من البقاع للزبداني.. "حزب الله" يعتزم افتتاح معبر غير شرعي لدعم النظام


بدأ "حزب الله" اللبناني بتجهيز معبر غير شرعي يربط منطقة البقاع اللبنانية الخاضعة لسيطرته، بمدينة الزبداني في ريف دمشق، مدعياً أنه سيكون مخصصاً لنقل المساعدات الإغاثية إلى مناطق سيطرة النظام داخل سوريا، الأمر الذي رأى فيه مراقبون أنه تحدّي واضح لقانون العقوبات الأمريكية "قيصر".

وحسب مصادر إعلامية لبنانية، فإن الطريق يتم تعبيده الآن بعد أن كان مخصصاً للأعمال العسكرية، وسيبدأ من بلدة النبي شيت جنوب شرقي مدينة بعلبك، ليمر بعدها عبر بلدة جنتا وجرودها ومنها إلى قرية الشعرة، قبل أن ينحدر شرق السلسلة الشرقية داخل الأراضي السورية باتجاه مدينة الزبداني غربي دمشق، لتنتهي وجهته صوب العاصمة السورية.

وحسب المصادر ذاتها، فإن الحزب تعهد بأن المعبر سيساهم في توفير المساعدات الغذائية القادمة من سوريا لمنطقة البقاع وبالعكس.

في حين أشار مراقبون أن الطريق لا علاقة له بإرسال واستقبال المواد الغذائية، بل سيكون استكمالاً لمسلسل عمليات التهريب عبر المعابر غير الشرعية التي يعمل الحزب على إنشائها.

وتعليقاً على ذلك، قال الباحث في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام "رشيد حوراني" لـ "اقتصاد"، إن "حزب الله عمل على تعزيز تواجده في منطقة غرب وجنوب دمشق (الزبداني والقنيطرة ودرعا)، بشكل خاص، لاعتبارات سياسية واقتصادية تتعلق بتهريب المخدرات بالتعاون مع ميليشيات النظام وخاصة الفرقة الرابعة، والتي انكشف العديد منها في الفترة الماضية".

وأضاف أن "هذا الطريق بين مناطق تواجده في لبنان ومدينة الزبداني يأتي لتخديم هذا العمل خاصة أن مناطقه في البقاع باتت معروفة لدى الجميع بانتشار مزارع المخدرات فيها، ويريد بوصل الطريق بمدينة الزبداني كونه يسيطر عليها ويمنع سكانها من العودة إليها، استكمال إنتاج المواد المخدرة في المنطقة".

ومع دخول قانون "قيصر" حيّز التنفيذ في 17 حزيران/يونيو الماضي، وفرضه عقوبات على أفراد وشركات داعمة للأسد، وسط تحذيرات للدول من دعم النظام، بدأ "حزب الله" يشعر بصعوبة الأمر ما جعله يصر على الالتفاف والتحايل على هذا القانون من خلال تلك المعابر غير الرسمية بحجة القوافل الإنسانية.

وعن ذلك قال الباحث في العلاقات الدولية "محمود علوش" لـ "اقتصاد"، إن "الشريط الحدودي بين لبنان وسوريا يُشكل أهمية كبيرة لحزب الله، وهو يسعى لإبقاء تواجده في المناطق الحدودية لتسهيل عملية نقل المقاتلين والأسلحة من لبنان إلى سوريا والعكس".

وأشار إلى أن "أولوية الحزب في الوقت الراهن، لا سيما بعد العقوبات الأمريكية على النظام السوري، هي إبقاء هذا الخط مفتوحاً".

ورأى "علوش" أن "حزب الله يدرك أنه مستهدف أيضاً من العقوبات الأمريكية، وأن أحد أشكال هذا الاستهداف هو إغلاق المعابر الحدودية غير الشرعية من خلال الضغط على الحكومة اللبنانية بورقة العقوبات".

وأضاف: "قد يلجأ الحزب بالفعل إلى ذريعة تسيير القوافل الإغاثية إلى سوريا عبر هذه المناطق لضمان بقاء هذا الخط مفتوحاً، ولكن هل سيرضى الأمريكيون بهذا الأمر؟ لا أعتقد!.. فهم سيحاولون ممارسة المزيد من الضغوط على الحكومة اللبنانية لإغلاق المعابر غير الشرعية.. لكن هل الحكومة قادرة بالفعل على تلبية الطلب الأمريكي؟ لا يبدو ذلك".

وفي 13 أيار/مايو الماضي، دعا "المجلس الأعلى للدفاع في لبنان" كافة الأجهزة الأمنية إلى تكثيف المراقبة والملاحقة، وتشديد العقوبات وتطبيقها بحق المخالفين من مهربين وشركاء، وبذل كافة الجهود بالتنسيق بين الأجهزة المعنية، لضبط الحدود البرية مع سوريا، منعاً لتهريب البضائع والمواد وإقفال جميع المعابر غير الشرعية.

وكانت الأمم المتحدة دعت إلى ضرورة نشر قوات أممية على الحدود السورية اللبنانية لضبطها، إلا أن هذا الأمر قوبل بالرفض من "حسن نصر الله" متزعم "حزب الله"، مطالباً بضرورة التنسيق بين "الحكومة السورية ولبنان" من أجل ضبط مسألة الحدود، في حين رأى مراقبون أن "نصر الله" يتذرع بأن في ذلك مصلحة تجارية ومالية لبيروت لإقناعها بإعادة العلاقات مع النظام في سوريا.

وبالعودة للطريق الجديد الذي يعمل عليه "حزب الله" قال الباحث السياسي "عمر حسون الهاشمي" لـ "اقتصاد" إن "الهدف من نية حزب الله فتح طريق من البقاع إلى الزبداني هو الالتفاف على قانون قيصر وخرق الحصار المفروض على النظام السوري، واستمرار تهريب البضائع والسلع التي يقوم حزب الله بمصادرتها من التجار ويرسلها إلى دمشق".

وتقول مصادر إعلامية لبنانية إن حزب الله وعبر خلاياه من الجمارك وأنصاره يقومون بإفراغ حمولات تابعة للتجار تمر بمناطقه، ونقلها إلى النظام في سوريا، حسب وصف تلك المصادر.

وتابع الباحث "الهاشمي": "نظراً لأن المعابر الرسمية مع سوريا تخضع للرقابة وربما بعد القانون (قيصر) قد تخضع للرقابة الدولية، فإن الدولة اللبنانية لن تسمح باستخدام هذه المعابر لفك الحصار عن النظام، ولكي لا يقع عليها الحرج أمام المجتمع الدولي ستتغاضى عن تهريب حزب الله للمواد التموينية والعملات المهربة من سوريا إلى لبنان، وبالتالي عبر شبكات تهريب العملة المتواجدة في لبنان إلى العالم، وذلك عبر المعابر غير الشرعية".

الجدير ذكره أن هذا المعبر غير الشرعي مع الزبداني، ليس الوحيد من نوعه، حيث يوجد معبران كبيران غير شرعيان في منطقة (بعلبك- الهرمل)، وهما مصنفان على أنهما خطان عسكريان خاصان بـ "المقاومة"، وفق مصادر حزب الله.

ترك تعليق

التعليق