عشرات الشبان يقتنصون فرصة التهدئة في إدلب.. للزواج


عندما أتى موعد "كتب الكتاب" لم يحضر أحد. هرب أهل العروس ومعظم أهالي بلدة المسطومة غربي إدلب، نحو الأحراش، خوفاً من الغارات الحربية التي تعرضت لها البلدة.

لذلك كان العريس "عبد الحميد" ينتظر بفارغ الصبر حدوث هدنة بين الثوار وقوات النظام في إدلب، حتى يباشر بإجراءات عقد الزواج. وها قد أتاحت له ظروف التهدئة الحالية على الرغم من خروقاتها المتكررة، فرصة إقامة مراسيم الزواج كما حدث مع العشرات من الشبان الذين منعتهم أجواء المعارك والقصف الموسع، من إقامة الحفلات التي كانوا يستعدون لها.

وقال "عبد الحميد" الذي كان مبتهجاً وهو يضع كفه بكف عمه (والد زوجته) أثناء ما يسمى بـ(كتب الكتاب) لـ "اقتصاد": "بعد أسابيع من الانتظار تمكنت أخيراً من عقد قراني".

خلال الفترة التي سبقت التهدئة الحالية أجّل عبد الحميد موعد كتب الكتاب عدة مرات.

 "في كل مرة تأتي الطائرة وتقصف بالقرب من معسكر طلائع المسطومة ما يجعل أهل خطيبتي يهربون نحو البرية ويفشل الحفل"، يقول عبد الحميد.

وعلى الرغم من إمكانية نقض الهدنة في أي وقت يسعى الشاب الذي تجاوز الـ 27 عاماً لإتمام ترتيبات تجهيز بيت الزوحية من شراء غرفة نوم وعفش وإكمال ما تبقى من مهر للعروس ثم إقامة حفل الزفاف في إحدى صالات مدينة إدلب.

وعقب التهدئة التي أعلنت عنها روسيا نهاية آب الماضي بدا واضحاً إسراع الشبان لانتهاز فرصة الهدوء وإقامة حفلات العرس وفق التقاليد المتبعة والمعروفة في إدلب.

ولا تزال معظم التقاليد حاضرة. فالخاطب يضع أوراقاً نقدية تحت فنجان القهوة إذا أُعجب بالفتاة المخطوبة، وبعد فصل النقد تذهب العروس وأمها مع العريس لشراء الذهب وبعض الثياب، أما كتب الكتاب فيكون عبارة عن حفل للنساء بينما يجلس الرجال بصحبة أحد المشايخ ويشهدون على عقد القران. وحفل الزواج لا يزال باذخاً حيث تسير مواكب كبيرة من السيارات يجلس العريس في إحداها باتجاه أهل العروس حيث يدخل الشاب للتلبيسة، ثم يغادر الجمع إلى بيت الزوجية بنفس الموكب الفخم.

ويمكن في هذه الأوقات مشاهد هذه المواكب الضخمة في أي شارع من شوارع إدلب أو الريف الشرقي والغربي والشمالي في حين تغيب هذه الأجواء في معظم مناطق الريف الجنوبي تبعاً لغياب الحياة أصلاً.

وقال "محمود" الذي عقد قرانه متذ أيام في مدينة إدلب، إن ظروف المعركة الأخيرة التي اندلعت في رمضان الماضي منعت الشبان الذين كانوا يتأهبون للزواج خلال الصيف من استكمال هذه الخطوة. محمود، جهز بيته للزواج قبل رمضان لكن احتدام القتال جعله يؤجل زواجه حتى الإعلان عن التهدئة الحالية.

يتابع: "مدينة إدلب لم تتعرض للقصف كثيراً لكن مشهد الآلاف من النازحين وهم يمرون من الطرقات الدولية بالقرب من المدينة يمنع المرء من الفرح بأهم لحظة في حياته".



ترك تعليق

التعليق