خبيران متخصصان لـ "اقتصاد": لا قاع لانهيار الليرة


سجلت الليرة السورية تدهوراً قياسياً في قيمتها أمام العملات الأجنبية، لتلامس خلال الساعات الماضية حاجز الـ 3500 للدولار الأمريكي الواحد، ما أثار تساؤلات عن مستقبلها.

ووفق خبراء اقتصاديين، تحدث إليهم "اقتصاد"، فإن من الصعب التكهن بمدى هبوط قيمة الليرة السورية، نظراً لغياب الإدارة المالية "الرشيدة"، إلى جانب تداخل العوامل السياسية والاقتصادية التي تقف وراء ترنح الليرة.

ويؤكد الباحث والأستاذ الجامعي في العلوم الاقتصادية، الدكتور رفعت عامر، أنه ليس هناك من قاع أمام الليرة للاستقرار، في ظل تهالك الاقتصاد وانهياره وغياب أي نوع من أنواع الإدارة الاقتصادية والمالية والنقدية الرشيدة في سوريا.

ورجح في حديثه لـ"اقتصاد" أن تتجه الليرة نحو مزيد من الانخفاض، بسبب عدم وجود أدوات اقتصادية ومالية ونقدية قادرة على ضبط إيقاع الليرة.

وحسب عامر، فإن السبيل الوحيد لضبط إيقاع الليرة، هو فرض دعم خارجي روسي، مستدركاً: "لكن حتى هذا الدعم لن يسهم - إذا تم-  إلا في إنعاش مؤقت لليرة".

ورأى أنه: "في حال عدم توفر الدعم الكافي ستتجه الليرة إلى التعويم الكامل مع تحول تدريجي للدولرة، وسيبقى الاقتصاد والنظام في غرفة الإنعاش حتى تعلن روسيا وأمريكا وغيرها من الدول موته الكامل، يرافق ذلك تظاهرات واحتجاجات واعتصامات، وإغلاق المحلات، وتوقف النشاط الاقتصادي الذي جعل المواطن السوري يتساوى لديه الموت مع الحياة".

ومن وجهة نظر، رئيس "مجموعة عمل اقتصاد سوريا"، الدكتور أسامة قاضي، فإنه لا قاع واضح لانخفاض لقيمة الليرة، طالما أنها خرجت من نطاق التداول اليومي، بعد فقدان الثقة فيها كعملة للتداول.

وأضاف لـ"اقتصاد" أن العملة التي تخسر كل هذه القيمة خلال أيام، تصبح عملة غير صالحة للتسعير والتداول.

ورأى قاضي، أن الأسواق السورية دخلت في مرحلة من التضخم الجامح، وقال: "البلاد ذاهبة إلى مرحلة صعبة، والتدهور الحاصل في قيمة الليرة السورية، هو تدهور تاريخي وغير مسبوق".

تحركات إعلامية

من جانب آخر، قلل قاضي من قيام مصرف سورية المركزي الأسبوع الماضي، بالإعلان عن إصدار شهادات إيداع بالليرة السورية (الإصدار الثاني)، وفق طريقة مزاد السعر الموحد للمصارف التقليدية العاملة في سوريا، بقيمة اسمية للشهادة الواحدة 100 مليون ليرة سورية.

وقال: "هذه الشهادات لا قيمة لها، والخطوة إعلامية أكثر منها اقتصادية"، وأضاف: "لن يُقدم أحد على شراء هذه الشهادات، والليرة السورية تتجه نحو الأسوأ".

وحول الهدف من هذه الخطوة، رأى رئيس "مجموعة عمل اقتصاد سوريا"، أنها في الغالب خطوة موجهة نحو المصارف الخاصة التي لديها نسبة تتراوح ما بين 20-30 في المئة من سيولتها لدى المصرف المركزي.

وفي هذا السياق، لم يستبعد قاضي، أن يلزم المصرف المركزي هذه المصارف بشراء شهادات الإيداع، كسندات خزينة، ليدعم العملة السورية.

من جانبه، قال الدكتور رفعت عامر: "نظرياً يحاول النظام زيادة الطلب على الليرة السورية، من خلال رفع سعر الفائدة  والتحسين من آلية الطلب والعرض لصالح الليرة، ولكن هذا الفعل ناقص لاعتبارات عدة، أولها أن دخل المواطن السوري أقل من الحد الأدنى المتعارف عليه دولياً، وبهذه الحالة لا يكفي دخله للحد الأدنى من الاستهلاك، فمن أين سيأتي بالادخار".

وأضاف: "من يتوفر على نسبة من دخله للادخار، هم نسبة قليلة ولا يمكن أن تتجاوز الـ 10 في المئة من السكان، ونفترض في علم الاقتصاد أن العميل رشيد اقتصادياً ولا يمكن استثمار أمواله في عملة خاسرة".

وتابع عامر: "من ناحية ثانية إن قيمة ١٠٠ مليون ليرة تعادل تقريباً ٢٩ ألف دولار بسعر اليوم، ويحتاج البنك المركزي على أقل تقدير لوقف عملية التدهور لمدة لا تتجاوز شهر واحد إلى ١٠٠ مليون دولار، بفرض أن هوامير المال من تجار الحروب والأعمال المقربين من النظام مازالوا يحتفظون بكمية من الدولارات داخل سوريا".

أما عن الاعتبارات الأخرى، أكد عامر أن البنك المركزي لا يحتوي إلا على عدة ملايين من الدولارات، التي لن تكفي لدفع فاتورة استيراد الحد الأدنى من مستلزمات الأمن الغذائي، مضيفاً: "كما لا نتوقع أن تقوم الدول الداعمة للنظام، مثل إيران المتأزمة اقتصادياً والتي تعاني من الحصار، ولا روسيا التي وضعت أولويات أخرى لا يدخل بقاء النظام ضمنها حالياً، أن تقوم بذلك".

وأشار كذلك، إلى معامل الثقة (العامل النفسي) عند المواطنين بالليرة السورية، وقال: "العامل مفقود نهائياً، نتيجة اتجاه الاقتصاد والأوضاع العامة في سوريا".


ترك تعليق

التعليق