ميليشيات الأسد.. الحلقة الأضعف في الصراع على "لؤلؤة الفرات"


على الطريق الواصل بين مدينة البوكمال ومحطة "الكم" النفطية شرق محافظة دير الزور، بدأت ميليشيات الحرس الثوري الإيراني قبل أيام بإنشاء قاعدة عسكرية جديدة لقواتها الرسمية مستقدمةً تحصينات هندسية متكاملة من أبنية مسبقة الصنع وأجهزة حفر الخنادق، فيما قامت قوات روسية باحتلال بلدة الجلاء في مدينة البوكمال على طريق الميادين شرق المحافظة، ونشرت فيها عدداً كبيراً من عناصرها، وأفرغت معدات عسكرية ضخمة، في نشاطٍ واضحٍ لها بعد أن كان ضئيلاً للغاية في الفترات السابقة.

تقع محافظة دير الزور في الجهة الشرقية من سوريا، وتتاخم الحدود العراقية، وتحيط بها عدّة محافظات، "الحسكة من الشمال، والرقة وحمص من الغرب"، تبلغ مساحتها نحو 33 ألف كيلو متر مربع، ويُقدّر عدد سكانها قبل توقف الإحصائيات الرسمية عام 2012 بـ 1300000 نسمة، تبعد عن العاصمة دمشق قرابة 430 كم.

اقتصادياً، تشتهر كافة ضواحي المحافظة بالزراعة لقربها من الضفة الغربية لنهر الفرات، كما تمتاز بغناها بحقول النفط والغاز، حيث تحتوي على أكبر الحقول النفطية في سوريا، أهمّها "حقل العمر" الذي يبعد عن بلدة البصيرة 15 كيلو متر، ويخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي تتقاسم السيطرة مع ميليشيات الأسد على بقية الحقول الأصغر "التنك، الورد، التيم، الجفرة، كونيكو، و(T2)".

كما تزخر المحافظة بمعالم تاريخية وأثرية تجسد مختلف الحضارات والثقافات التي يعبّر عنها متحفها الضخم باحتوائه سابقاً نحو 25 ألف قطعة أثرية، ومن أسمائها الأخرى الزمردة الخضراء ولؤلؤة الفرات.

تتمسك ميليشيات الأسد بسيطرتها على معبر البوكمال – القائم، رغم توقفه عن العمل منذ سنوات، ويُعد المعبر البري المزمع افتتاحه منتصف الشهر القادم بين سوريا والعراق من أبرز أهداف القواعد العسكرية الجديدة بحسب مصادرنا هناك، لا سيما لدى الحرس الثوري الإيراني الذي يهيمن على مركز المحافظة ويسيطر على أكبر أجزائها الشرقية،  ويولي المناطق الحدودية أهمية عالية لكونها نقطة رئيسية في التقاء ميليشياته، إضافةً للعمل على تثبيت الطريق إلى الضاحية الجنوبية في لبنان، بديلاً عن طريق التنف في بادية حمص.

ووفقاً لمصادرنا فإنّ روسيا تحاول توسيع مساحة سيطرة ميليشيا "الفيلق الخامس" المدعوم منها، لا سيما بعد عمليات انشقاق كبيرة حدثت منذ مطلع العام الحالي من ميليشيات الأسد باتجاه الحرس الثوري الإيراني، ناهيك عن تموضعها الرئيسي المبني على هدفها بالاستحواذ على الحجم الأكبر من عقود استثمار النفط والغاز في المستقبل.

وتتنوع أهداف أمريكا في تلك المنطقة، بدءاً من امتلاكها أوراقاً تفاوضية هامة عبر دعمها لميليشيا قوات سوريا الديمقراطية المسيطرة على منطقة غرب الفرات، وسعيها لتثبيت مناطق نفوذها الممتدة من الحدود التركية إلى الحدود الأردنية، ورغبتها في كبح جماح المشروع الإيراني.

كل طرف فاعل في جغرافية المحافظة له أهدافه ومكتسباته ومطامعه، ولم يتبق لميليشيات نظام الأسد سوى بعض المصالح الاقتصادية من خلال عشرات المعابر المائية المستحدثة بين ضفتي الفرات، والتي تتقاضى منها ميليشيات النظام رسوم العبور البالغة بين 5 آلاف ليرة سورية للفرد، و 500 ألف ليرة للشاحنات التجارية.

تنظيم الدولة الذي يتخذ من البادية مركزاً رئيسياً وآمناً لشن عملياته العسكرية المباغتة لا يغيب عن المشهد كثيراً، حيث يقوم بين الآونة والأخرى باستهداف كل الأطراف وفي مقدمتها ميليشيات الأسد كونها باتت الحلقة الأضعف في الصراع على "لؤلؤة الفرات".

ترك تعليق

التعليق