خان شيخون لن تسقط.. وهذا ما سيحدث لو تم تنفيذ اتفاق "سوتشي"


بعد سيطرة النظام على الهبيط غرباً، وتل سكيك شرقاً، باتت الفرصة سانحة أمامه لإحكام القبضة على مدينة خان شيخون.

بدأ النظام بتنفيذ خطة تتمثل في فرض طوق عسكري على ريف حماة الشمالي (خان شيخون- مورك- اللطامنة- كفرزيتا) فور اندلاع القتال جنوب آخر جيب تسيطر عليه قوات الثوار شمال غرب سوريا.

لكن هل يمكن أن تسير الأمور في اتجاه الحصار؟، وهل سيتم السماح للنظام بالسيطرة على خان شيخون ومعاقل جيش العزة؟

الخطة التي بدأت بالسيطرة على كفرنبودة تعرقلت قرابة ثلاثة أشهر على مشارف بلدة الهبيط من الجهة الغربية للخان. لكن عقب انتهاء أستانة (13) توغل النظام داخل الهبيط وعدد من القرى المتاخمة. شرق خان شيخون تمكن النظام من السيطرة على منطقة سكيك. قاوم الثوار ببسالة على الجبهة الشرقية في حين كانت الجبهة الغربية هشة ما جعل النظام يتقدم في القسم الشمالي الغربي باتجاه مدايا وتل زيتونة حيث يسعى بعد ذلك لإحكام القبضة على "تل النار" وهو تل مرتفع، ومن يسيطر عليه سيشرف على كفرسجنة وقسم كبير من محيط خان شيخون.

يحاول النظام مدعوماً بكثافة نارية هائلة تقدمها المقاتلات الحربية الروسية، العمل على أكثر من اتجاه، أملاً بالوصول إلى خان شيخون. فشل شرقاً عند بلدة التمانعة فتوغل في الشمال الغربي. وفي حال تمكن من تنفيذ خطته في هذا الاتجاه، ربما سينزل نحو الجنوب الغربي نحو منطقة الصياد وبهذه العملية تكون خان شيخون قد وقعت في حصار من ثلاثة اتجاهات.

لماذا لن تسقط المدينة؟

لخان شيخون أهمية كبيرة بالنسبة للروس وللنظام. وفي حال تم الدخول إلى هذه المدينة سيكون النظام قد حاصر تماماً معاقل جيش العزة في كفرزيتا واللطامنة ومورك، كما ستقع نقطة المراقبة التركية في مورك في حصار مطبق.

كما أن من يسيطر على المدينة سوف يتحكم بطريق التجارة الدولية (m5) الذي يمر من إدلب باتجاه مدينة حلب. وفي سيطرة الروس على خان شيخون فرصة كبيرة لتهيئة ظروف مصطنعة تبرئ النظام وروسيا من مجزرة الكيماوي التي نفذت ضد أهالي المدينة في العام 2017.

احتدام المعارك خلق موجة نزوح كبيرة في مناطق ريف حماة الشمالي وخان شيخون. سيارات تحمل ليلاً من تبقى من عائلات باتجاه جبل الزاوية وإدلب والريف الشمالي. هناك بعض الشبان يدخلون في الليل أيضاً لنقل أثاث المنازل نحو مناطق النزوح الجديدة. فرغت المدن من السكان لكن لاتزال بعض الأسر تقيم على أطراف خان شيخون نتيجة عدم امتلاكها أجرة نقل الأمتعة ونقل أطفالها نحو مناطق أكثر أمناً.

هناك أمل كبير في عرقلة تقدم النظام نحو البوابة الجنوبية لإدلب. ويتجلى هذا الأمل في وجود رغبة جدية من قبل الثوار للتصدي للحملة. كما أن هناك علامات استفهام كثيرة حول الدور التركي وردة فعله عشية اقتراب النظام من إحكام الحصار على نقطة المراقبة التركية في مورك. فهل سيقف الأتراك مكتوفي الأيدي بينما يُحاصر جنودهم من قبل قوات النظام؟

كما أن نجاح الثوار في الصمود شرقي خان شيخون على جبهة سكيك سيخلق ثغرة في خطة النظام حيث سيبقى هناك خط إمداد للريف الشمالي بما فيها نقطة المراقبة التركية. في المستقبل بإمكان الثوار توسيع هذه الثغرة.

سوتشي والتقسيم

على الرغم من كثرة الحديث عن فشل اتفاق سوتشي الذي يشمل خلق منطقة عازلة بعرض 20 كيلو على نقاط التماس بين النظام والمعارضة وتسيير دوريات روسية-تركية مشتركة على طريقي التجارة المارين من إدلب، إلا أنه لا وجود لمعطيات تثبت هذا الفشل.

تريد روسيا تأمين الخواصر الرخوة لمعسكراتها في محردة وسقيلبية وقاعدتها العسكرية في حميميم، لذلك وضعت ومنذ اليوم الأول لاندلاع المعارك أهدافاً محددة تخدم هذه الخطة.

سهل الغاب وجسر الشغور وريف حماة الشمالي هي أهم المناطق الموضوعة ضمن الخطة الروسية التي يبدو أنها لم تحظ بموافقة من تركيا لذلك كان تقدم الروس والنظام بطيئاً جداً ومكلفاً.

على المقلب الآخر لم تحرك تركيا أياً من نقاط المراقبة التي وضعتها على خطوط التماس على الرغم من تعرض بعضها للاستهداف من قوات النظام. تركيا دعمت المعارضة بمضادات الدروع وصواريخ الغراد، وتعتبر إدلب كجزء من عملها في شرقي وغربي الفرات، فهي لن تتنازل عن أي من هذه المناطق دون الحصول على مكاسب تحقق أمنها القومي.

ملف إدلب بالغ التعقيد وليس بهذه السهولة التي تبدو للبعض. هناك اتفاق أستانة الذي يسعى لتأمين خط التجارة المار من إدلب، وأطماع النظام التي تضع في حسبانها السيطرة التامة على كامل المنطقة، وأطماع موسكو في تأمين قواعدها ومعسكراتها، في حين تتعارض هذه الأطماع مع الجهود التركية التي تعتبر إدلب امتداداً طبيعياً للجنوب التركي وورقة للضغط على روسيا المتمركزة في الساحل السوري والجانب الآخر من سهل الغاب، يشاركها في الشطر الأخير؛ الولايات المتحدة الأمريكية والتي لم تبد أي تحرك حتى اللحظة لاسيما مع وجود تقارب بينها وبين تركيا المتمثل في اتفاقية "ممر السلام" شرقي الفرات.

خلاصة القول: سوتشي لم يتعرض للانهيار لكنه توقف بشكل مؤقت نتيجة التقارب الأمريكي-التركي. وعندما يوضع في التنفيذ ستكون هناك منطقة عازلة تشمل الريف الشمالي والغربي لحماة إضافة لمعرة النعمان وسراقب وأريحا وجسر الشغور (هناك استفهامات كثيرة حول تفاصيل هذه المنطقة)، وما تبقى سيخضع لوصاية أنقرة ضمن مخطط تقسيم سوريا لثلاثة أقاليم (شرق، شمال شرق: تحت الوصاية الأمريكية، شمال غرب: تحت نفوذ الأتراك، بينما يبقى الساحل والوسط والجنوب تحت وصاية روسية-إيرانية).

ترك تعليق

التعليق