"الفوترة".. طعنة جديدة ينوي النظام توجيهها للمنتجين


أعلن رئيس وزراء النظام، حسين عرنوس، عن قرب صدور نظام جديد للفوترة، كانت قد أعدته كل من وزارة التجارة الداخلية ووزارة المالية، بهدف ضبط الأسعار في التعاملات التجارية، إلا أن تجاراً أشاروا إلى أن الهدف منه زيادة التحصيل الضريبي، ورفع حصة الدولة من الضرائب على حساب المنتج والمستهلك.

وفي وقت سابق، ادعى وزير التجارة الداخلية التابع للنظام، عمرو سالم، خلال اجتماعه بصناعيي الأدوات المنزلية الكهربائية، أن سياسة التسعير الجديدة التي اتبعتها الوزارة تنصف الجميع لأنها تقوم على بيانات الكلف الحقيقية، وأن الوزارة بصدد إنشاء موقع خاص بالمواد والمنتجات غير الأساسية يضم كل الصناعيين، وكل صناعي يضع فيه بجانب منتجه السعر والتكلفة بشكل واضح.

غير أن عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، ياسر إكريم، عبّر عن خشيته من نظام الفوترة الجديد، لأن نظام المبيعات والفوترة في سوريا لا يعترف بالمصاريف أو التكلفة الحقيقية، وهو ما سيؤدي حسب قوله إلى نتائج تهربية لا يحمد عقباها، لأنه لا أحد يقبل بنظام فوترة من اتجاه واحد.

وأضاف إكريم في تصريحات لمواقع إعلامية موالية للنظام، أن الأمر يتطلب إعادة الثقة بين المؤسسات المالية التابعة للدولة والتجار والاتفاق على وضع معيار معين للمصاريف مثلاً حساب نقل البضائع وتوزيعها يجب أن يكون على الحساب الذي يشتريه التاجر، أي يجب أن يكون هناك آلية واضحة تبدأ من وزارة المالية بعد أن تكون قد اجتمعت مع التجار دافعي الضرائب أي أن يكون هناك عقد موثق بين المالية ودافعي الضرائب ومتى اعترف دافعو الضرائب بالعقد يسري على الجميع.

ورأى أكريم أن "المالية تصدر قراراتها لوحدها بعيداً عن أصحاب العلاقة وهنا الإشكالية لذلك يجب أن يكون هناك جلسات مستمرة بين التجار والمالية لحساب الأرباح بشكل صحيح".

وقال: "يوجد إشكال آخر ولذلك لا نستطيع أن نطبق نظام الفوترة بسبب أن وزارة التجارة تسعر وتضع مثلاً نسبة ربح 6 بالمئة وتأتي المالية عند اقتطاع الضرائب وتقول إن الربح 10 بالمئة لذلك يجب أن يكون هناك اتفاق على ورقة واحدة متفق عليها من الحكومة لتحديد الأرباح حتى تكون الضرائب صحيحة"، مشيراً إلى أن هناك موضوع المصاريف التشغيلية من عمال وكهرباء التي ازدادت أكثر من 7 أضعاف والتي يجب أن تدخل في حساب الفوترة ونظام التكاليف فرفع أسعار الكهرباء زاد الأسعار نحو 10 بالمئة، حسب وصفه.

وينظر الكثير من المراقبين بقلق لنظام الفوترة الذي أعلنت الحكومة عن قرب صدوره، مشيرين إلى أن البلد غير مهيأة ضمن الظروف الحالية، للعمل بهذا النظام، نظراً لصعوبات الاستيراد والإنتاج، بالإضافة إلى عدم استقرار سعر الصرف، ما سيدفع وزارة التموين لتبديل الأسعار خلال فترات قريبة، وهو أمر غير ممكن، وقد يدفع البعض للخروج من الإنتاج بشكل نهائي.

ولفت المحلل الاقتصادي مروان قويدر من دمشق، في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، إلى أن حكومة النظام لم تعد تفكر بطريقة استراتيجية تضمن استقرار الأوضاع، وإنما أصبح همها تحصيل أكبر قدر ممكن من الأموال في أسرع وقت ممكن، دون النظر للعواقب والآثار السلبية التي قد تخلفها قراراتها.

وأضاف قويدر، أن نظام الفوترة معمول به في البلدان المتقدمة، التي يحظى اقتصادها باستقرار مستمر، ما يجعله فعّالاً ومنصفاً للجميع، أما في حالة مثل سوريا، فإن العمل بهذا النظام سوف يؤدي إلى كوارث حقيقية، وخسائر كبيرة للمنتجين، جراء التغيرات المستمر في تكاليف الإنتاج، بين يوم وآخر.

وعبّر المحلل الاقتصادي عن استغرابه من تفكير الحكومة بهذا الأمر، في الوقت الذي يجب أن تسعى فيه لتوفير كافة المواد في الأسواق، وضمان تدفقها بشكل مستمر وبسعر ثابت، وبعدها يمكن أن تعمل على نظام للفوترة يضمن حقوقها في التحصيل الضريبي، ويساهم في ضبط الأسعار.

بدوره، أشار أحد الصحفيين الاقتصاديين العاملين في إعلام النظام، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى أن هناك شيء غير طبيعي وغير واقعي تقوم به حكومة عرنوس، لا يمكن فهم دوافعه، سوى أنه يهدف لـ "تطفيش" أصحاب رؤوس الأموال من البلد بأي طريقة كانت.

وكشف في تصريح خاص لـ "اقتصاد" أن هناك معلومات يتم تداولها على نطاق ضيق في الأوساط الاقتصادية، مفادها أن الحكومة تواجه مشكلة كبيرة في تغطية العجز في الموازنة العامة للدولة، والمشكلة الأكبر عدم وجود عملة صعبة في البلد من أجل توفير متطلبات الاستيراد، الأمر الذي يدفعها، بحسب توصيفه، إلى الضرب بشكل عشوائي، من أجل سد هذا العجز وهذه المتطلبات، ولو من جيوب السوريين، الفارغة أساساً.

وأضاف أن هناك همز ولمز في كافة الدوائر الحكومية والمؤسسات والوزارات، تشير إلى أن الأوضاع القادمة صعبة للغاية، مع تداول إشاعات تتحدث عن أن الحكومة تقوم بسداد ديون بقيمة 200 مليون دولار شهرياً، لإحدى الدول التي ساعدت النظام السوري، لكنه أشار إلى أن أحداً لا يعرف مدى دقة هذه المعلومات.

ترك تعليق

التعليق