دور القطاع الخاص الأردني في تطبيع العلاقات مع النظام السوري


لعب القطاع الخاص الاقتصادي في الأردن دوراً كبيراً في تطبيع العلاقات السياسية مع النظام السوري، حيث أنه ومنذ العام 2019، بدأ بإرسال الوفود الاقتصادية إلى سوريا، في وقت كانت فيه العلاقات السياسية، تشهد انقطاعاً شبه تام بين البلدين.. أقلها على المستوى العلني.

وأول وفد تجاري أردني زار سوريا، بعد انقطاع لأكثر من خمس سنوات، كان في شهر نيسان من عام 2018، قبل إعادة فتح معبر نصيب بين البلدين.. وتم تبرير زيارة الوفد الذي ترأسه عدنان أبو الراغب، وضم أكثر من 30 رجل أعمال، بأنه يريد استئناف الصادرات والسلع والمنتجات السورية إلى الأردن.
 
وتوالت بعدها زيارة الوفود التجارية الأردنية إلى سوريا، بمعدل ثلاث مرات في العام، وسط صمت رسمي من قبل الجانب الأردني، الذي أظهر منذ البداية موقفاً مناصراً للثورة السورية لدى انطلاقتها في العام 2011، بل وتعدى الأمر أكثر من ذلك، حيث دعا الملك عبد الثاني في أحد المرات، بشار الأسد للتنحي عن السلطة.
 
وتكللت جهود هذه الوفود بعودة العلاقات السياسية الراكدة بين البلدين إلى الحركة، حيث أجرى بشار الأسد في مطلع تشرين الأول الماضي اتصالاً هاتفياً بالملك عبد الله، هو الأول منذ أكثر من عشر سنوات، وذلك في أعقاب الإعلان عن اتفاق لتزويد لبنان بالغاز المصري، مروراً بالأراضي السورية، بالإضافة إلى تفعيل اتفاقية الربط الكهربائي العربي.
 
واتخذ الأردن الرسمي بعدها العديد من الإجراءات التي تهدف للتضييق على نشاط السوريين المعارضين على أراضيه، كما توسط الملك الأردني لدى الإدارة الأمريكية، خلال زيارته إلى واشنطن في شهر تموز من العام الماضي، لدى الرئيس جو بايدن، من أجل تخفيف الضغط عن النظام السوري، مع تقديم مقترح سرعان ما تم الأخذ به دولياً، وهو مبدأ الخطوة بخطوة.. الذي يعني الانفتاح على بشار الأسد مقابل كل خطوة يتقدمها في حواره مع المعارضة.
 
لم تسر الأمور كما كان يتوقعها الجانب الأردني، إذ سرعان ما بهتت خطوات التقارب السياسي بين النظامين، لكن على الجانب الاقتصادي بدأت تشهد تطورات كبيرة، من خلال إلغاء كافة القيود التي تم اتخاذها سابقاً، لتسهيل حركة التبادل التجاري بين البلدين.

ولعل الحدث الأبرز في هذا التطور، هو معرض المنتجات الأردنية على أرض مدينة المعارض بدمشق، الذي تم افتتاحه أمس الثلاثاء بمشاركة أكثر من 100 رجل أعمال أردني، وحضور رسمي كبير من قبل مسؤولي النظام السوري.. إذ أنه المعرض الأول من نوعه الذي يقام في سوريا للمنتجات الأردنية.
 
ومن خلال متابعة ما يكتب في الصحافة الأردنية، حول تخطي القطاع الخاص لموقف بلده الرسمي، فقد أكدت صحيفة الرأي الأردنية، في نهاية العام 2018، أن الأردن دفع ثمناً باهظاً لإغلاق الحدود البرية بين البلدين، وهو ما تسبب بحسب قولها، بتوقف قدوم البضائع السورية الرخيصة إلى الأردن، وازدياد معدل البطالة في مناطق الشمال بالقرب من الحدود مع سوريا.
 
أما صحيفة الغد الأردنية، فقد بررت اندفاع القطاع الخاص الأردني للتقارب مع النظام السوري، بما أسمته بتوقف الدعم الغربي الاقتصادي للأردن، في محاولة للضغط عليه، بعد تحفظه على صفقة القرن، التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في مطلع العام 2020.

بكل الأحوال، لا يوجد حتى الآن أية بيانات عن الفوائد الاقتصادية التي جناها الجانب الأردني من تقاربه مع النظام السوري، وكذلك بالنسبة الجانب السوري.. فكلاهما لايزال يصارع في نفس المكان، لأن البوابة الحقيقية لزيادة التبادل التجاري، وتحقيق الفائدة لكلا الجانبين، تكمن في مكان آخر، وهو الممكلة العربية السعودية وباقي دول الخليج العربي.. وهذه المنطقة لاتزال عصية عليهما، جراء تزايد حركة تجارة المخدرات عبر البضائع السورية واللبنانية القادمة من البوابة الأردنية.

ترك تعليق

التعليق