ملامح سقوط النظام من بوابة الاقتصاد... وجحا سوريا يفتش بالدفاتر القديمة

صحا وزير الاقتصاد أخيراً حول سحب عائدية المصارف من وزارته، وحاول الاستعراض بالوقت الضائع، علّه يسرق بعض الأضواء في واقع العتمة الحالكة التي تلف مصير الاقتصاد السوري، بعد أن توقفت عجلة الإنتاج ووصلت خسائر الحرب السورية إلى نحو 50 مليار دولار، وتعدى سعر صرف الدولار عتبة المئة ليرة، بواقع تضخمي ناف المئة بالمئة مذ اندلعت ثورة الكرامة في آذار 2011.

الوزير محمد ظافر محبك دعا في خطوة غير قانونية وغير ذات جدوى إلى إدخال قطاع الذهب والعملات إلى سوق دمشق للأوراق المالية، في حل يمكن وصفه بغير المنطقي في واقع تراجع قيمة التداول في بورصة دمشق لأقل من مليون ليرة، إن لم نقل حلاً أحمق، الهدف منه خداع المستثمرين والمراقبين للسوق المالية، بحجم وقيمة التداول، على اعتبار البورصة (تيرمومتر) أي اقتصاد، وإغراء بعض المكتنزين للدخول بالسوق وشراء الأسهم والمضاربة، إلا أن الوزير تناسى أن السوق المالية وجدت لتداول الأسهم والسندات وللذهب بورصة خاصة، وقد تكون الخسارة مضاعفة بهذا الخلط غير الاقتصادي، هذا إن فرضنا جدلاً إمكانية تحقيقه.

المراقب للسوق النقدية السورية، بشقيها النظامي والهامشي"السوداء" يلحظ الإقبال المحموم للطلب على الدولار خاصة والعملات الأجنبية بشكل عام، فيما يدلل على فقدان ثقة المدخرين بالليرة السورية بعد الهزات والتراجعات التي مُنيت بها أمام الدولار ووحدة السحب الخاصة، ويؤكد تنامي العامل النفسي والخوف على مستقبل سوريا والليرة في آن، ليتعدى الخوف محاولات مجلس النقد والتسليف إحداث التوازن في العرض والطلب وضخ "الدولارات" في السوق السورية.

لم تفلح حتى الآن مساعي المصرف المركزي في إعادة هيبة وسعر الليرة السورية، رغم مليارات الدولارات التي ضخها بالسوق والتي ذهب معظمها لمضاربي وسماسرة الصيرفة، والتي يُقال إنهم من"آل البيت" الاقتصادي، ولم يعرف أن مكان الخلل في المعادلة ليس في السوق ولا بالعرض والطلب، كما يحاول المنتفعون إيهامه، بل في عوامل ومحددات دعم سعر الصرف، ابتداء من الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي بددته الحرب"18 مليار $ " مروراً بتوقف القطاعات الإنتاجية الحقيقية وحتى الخدمية، والتجارة الخارجية خصوصاً، وصولاً للعامل النفسي وفقدان الثقة باكتناز أو إيداع أو حتى العامل بالليرة السورية.

قصارى القول: راهن كثيرون على أن انهيار النظام السوري سيكون من خلال البوابة الاقتصادية، ولعل ما يعانيه النظام من تخبط في تمويل الحرب وتأمين الشق الجاري من الموازنة بعد أن بددها في الرشى السياسية، والرواتب والأجور منها تحديداً، تعدى رهن مقدرات البلاد و ترتيب ديون على مستقبل سوريا والسوريين، وزاد عن طباعة أطنان الكيلوغرامات من العملة السورية في مصارف روسية دون تغطية إنتاجية وخدمية ومد اليد لحليفه الإيراني، كل ذلك يرجح ظن أؤلئك المراقبين، وقد يضيق بموسكو وطهران كثر مطالب التمويل، وأخص بعد إعلان المعارضة أنها بحل من كل الالتزامات المالية والقروض التي يبرمها نظام الأسد. 

ترك تعليق

التعليق