلم يعد له أي مكان بعد فشل الترسانة العسكرية التي يمتلكها النظام في إحراز أي تقدم بري في ادلب.

كما أن القصف الذي يسعى لإفراغ منطقة وتهجير سكانها يختلف تماماً عن الغارات الموجعة والتي يسعى النظام لتوجيه رسالة محددة للثوار وحاضنتهم من خلالها.

استهداف أريحا والمعرة من النوع الأخير.

عندما يريد النظام تهجير قرية ما يبدأ بقصف المناطق المحيطة ثم يتوسع القصف ليشمل أطرافها وبعد ذلك يقدم النظام على استهداف المناطق الحيوية داخلها.

أريحا والمعرة استهدفتا في الوسط وهذا يعكس نية إجرامية لا أكثر. والهدف هو الانتقام وإيلام الثوار بقتل أطفالهم ونسائهم، وإشغال المشافي والمرافق الصحية.

وبما أن التحضيرات قد بدأت لانعقاد أستانة 13 الذي يعتبر الأخطر، يكون القصف والتدمير وإسالة المزيد من الدماء بمثابة ضغط وابتزاز ومحاولة لتأليب الحاضنة الشعبية وإشعارها بالخطر القادم. بمعنى أدق؛ الهدف الأساسي هو الضغط على فصائل المعارضة وأجسامها السياسية بغية الموافقة على هدنة لوقف إطلاق النار ومخرجات أستانة القادم، بعيداً عن جنيف وقراراته.

يبقى التحليل الأخير وهو رأي غير مكتمل؛ ومفاده أن توسع القصف وارتفاع وتيرته هو جزء من الخطة العسكرية البرية التي يحاول النظام إنجازها.

النظام يسعى لإفراغ كافة مناطق ريف ادلب الجنوبي من ساكنيها وذلك لسهولة رصد طيران الاستطلاع لتحركات الثوار. فحينما تكون المنطقة خالية من السكان يصبح الرصد أسهل.

ترك تعليق

التعليق