محللون يطعنون بمشروع موازنة العام 2022


اعتبر المحلل الاقتصادي، الدكتور أسامة القاضي، أن مشروع موازنة 2022 والتي طرحتها حكومة النظام بحجم خرافي يبلغ أكثر من 13 تريليون ليرة، هو دلالة جديدة على انهيار اقتصادي وفشل إداري فادح، لافتاً إلى أنها كموازنة 2021 ستتعثر قبل منتصف العام، لأن اعتمادها الهزلي على سد العجز عن طريق "سندات خزينة" إجبارية بقيمة نصف تريليون ليرة سورية، سيضع عبئاً إضافياً على المصارف الخاصة والعامة لأنه لا يمكن لذي عقل أن يشتري سندات خزينة "زيمبابوي سوريا" بفقرها وتضخمها وإفلاسها.
 
وأضاف القاضي، الذي يترأس مجموعة عمل اقتصاد سوريا، في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، أنه رغم إقرار مبلغ 2 تريليون ليرة سورية كإنفاق استثماري، "لكنني لا أعتقد أن حكومة النظام ستنفق ربع هذا المبلغ على أي استثمار لأن كل المبلغ بالكاد يكفي رواتب ودعم لبعض السلع وخاصة أن هذه الطريقة بالتمويل بالعجز ستجر لمزيد من التضخم الذي سيبتلع مبلغ الموازنة كاملة".
 
ورأى القاضي أن "هذه الموازنة سيكون مصيرها مصير موازنة 2021 وسيكون هنالك ضعف العجز الحالي وخاصة أنه لا جديد بالنسبة لموارد منطقة النفوذ الروسي"، مشيراً إلى أن مشكلة النفط والكهرباء والماء والزراعة والبنية التحتية ممزوجة بحالة الفقر الشديد والفساد الذي زاده التغلغل الإيراني الاقتصادي، يجعل الاقتصاد السوري مجرد "اقتصاد ميليشيات"، لا يمكن لأي موازنة أن تفي حاجاته التسلطية ومشاريعه التخريبية على حساب جوع الشعب الذي يرزح تحت إدارة النظام.

هذا ولم يسلم مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2022، الذي أعلنت عنه الحكومة يوم الأربعاء الماضي، من انتقاد المحللين الاقتصاديين المتواجدين في مناطق النظام، حيث اعتبر الدكتور إبراهيم العدي الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، أن رقم الموازنة صادم وكبير جداً، وهو انتقال غير طبيعي من 8.5 تريليون ليرة بالنسبة لموازنة العام 2021، إلى رقم 13.325 تريليون ليرة، مشيراً إلى أن الموازنة هي خطة مالية سنوية للعام القادم، تخطط الحكومة ماذا ستصرف، وليس من أين ستأتي بالأموال لتصرفها؟ 

ورأى العدي في تصريح لصحيفة "الوطن" الموالية للنظام، أن الحكومة أمام امتحان كبير و"بالعة الموس على الحدين"، لأن زيادة الإنفاق العام مشكلة وقلته مشكلة أيضاً، معتبراً أن رقم الموازنة كبير جداً ولا يوجد موارد لتمويلها.

وبدوره رأى الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور شفيق عربش أنه عندما يتم الحديث عن 4118 مليار عجز في الموازنة العامة فهذا يعني أن هناك 9400 مليار إيرادات.

ولفت في تصريحات لوسائل إعلام موالية للنظام، إلى أن إيرادات الدولة تقوم بشكل أساسي على الضرائب وعلى الفوائض المحولة من القطاع العام بالإضافة لإيرادات الدولة من استثمار الأملاك العامة، موضحاً بأن الضرائب حالياً في أدنى مستوياتها ومن المفترض بموجب هذه الموازنة أن يكون هناك ضرائب على الأقل بقيمة 3500 مليار ليرة لكن المشكلة أن الفساد منتشر في وزارة المالية بخصوص جباية الضرائب وهذا يدل على أن فرض الضرائب غير مدروس ويؤدي من جهة أخرى لتطفيش الناس إلى خارج البلد.

وأوضح عربش أن القطاع العام يعتبر شبه مشلول والفوائض إن وجدت تأتي من عدد قليل من المؤسسات مثل مؤسسة التبغ على سبيل المثال ولا تأتي برقم كبير يسند الموازنة.

وتوقع عربش أن العجز هو أكبر بكثير من الرقم المعلن في الموازنة وستتم تغطية هذا العجز بطباعة المزيد من العملة السورية وذلك سيؤدي إلى مزيد من التضخم.

وبيّن أنه في حال تمت مقارنة الموازنة للعام القادم مع موازنة العام الحالي وذلك بعد إزالة معدل التضخم وتحرير الأسعار من التضخم فإن الموازنة تعتبر أقل بكثير من موازنة العام الحالي، موضحاً أن معدل التضخم تجاوز 100 بالمئة في عام 2021 لذا من أجل الحصول على موازنة تساوي موازنة العام الحالي فنحن بحاجة لـ 17000 مليار ليرة بدلاً من 13325 مليار ليرة.

من جهته، أوضح المحلل الاقتصادي من دمشق، رضوان حمادي، أن أول كارثة يتضمنها مشروع الموازنة لعام 2022، هو دفع سعر صرف الليرة السورية للمزيد من الانخفاض مقابل العملات الصعبة، وهو ما يجعلنا نتنبأ، بحسب قوله، بأن الدولار في العام القادم قد يتجاوز الـ 5000 ليرة سورية.

وبيّن حمادي في تصريحات لصحيفة "العربي الجديد"، أن موازنة العام الماضي كانت 8.5 تريليون ليرة، وهي تساوي لدى إقرارها مطلع العام الجاري، نحو 4 مليار دولار، ثم بعد أقل من شهرين، انهار سعر صرف الليرة وأصبحت تعادل نحو 2.5 مليار دولار، لافتاً إلى أن الدولار كان يساوي 2200 ليرة في مطلع العام الجاري، ثم ارتفع إلى 4700 ليرة في الشهر الثالث منه، ليستقر بعد منتصف العام وحتى اليوم، عند نحو 3500 ليرة.

وأكد حمادي أن سبب هذا الانهيار في سعر الصرف يعود بالدرجة الأولى إلى زيادة المعروض من الليرة السورية التي تضمنتها الموازنة العامة للدولة، بالمقارنة مع السنة السابقة، ما يشير بحسب رأيه، إلى أن زيادة مبلغ نحو 5 تريليون ليرة في موازنة العام 2022، البالغة 13325 تريليون ليرة، دون أن تكون هذه الزيادة آتية من مصادر خارجية، كالتجارة والاستثمار، يؤكد حكماً بأن الليرة السورية سوف تفقد على الأقل 30 بالمئة من قيمتها خلال العام القادم.

وأكثر ما يلفت الانتباه في مشروع موازنة العام 2022، هو مبلغ الدعم المخصص للمشتقات النفطية، والبالغ 2700 مليار ليرة "نحو 950 مليون دولار وفقاً لأسعار الصرف الحالية"، وهو أكثر بألف مليار عن موازنة العام الماضي، الذي كان يساوي أيضاً نحو 950 مليون دولار لدى إقراره في مطلع العام الجاري، لكنه فيما بعد أصبح يساوي نحو نصف مليار دولار، بعد انخفاض سعر صرف الليرة.

وبحسب المحلل الاقتصادي، مروان قويدر، من دمشق، فإن المتأمل في الأرقام السابقة، يعتقد بأن شيئاً لم يتغير بالنسبة لدعم المحروقات، حتى لو انخفضت الليرة السورية إلى نحو 5000 مقابل الدولار، لأن مبلغ 2700 مليار ليرة، سيظل يساوي نحو نصف مليار دولار، لكنه أشار إلى أن المتغير في هذا الأمر هو أسعار النفط العالمية، التي كانت مطلع العام الجاري بحدود 40 دولاراً للبرميل، بينما يتوقع لها أن تصل إلى نحو 100 دولار للبرميل خلال العام القادم.

وأوضح قويدر، بحسب تصريحات لصحيفة "العربي الجديد"، أن ذلك يعني بأن النظام يحضر لزيادة أسعار المحروقات في العام القادم، مثلما فعل في العام الجاري، عندما رفع سعر البنزين 4 مرات، وسعر المازوت بنسبة أكثر من 250 بالمئة بضربة واحدة، في تموز/ يوليو الماضي، من 180 ليرة إلى 500 ليرة لليتر.

وأشار إلى أن وسائل إعلام النظام، أعلنت منذ عدة أشهر بأن هناك نقاشاً داخل الحكومة لرفع سعر المازوت إلى 1000 ليرة لليتر مطلع العام القادم، أي رفعه بنسبة مئة بالمئة، مضيفاً بأن ذلك سوف يدفع أكثر من 200 سلعة للارتفاع الجنوني، بالإضافة إلى رفع أجور النقل وغيرها من الخدمات المرتبطة بالمحروقات.

وأعلنت حكومة النظام عن مشروع موازنة العام 2022، بقيمة 13.325 تريليون ليرة، بزيادة نحو 5 تريليون ليرة عن موازنة العام السابق البالغة 8.5 تريليون ليرة.

وقال وزير المالية، كنان ياغي إن العجز في مشروع الموازنة للعام القادم يقدر بنحو 4118 مليار ليرة، وأن حجم الدعم فيها يصل إلى 5530 مليار ليرة سورية.

وأوضح ياغي أن العجز ستتم تغطيته من خلال اقتراض مبلغ 600 مليار ليرة عن طريق سندات خزينة، وحوالي 500 مليون هي عبارة عن موارد خارجية، والباقي سيتم تغطيته عن طريق مصرف سوريا المركزي كاعتمادات مأخوذة من الاحتياطي في المصرف.

وأضاف ياغي أن حجم الدعم في مشروع الموازنة العامة بلغ 5530 مليار ليرة سورية، ارتفاعاً من 3500 مليار ليرة في الموازنة السابقة، وأوضح أن تلك الكتلة ستوزع على مجموعة بنود، أهمها دعم المشتقات النفطية الذي بلغ 2700 مليار ليرة، ودعم الدقيق التمويني الذي يبلغ 2400 مليار ليرة، إضافة إلى 300 مليار ليرة لدعم السكر والرز، و50 مليار ليرة لصندوق دعم الإنتاج الزراعي ومثلها لصندوق المعونة الاجتماعية، و30 مليار ليرة لصندوق الري الحديث وصندوق الجفاف.

وقال ياغي إن الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة البالغة 13325 مليار ليرة، مقسمة على الشكل التالي، 11325 مليار ليرة نفقات جارية، و2000 مليار ليرة نفقات استثمارية، لافتاً إلى أن تغطية تلك الاعتمادات ستتم عن طريق الإيرادات العامة للدولة التي بلغت 9200 مليار ليرة، مقسمة إلى 4400 مليار جارية و4800 مليار ليرة إيرادات استثمارية، وفوائض اقتصادية.

ترك تعليق

التعليق