سيناريوهات محتملة بعد إعلان تهدئة جديدة في إدلب


تبدو إدلب مقبلة على احتمالات متعددة تتعلق بتنفيذ اتفاق سوتشي المتبدل والمتغير دائماً.

 أعلنت وزارة الدفاع الروسية بدء العمل بوقف إطلاق النار بدءاً من يوم الخميس في منطقة خفض التصعيد الرابعة التي غدت منذ رمضان الفائت أبعد ما تكون عن هذه التسمية بسبب اندلاع القتال في الجزء الجنوبي منها. تلاه يوم الجمعة، إعلان تركي للهدنة، على أن تبدأ منتصف ليل الأحد القادم.

استهلت روسيا أولى دقائق العام الجديد في إدلب بشن غارات عنيفة استهدفت مدينة إدلب ما يشير إلى أن خيار التصعيد في هذا العام يعتبر الأفضل لدى سيد الكرملين الذي يدعم نظام بشار الأسد دعماً مباشراً منذ العام 2015.

لكن عدة أحداث خارج سوريا أدت لتعقيد المسألة.

فمثلاً.. دخول تركيا على الخط في ليبيا داعمة لحكومة الوفاق في مواجهة روسيا التي تدعم حكومة شرق ليبيا. الرغبة الأمريكية العارمة في القضاء على نفوذ إيران والتي مهدت لها باغتيال قاسم سليماني رجل إيران الأكبر خارج الحدود الإيرانية.. كلها ترتيبات يمكن أن تؤثر -بشكل أو بآخر- على قضية إدلب.

وهكذا بات على بوتين اللجوء إلى المراوغة للحصول على سوتشي بالمقاس الروسي خلافاً للمذكرة التي تم التوقيع عليها مع الأتراك في 17 أيلول 2018.

مراوغة

هناك احتمال أن يكون الإعلان عن الهدنة الجديدة في إدلب مراوغة كبيرة من قبل روسيا على غرار هدنة مشابهة جرت بعد معركة السيطرة على خان شيخون تهدف من خلالها روسيا إلى التخفيف من حدة الضغوط التركية والأمريكية والعمل على قضم منطقة جديدة ربما تكون غربي مدينة حلب.

تسعى روسيا من حشد القوات في المنطقة المحاذية لسيطرة المعارضة في ريف حلب الغربي إلى إبعاد هيئة تحرير الشام عن الطريق الدولي الذي يشكل الهدف الأول للروس من المعارك الحالية حيث سيؤمن وضعه تحت نفوذ النظام طريقا آمناً من دمشق وحتى حلب.

تفاهمات غير معلنة

جاء الإعلان الفردي والمبكر لوزارة الدفاع الروسية عن هدنة متفق عليها مع تركيا استباقاً للإعلان التركي المتفق عليه وفقاً لتقارير صحفية.

وربما يخفي هذا الإعلان ترتيبات معينة تتعلق بالطريق الدولي جرى التباحث فيها خلال الاجتماع الأخير الذي عُقد بين أردوغان وبوتين، والذي تم خلاله افتتاح مشروع "السيل التركي" الذي سينقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا، وتم على هامشه الإعلان عن وقف إطلاق النار في ليبيا.

الشكل المتوقع لمثل هذا الاتفاق غير واضح تماماً نتيجة غياب التصريحات الرسمية حول الموضوع، لكن التوقعات تشير إلى أن يتم رسم حدود جديدة على طول الطريق (m5) يتوغل فيها الروس شرقي الطريق، بينما تتكفل تركيا بإبعاد هيئة تحرير الشام عن غربي الطريق مقابل الزج بقوات تابعة لها من الجيش الوطني كقوات فصل بين الجهة الغربية للطريق والجيب الذي سيتركز فيه وجود تحرير الشام.

ثم يفتح طريق الترانزيت بعد تسيير دوريات مشتركة بين روسيا وتركيا.

قبل أسابيع دخلت إلى إدلب مجموعات تابعة للجيش الوطني من المناطق التي تخضع لإدارة مباشرة من تركيا، شمالي حلب.

مع سماح هيئة تحرير الشام بدخول هذه القوات التي طالما كانت تتوجس منها يبدو أن هناك اتفاقاً ما سيتم العمل عليه يتضمن فتح الطريق.

عقدة تحرير الشام

هناك سيناريو ثالث جرى التكهن به عقب اندلاع عملية "نبع السلام" شرقي الفرات، وهو أن تعلن موسكو وأنقرة عن هدنة طويلة الأمد ليتسنى لتركيا خلالها حل عقدة تحرير الشام كما ينص اتفاق سوتشي.

مع خطوة كهذه؛ تغدو المنطقة مفتوحة على احتمالات عدة تتعلق بكيفية القضاء على هذه العقدة.

دخول الجيش الوطني بدعم من تركيا إلى إدلب على غرار معارك مشابهة مثل درع الفرات ضد تنظيم الدولة بات أمراً محتملاً.

كما أن تحرير الشام ربما تتلافى معركة ضارية كهذه عبر اندماجها مع فصائل الجيش الوطني.

وهناك من يشير إلى إمكانية حدوث انشقاقات ضمن الهيئة لتبقى بعض العناصر والمجموعات المتمسكة بالمدرسة الجهادية التي خرجت الهيئة من رحمها. هذه المجموعات يمكن أن تستعصي في المناطق الجبلية الوعرة غربي إدلب.

على ضوء التنفيذ العسكري العنيف لبنود اتفاق سوتشي والذي أدى لخروج مناطق استراتيجية من أيدي قوات المعارضة مثل خان شيخون وريف حماة الشمالي وجرجناز، تبدو كل توقعات التصعيد في العام 2020، واردة.

إلا إذا حدثت تغيرات جوهرية في الموقف الأمريكي تجاه المعارضة كحرص الولايات المتحدة على عودة التنسيق والدعم المالي واللوجستي للمعارضة بشقيها السياسي والعسكري، مقابل إزاحة النفوذ الإيراني من المنطقة. وهو أمر وارد جداً كما تشير المعطيات على الأرض.

ترك تعليق

التعليق