ما هي خطة النظام السوري لتغطية العجز في موازنته..؟


بدأت خطة النظام السوري، لتغطية العجز في موازنته للعام القادم، تتضح يوماً بعد آخر، والتي تقوم على ما يبدو، على استهداف القطاع الخاص، وفرض ضرائب ورسوم جديدة عليه، أو خصه بزيادة الأسعار، وهو ما بدا واضحاً من خلال رفع سعر المازوت الصناعي والتجاري بنسبة أكثر من 160 بالمئة، ورفع سعر الغاز المنزلي خارج البطاقة الذكية بأكثر من سبعة أضعاف، بالإضافة إلى رفع أسعار الكهرباء على الفعاليات الاقتصادية، بنسبة تتراوح بين 20 و50 بالمئة.

أما أغرب القرارات التي تخص القطاع الخاص، فهو إصدار وزارة المالية قراراً بتحويل مكاتب المحامين إلى مكاتب تجارية بغض النظر عن أماكن عملها وتواجدها، وهو ما أثار موجة اعتراض كبيرة من قبل نقيب محامي  سوريا "الفراس فارس" الذي صرح لصحيفة "الوطن" الموالية للنظام، بأن القرار "غير منطقي" وفيه غبن للمحامين، مشيراً إلى أن مهنة المحاماة تندرج ضمن المهن "الفكرية"، وهي بعيدة عن المهن التجارية.

وتساءل فارس: "ما ذنب مالك العقار الذي قام بتأجير مكتب لمحامي أن يتحول عقاره إلى تجاري..؟"، ولفت إلى أن هناك الكثير من المحامين يتخذون من غرفة في منازلهم مكاناً لاستقبال الزبائن أو حفظ الأضابير، وبالتالي فإن قرار وزارة المالية يعتبر هذه الغرفة مكتباً تجارياً.

ووفقاً للقانون السوري، فإن توصيف العمل الذي يقوم به شخص على أنه تجاري، يتطلب الحصول على سجل تجاري من وزارة التجارة الداخلية، بالإضافة إلى اشتراك في غرف التجارة، مع تسجيل العمال في التأمينات الاجتماعية، وهو ما يتطلب دفع رسوم تسجيل ورسوم سنوية كبيرة.
 
وأوضح المحامي "سامي القاسم" من دمشق، في تصريح لـ "اقتصاد"، أن نقابة المحامين في سوريا تعتبر من أكبر مؤسسات القطاع الخاص، إذ تضم أكثر من 100 ألف محامي، يتوزعون على كامل الأراضي السورية، مشيراً إلى أنه بحسب قرار وزارة المالية، فإنها سوف تتعامل معهم على أنهم 100 ألف مكتب تجاري بالحد الأدنى.

وأضاف القاسم، أن الحصول على سجل تجاري من وزارة التجارة الداخلية، بالإضافة إلى أنه يتطلب الكثير من الأوراق والمعاملات المعقدة، فإنه يكلف نحو 20 ألف ليرة سورية، هذا عدا عن رسوم التسجيل في غرف التجارة، لافتاً إلى أنه بحسبة بسيطة فإن وزارة المالية تخطط لتحصيل كتلة مالية كبيرة عبر إجبار المحامين على تحويل مكاتبهم إلى مكاتب تجارية.

وأشار القاسم، إلى أن تحويل مكتب المحامي لتجاري، يعني كذلك تحويل رسوم الكهرباء لتجارية، ومثلها الماء  وغيرها من الخدمات والرسوم الخاصة بالأعمال التجارية، والتي ستزيد من الأعباء المالية على المحامي، الذي سيقوم بدوره بتحميلها للزبون.

بدوره رأى المحلل الاقتصادي، أحمد المسالمة، أن قرارات رفع الأسعار التي بدأت تظهر تباعاً، بالتزامن مع إعلان الموازنة العامة للدولة للعام القادم، بمبلغ 13325 مليار ليرة "نحو 3.8 مليار دولار"، و بعجز أكثر من 4 تريليون ليرة، تشير خلافاً لما أعلنه وزير المالية بأنه ينوي تغطية العجز عبر إصدار سندات خزينة بمبلغ 500 مليار ليرة، وزيادة التجارة الخارجية وعائدات التصدير، وعبر المخزون النقدي من المصرف المركزي، بل إنه يخطط لتغطيتها من خلال رفع أسعار الطاقة وزيادة الضرائب والرسوم، ليس على عموم الناس، وإنما على أصحاب الفعاليات الاقتصادية من القطاع الخاص على وجه التحديد.

وأشار المسالمة إلى أن النظام يهدف من ذلك إيصال رسالة، بأن رفع الأسعار لم يستهدف ذوي الدخل المحدود، ولكن على أرض الواقع، فإن من سيدفع ثمن هذه الزيادات هو المواطن العادي، لأن التاجر الذي يتم تحميله رسوماً إضافية، سوف يقوم بتحميلها مباشرة للسلعة التي ينتجها ويبيعها. 

وأضاف أن الأسواق السورية لاتزال تترقب تأثير رفع سعر المازوت الصناعي من 650 ليرة إلى 1700 ليرة لليتر، ورفع سعر أسطوانة الغاز إلى 49000 ألف ليرة، مشيراً إلى أن هذه الزيادة لن تمر دون أن تنعكس على الأسعار، بعكس ما أعلن العديد من الصناعيين بأن الأسعار سوف تنخفض، لأنهم كانوا يشترون المازوت من السوق السوداء بأكثر من 3 آلاف ليرة لليتر، ولفت إلى أن هذا الكلام كذب وافتراء، وهو تجميل لقرارات الحكومة، بأنها تفعل ما بوسعها من أجل إيصال الدعم للمستحقين الحقيقيين.
  
وتعاني الأسواق السورية من ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع، في وقت يبلغ فيه متوسط الدخل الشهري للموظف نحو 20 دولاراً، فيما تؤكد جميع الدراسات بأن الأسرة السورية من خمسة أفراد، تحتاج شهرياً ما لا يقل عن 400 دولار من أجل تغطية احتياجاتها من الغذاء والدواء فقط.

ويعيش أكثر من 80 بالمئة من الشعب السوري تحت خط الفقر، فيما قالت منظمة الغذاء العالمي في أحدث تقرير لها، بأن أكثر من 12 مليون سوري، يعانون من انعدام الأمن الغذائي والجوع، وهم يشكلون أكثر من 60 بالمئة من السكان.

أما حكومة النظام السوري، فقد أعلنت وفي أعقاب إصدار مشروع الموازنة العامة للدولة للعام القادم، بأنها تواجه صعوبة كبيرة في تأمين مستوردات الغذاء من الأسواق الخارجية، ملقية باللائمة على العقوبات الأمريكية والأوروبية، بينما يرى مراقبون بأن السبب هو إفلاس خزينة الدولة من العملات الصعبة، التي بددها النظام في حربه على شعبه، بالإضافة إلى رهنه لمقدرات الاقتصاد السوري لحليفيه الروسي والإيراني، لعشرات السنوات القادمة.

ترك تعليق

التعليق