السوريون يبيعون ما ثقل وزنه وخف ثمنه بقصد الهروب من البلد


تتردد الكثير من الأقاويل عن وجود حركة محمومة بين السوريين، بدأوا يعرضون فيها عقاراتهم للبيع، بقصد تغطية تكاليف الهروب من سوريا، جراء الأوضاع والظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، بالإضافة إلى الأوضاع الأمنية، التي أصبحت لا تطاق.
 
وفي وقت تنفي فيه وزارة المالية التابعة للنظام، وجود مثل هذه الحركة الزائدة، بالاستناد إلى بيانات البيوع العقارية، التي تقول إنها تراقبها بشكل دوري، ولم تلحظ أي تغير عليها، يؤكد العديد من الناشطين، والمقربين من النظام، والمسؤولين السابقين، أن حركة البيع لم تعد تقتصر على المدن فحسب، وإنما انتقلت إلى القرى والأرياف البعيدة، معتبرين ذلك مؤشراً خطيراً، على سوء الأوضاع الاقتصادية، التي كانت على الدوام أقل وطأة على أبناء الريف.

بدوره، قال "محمد المقداد"، المتحدر من محافظة درعا، إنه ينتمي إلى قرية عدد سكانها نحو 15 ألف نسمة، فيها أكثر من 100 منزل معروض للبيع، عدا عن الأراضي الزراعية، بينما في السابق، وعلى مدى نصف قرن لم تشهد القرية بيع سوى 5 منازل فقط.
 
وأضاف محمد، في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، أن الناس تريد أن تفر من البلد بأي طريقة، بعد أن ضاقت عليهم الحياة، واتضح أنه لا يوجد في الأفق القريب أي حل للمشاكل المرتبطة بتحسن الظروف المعاشية.

وعلى مستوى مواز، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، الكثير من عروض بيع العقارات في مختلف المناطق السورية، لكن الصحفي "محمد العويد" يقول إن ما يلفت الانتباه في هذه العروض، هو تواجد أغلبها في المنطقة الساحلية، اللاذقية وطرطوس، الأمر الذي يشير حسب رأيه، إلى أنه لا أحد مستثنى من الضغوطات الاقتصادية في سوريا، بما في ذلك المناطق التي كانت توصف سابقاً، بأنها الحاضنة الشعبية للنظام.
 
ولفت العويد، إلى أن المقيمين خارج سوريا، باتوا لا يتلقون سوى الأسئلة من أهل الداخل، عن طرق اللجوء والهجرة من سوريا وتكاليفها، بعد أن كانوا إلى فترة قريبة يطلبون المساعدات المالية، مشيراً إلى أن ذلك يدل أيضاً على حالة اليأس لدى الناس، من تحسن الأوضاع الاقتصادية في المدى المنظور.
 
وعلى جانب آخر، أكد العديد من المتابعين أن أسعار العقارات في سوريا بدأت بالانخفاض جراء العروض الكثيرة للبيع، لكنها ظلت مرتفعة كثيراً، بالقياس إلى متوسط دخل السوري، الذي لا يتجاوز 70 ألف ليرة سورية شهرياً، بينما تتراوح أسعار العقارات المعروضة للبيع بين 60 مليون ليرة وحتى مئات الملايين، بحسب المنطقة والمدينة، ولكن عند تقويمها بالدولار، فإنها تبدو بالحدود المعقولة، أو حتى أنها لا تفعل لصاحبها شيئاً، إذا ما قرر الاستفادة منها خارج سوريا، وهي بالكاد تغطي تكاليف هجرته، وأحياناً لا تكفي.
 
وبرأي "أبو أحمد العلي" الذي يعمل سمسار عقارات في ريف دمشق، فإن أصحاب العقارات المعروضة للبيع، أصبحوا يطلبون سعر تكلفة البناء مع الأرض فقط، دون البحث عن أية أرباح، بعكس السابق، عندما كانت العقارات وسيلة ناجحة للاستثمار والربح.

وأضاف أبو أحمد، أن سوق العقارات في سوريا اليوم، يشهد تغيرات كثيرة في التقاليد المعروفة سابقاً، حيث أصبح هناك خبراء، يحسبون كمية البلوك والحديد والرمل والاسمنت، وغيرها من المواد، بالإضافة إلى أجور اليد العاملة، الداخلة في بناء أي منزل، وبناء عليه يتم تقييم السعر، مع إجراء خصم معقول، وفقاً لحالة البناء، من حيث قدمه أو جدته.

وأوضح أبو أحمد أن هذا الأمر يمكن ملاحظته أكثر في الأبنية المعروضة للبيع في الأرياف، أما في المدن، فلا تزال حسابات المنطقة والإطلالة، تلعب دوراً كبيراً في تحديد ثمن الشقة.
 

ترك تعليق

التعليق