إلى أي مدى تستطيع إيران تزويد النظام بالنفط.. وماذا عن روسيا؟


تباينت الآراء حول إنشاء غرفة عمليات روسية إيرانية سورية، بهدف تأمين تدفق النفط إلى مناطق سيطرة النظام. ففي حين لم يستبعد البعض أن تواصل إيران مساندة النظام بتنسيق مع روسيا، شكك آخرون بجدية هذه الأنباء.

وكانت وكالة "سبوتنيك" الروسية قد أكدت أن الهدف من الغرفة تأمين تدفق آمن ومستقر لإمدادات النفط والقمح وبعض المواد الأخرى إلى الموانئ السورية على البحر المتوسط.

وأوضحت أن الأسطول البحري الروسي في البحر المتوسط، سيتولى سلامة وصول السفن البحرية إلى الموانئ السورية بشكل مستمر حتى نهاية العام الجاري على أقل تقدير، مبينة أن الآلية المعتمدة تنص على مرافقة سفن حربية روسية لناقلات النفط الإيرانية القادمة إلى سوريا، فور ولوجها البوابة المتوسطية لقناة السويس، وحتى وصولها إلى المياه الإقليمية السورية، بهدف حمايتها من القرصنة أو أي استهداف ذي طبيعة مختلفة.

وقال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية، إن إيران صاحبة المشروع الاستراتيجي لا زالت تستثمر في سوريا، واستطاعت إلى حد بعيد أن تهيمن على الفضاء الجيوسياسي الممتد من طهران وبغداد إلى دمشق، وصولاً إلى بيروت.

وأضاف لـ"اقتصاد"، أن إيران حتى هذه اللحظة لا زالت تدفع، كما فعلت في وقت سابق في العراق، حيث دفعت في البداية حتى مكنت نفسها، وبدأت بعد ذلك بمرحلة الاستثمار، ومن الواضح أن العراق اليوم يشكل رئة اقتصادية لإيران.

وأوضح أبو هنية أن التكلفة الاقتصادية لا تحكم القرار الإيراني بما يخص سوريا، على الأقل مرحلياً، لأن الملف السوري مفيد جداً لإيران على المدى المتوسط والبعيد، وخصوصاً أن طهران وقعت مع نظام الأسد على عقود عديدة.

وبحسب الباحث فإن المدفوعات الإيرانية في سوريا لا زالت زهيدة قياساً على التدخلات الدولية الأخرى، وعلى الفوائد والمنافع المتوقعة، حيث اعتمدت إيران بتدخلها في سوريا على المليشيات الرخيصة.

وتأسيساً على ذلك، يجزم أبو هنية بأن إيران ماضية في مد النظام بالاحتياجات الضرورية، قائلاً: "في ذروة الضغوط السابقة استمرت إيران في دعم النظام، واليوم هي في وضع أفضل من السابق، وخصوصاً أنها وقعت مع الصين على اتفاق شراكة".

وعلى النقيض من الرأي السابق، شكك الخبير بالشأن الإيراني، ضياء قدور، بالأنباء عن تشكيل غرفة عمليات روسية- إيرانية- سورية مشتركة، لإمداد النظام بالمواد الأساسية، وقال لـ"اقتصاد" إن إيران التي تعاني من أزمة اقتصادية لن تزيد كمية النفط للنظام السوري، الإسعافية، في وقت هي بحاجة فيه لكل دولار من النفط الذي تشهد أسعاره تحسناً ملحوظاً.

وأضاف أن إيران قدمت للنظام السوري الدعم بأشكال عديدة (العسكري، اللوجستي، النفطي)، وتريد الاستمرار بذلك، غير أنها اليوم في ضائقة اقتصادية، وتحتاج إلى القطع الأجنبي الذي تجنيه من البلدان الآسيوية مقابل بيع النفط بسعر مخفض.

وأوضح قدور أنه في الوقت الذي زادت فيه إيران من صادرات النفط للصين، لم تطرأ أي زيادة على كميات النفط المقدمة للنظام السوري، والمقدرة بنحو 3.5 مليون برميل شهرياً.

وفي الاتجاه ذاته، أشار الباحث إلى تفصيل آخر، يراه مهماً لدحض الأنباء عن تشكيل غرفة عمليات روسية- إيرانية، قائلاً: "تجري فصول حرب الناقلات الإسرائيلية – الإيرانية في البحر الأحمر، حيث لا وجود للسفن الروسية التي تتواجد في البحر المتوسط".

وأضاف قدور، أن البحرية الروسية غير قادرة على حماية السفن الإيرانية، في ظل امتلاك إسرائيل غواصات متطورة تستطيع إصابة أهدافها بدقة، حتى بمرافقة سفن روسية.

والأمر المهم الآخر، وفق الباحث، هو المقابل الذي ستحصل عليه روسيا جراء حماية وترفيق السفن الإيرانية من لحظة عبورها قناة السويس، وحتى وصولها إلى الموانئ السورية، وقال: "حصلت روسيا مقابل دعمها العسكري للنظام على كل ما يمكن أن تحصل عليه من نفط وغاز وفوسفات ومنشآت واستثمارات".

واستناداً إلى ما سبق، فإن ما تحدثت عنه وكالة "سبوتنيك" في هذا الإطار، لا يعدو كونه رسائل روسية إلى الولايات المتحدة، مفادها أن موسكو متمسكة بدعم الأسد، رغم العقوبات الأمريكية على روسيا وعلى النظام السوري.

وثمة طرف آخر، معني بالرسائل، بحسب قدور، موضحاً: "الأزمة الاقتصادية زادت من نقمة السوريين على النظام، إلى الحد الذي بدأنا فيه نسمع أصواتاً غاضبة غير معهودة، ويبدو أن روسيا أرادت القول أن الأزمة (الخبز، المحروقات) في طريقها للحل"، منهياً بقوله: "قد تسطيع روسيا وإيران إنعاش النظام لوقت محدود، لكن كل ذلك يبقى في إطار الحل المؤقت".

ترك تعليق

التعليق