سيارات إيرانية في سوريا، وسط دخل معدوم.. ما حظوظ نجاح "سيامكو"؟


شكك اقتصاديون بمدى نجاح المساعي الهادفة إلى إعادة تشغيل الشركة السورية- الإيرانية لصناعة السيارات (سيامكو)، وأرجعوا ذلك إلى اعتبارات عدة في مقدمتها، تراجع القوة الشرائية لدخول السوريين، إلى جانب عدم الثقة بأمان السيارات الإيرانية.

وكان وزير الصناعة في حكومة النظام، زياد صباغ، أعلن عن اتفاق نظامه مع إيران على إعادة تشغيل "سيامكو" وإحيائها من جديد، بعد سنوات على التوقف.

وحسب مدير الصناعات الهندسية في وزارة صناعة النظام، أسعد وردة، فإن متوسط سعر السيارة التي ستنتجها شركة "سيامكو" يبلغ نحو 35 مليون ليرة سورية.

وفي العموم، ستزيد هذه السيارات المتهالكة وعديمة الجدوى من أزمة ركود سوق السيارات في مناطق النظام، المتخمة بالسيارات الصينية الرديئة.

حظوظ معدومة

ويرى الباحث في الاقتصاد السياسي الدكتور يحيى السيد عمر، أنه من غير المتوقع أن تتمكن "سيامكو" من تحقيق أي نجاح في السوق السورية، مرجحاً أن ينتهي المطاف بالشركة إلى الخروج مرة أخرى من السوق بعد تحقيق خسائر مؤكدة.

وعزا قراءته تلك، إلى ظروف السوق السورية، وقال: "تعتبر السوق ضعيفة للغاية، فهي سوق غير مستقرة، علاوة على أنها تعاني من التبعات السياسية والعسكرية للحرب السورية، من ناحية أخرى يعتبر الطلب في السوق السورية شبه معدوم، فمستوى الدخل منخفض للغاية".

وأضاف لـ"اقتصاد": "السوق تعاني من تبعات حادة للحرب، وهذه التبعات أرخت بظلالها بقوة على الواقع الاقتصادي، فالتضخم بلغ مستويات قياسية، بالإضافة إلى ذلك تشهد الليرة السورية تدهوراً مستمراً، لذلك فالبيئة الاستثمارية في سوريا تعتبر غير مناسبة بالمطلق لإطلاق أي مشاريع جديدة".

وتابع السيد عمر أنه "على ما يبدو فإن النظام السوري وحليفه الإيراني يتوجهان لإعادة تجربة كوبا مع الحليف السوفييتي"، وأضاف أن ذاكرة الأنظمة تبدو ضحلة، نتيجة لذلك فإن الخسارة تبدو حاضرة في مشروع الشركة الإيرانية السورية، وهذه الخسارة هي خسارة للدولة السورية وللسوريين، حسب وصفه.

وأوضح أن الاتحاد السوفييتي في ستينيات القرن الماضي قدم دعماً لكوبا، وتمثل هذا الدعم باستثمارات مالية لإنشاء مصانع عملاقة في البلاد، وذلك في ظل حصار خانق على كوبا، حيث تم إنفاق الدعم على مصانع كبرى والشعب الكوبي لا يستطيع تأمين ثمن الخبز، ونتيجة لذلك فشلت الاستثمارات وتم هدر الدعم ولم تستفد كوبا من هذا الأمر.

ورأى أن الاستثمارات المطلوبة في هذه المرحلة يجب أن تكون مشاريع منخفضة التكنولوجيا مرتفعة العمالة، وذلك بهدف توفير فرص عمل للسوريين، والاقتصاد السوري يحتاج لاستثمارات في مجال المواد الأساسية، لذلك لا بد من إشباع حاجة السوق من المواد الأساسية قبل طرح منتجات كمالية ومعمرة.

وقال إن طرح استثمارات ومنتجات كمالية في السوق قبل إشباع الحاجات الأساسية يعتبر من أكبر الأخطاء التسويقية، وهو ما سيكلف الشركة خسارة مواردها المالية، كما أنه لن يقدم شيئاً للسوق السورية.

مصلحة إيرانية

ويتفق الباحث أدهم قضيماتي مع السيد عمر، من حيث توقعه لضعف الإقبال على شراء السيارات، مع ما يعيشه المواطن السوري من قلة ذات اليد، مستدركاً: "هذه الاتفاقية وغيرها، ما هي إلا فرصة لحلفاء النظام السوري للتوغل بالسوق السورية والاقتصاد السوري بشكل أكبر".

وقال لـ"اقتصاد": "إذا ما أردنا النهوض بسوريا وتعزيز التطور التكنولوجي والصناعي فيها، فلا بد من المباشرة في إنشاء مراكز بحوث علمية، وعدم الاعتماد على ما يقدمه الغير من اتفاقيات تصب في مصلحته بالمرتبة الأولى".

ترك تعليق

التعليق