صحيفة بريطانية تكشف "الخلطة" التي ساعدت النظام على الصمود اقتصاديا

المساعدات الخارجية وتخفيض المصروفات ودعم رجال الأعمال حفظ ماء وجه النظام

إيران وروسياوقفتا إلى جانب بشار واثبتتاأن "الصديق وقت الضيق "

طهران فتحت أمام دمشق"خط إئتمان"بمليار دولار

الحكومة الروسية طبعت مليارات الليرات وأهدتها إلى حليفها بشار

18,8%انكماش في اقتصاد سوريا و 37%ارتفاع في التضخم و 14,7%عجز في الميزانية 


فيما يرزح النظام السوري تحت ضغط مالي متزايد، تبقى قدرته على إظهار التماسك و"الصمود" الاقتصادي معلقة بعلامات استفهام كثيرة، قد تتطلب الإجابة عنها غوصا في تفاصيل خفية وأخرى ظاهرة، كما فعلت صحيفة "فايننشال تايمز" في بحثها عن حيل النظام السوري وأساليبه لحفظ ماء وجهه الاقتصادي.

ترجع الصحيفة الشهيرة صمود نظام بشار الأسدإلى "خلطة مساعدة" من العوامل، أهمها المساعدات الخارجية، تخفيض المصروفات الحاد، الدعم النقدي من رجال الأعمال الأغنياء، وأخيرا مردود ما تبقى "دائرا" من معامل البلاد.

لا انهيار بعد
بعد سنتين من الثورة، وفي وقت تتضاءل الصادرات وتتقلص جبايات الضرائب، 
ما يزال النظام يمول هياكل دولته وآلة حربه، بفضل مساعدة أولئك الذين أثبتوا أن "الصديق وقت الضيق" وبالأخص موسكو وطهران.

يقول ديفيد بتر، الخبير الاقتصادي في "تشاتام هاوس" بلندن: يمكن أن ترى تواصل الضغط على النظام، لكن الأمر لم يصل حد الانهيار... هناك توزيع كاف على أجزاء الاقتصاد المختلفة لضمان سير الأمور.

من خارج الحدود يواصل حلفاء بشار الأسد دعمهم المالي، فخلال الفترة الأخيرة فتحت طهران أمام دمشق "خط ائتمان" بمقدار مليار دولار. وقبل شهور، أعلنت دمشق أنها بصدد التوقيع على اتفاق مع موسكو، يضمن تصدير الخام السوري إلى روسيا، مقابل الحصول على مشتقات نفطية مكررة، كما طبعت حكومة بوتين مليارات الليرات وأرسلتها إلى حليفها في دمشق، بعدما أوقفت العقوبات عجلة طباعة العملة السورية في النمسا.

ويعتقد محللون أن موسكو عرضت على نظام الأسد فتح نافذة مصرفية خفية، تتيح له التواصل مع النظام المصرفي الدولي، وتسهل عملية فتح الاعتمادات، المتعثرة بسبب العقوبات.

ويرى مسؤول في وزارة الخزانة الأمريكية أن على البنوك الروسية أن تحسم أمرها، فيما يتعلق بعزمها على أن تكون "وكيلا" لمصارف النظام السوري.

ورغم ما يثار عن مفاعيل العقوبات الغربية، يبقى التأثير قابلا للجدال نوعا ما، ففي السنة الماضية منعت اليونان الاتحاد الأوروبي من التصويت على حظر استيراد الفوسفات السوري، وعمدت اليونان إلى هذا التصرف حفاظا على مصالحها انطلاقا من كونها مستوردا كبيرا للفوسفات السوري، لكن أثينا منحت النظام -بخطوتها هذه- عائدات بنحو 200 مليون دولار، كان سيخسرها لو تم إقرار الحظر!

سيطروا فتنصل!
لعل من أشد مفارقات الأزمة السورية، أن سيطرة المعارضة على أجزاء واسعة من البلاد جعلت النظام "يتخفف" و"يتنصل" من واجباته المالية تجاه تلك المناطق وسكانها؛ ما أعطاه فرصة جديدة لالتقاط الأنفاس عبر الحد الكبير من النفقات، و"ادخارها" لتمويل آلة القتل بكل ما تحتاجه من ذخيرة وعتاد!

ضغط النفقات "المدنية" إلى حدها الأدنى، مثّل للنظام قشة من قشات الخلاص، لاسيما أن مصادر الدخل الأساسية مثل النفط والسياحة والزراعة تعرضت لصدمة قوية، نتيجة العقوبات الغربية والتأثير المدمّر للنزاع. 

وفيما لاتتوفر أرقام حقيقية وموثوقة، تقدر وحدة "إيكونوميست إنتلجنس" أن اقتصاد سوريا انكمش بنسبة 18.8 بالمئة في السنة الماضية، بينما ارتفع التضخم بنسبة 37 بالمئة، وقارب العجز في الميزانية 14.7 بالمئة من الناتج الإجمالي.
ومما يفسر "الصمود" الاقتصادي أن حكومة النظام لا تزال تجبي عائدات الهاتف الخليوي، حيث تنص اتفاقية تشغيل شبكة الجوال، على أن تتلقى مؤسسة الاتصالات الحكومية نصف عائدات الاتصال التي توفر خدماتها شركتي "سيرياتيل" و"إم تي إن".

"سيرياتيل"، المملوكة لابن خال الأسد رامي مخلوف، صرحت بأنها سددت 20.5 مليار ليرة إلى الحكومة، خلال الشهور التسعة الأولى من السنة الماضية، أي بزيادة 6% عن نفس الفترة من السنة التي سبقتها.

بينما قالت "إم تي إن" إنها حولت 11.6 مليار ليرة إلى الحكومة، خلال النصف الأول من العام الفائت، بنمو 12بالمئة عن نفس الفترة، وجاء هذ النمو كنتيجة طبيعية للإقبال الزائد على المكالمات والرسائل، بغية اطمئنان الأقارب والأصدقاء على بعضهم، وسط ظروف أمنية متدهورة. 

ورغم أن الليرة السورية لم تهو مرة واحدة، إلا أنها تراجعت تدريجيا وبشكل خطير، فبعد أن كان الدولار عند 47 ليرة بداية الأزمة، أصبح الدولار يعادل 100 ليرة تقريبا.

إلا أن الحكومة ممسكة بسوق الصرف إلى حد بعيد، ما مكّنها من احتواء الأزمة وجعل انعكاساتها الخطيرة تبدو أخف وطأة على العملة الوطنية.

ترك تعليق

التعليق