قد لا تكلف أكثر من 200 دولار.. قصة مدير مدرسة زوّر شهادة جامعية جنوب تركيا


 يروي مدرس لـ "اقتصاد" قصة حقيقية حول تزوير شهادة لأحد الأشخاص يحمل بالأساس شهاده ثانوية صناعية من سوريا، قام بتزوير شهادة إجازة جامعية، باختصاص رياضيات، صادرة عن جامعة حلب، وكان مكلفاً كمدير لمدرسة تعلم السوريين في جنوب تركيا.

كانت البدايه في تواصلنا مع المدرس الذي كان يعمل في إحدى المدارس التي تم تأسيسها قبل العام الدراسي الماضي. وكان الهدف من تواصلنا معه الإطلاع على كيفية تأسيس المدرسة، وكيف يتدبر أموره المعيشية، وماذا يعمل، وكيف يعيش؟، وخلال النقاش ذكر لنا أن المدرسة تأسست منذ عام مضى بجهود مجموعة من السورين النازحين في تركيا، في منطقه قريبة من الحدود، تسمى "العثمانية"، التي يوجد فيها الكثير من النازحين السورين.

بيّن لنا هذا المدرس أن معظم مدارس السوريين في تركيا مدعومة من جمعيات خيرية، بالإضافة إلى اليونيسيف، وكلها تحت إشراف الحكومة التركية، والمدرسة التي يعمل بها مدعومة من اليونيسف فقط، ويتقاضى المدرسون والإداريون راتباً شهرياً بمقدار 220 دولاراً فقط. في حين يتلقى المدرسون في المدارس المدعومة من الجمعيات الخيرية مبلغاً مماثلاً إضافة لما تقدمه اليونسيف.

تأسيس مدرسة

 اتفق 4-5 أشخاص سوريين على المطالبة بتأسيس مدرسه لتعليم أبناء النازحين السوريين في تلك المنطقة، وتوجهوا إلى الوالي التركي المسؤول، واجتمعوا معه بهذا الخصوص. وافق الوالي على إنشاء المدرسة وتكفلت اليونيسف بالبناء. تم بناء المدرسة وهي عبارة عن كتلتين مسبق الصنع "طابق أرضي" بعدد 16 غرفة صفية.

 وبدأ التدريس في العام الماضي لعدد طلاب يقارب 1500 طالب وطالبة للمراحل الثلاث (ابتدائي-إعدادي-ثانوي)، وبلغ عدد المدرسين 56 مدرساً ومعلماً، بوجود مدير ونائبين له وموجهين وأمين سر.

وبعد نقاش صريح، بيّن لنا الأستاذ المشار إليه، أنه يوجد الكثير من الخريجين الجامعيين والمدرسين من ذوي الخبرة الطويلة والكفاءة في التعليم خارج هذه المدارس، وعند السؤال عن السبب بيّن لنا أن السبب الأساسي يعود إلى المحسوبيات والمعارف "خيار وفقوس". والأدهى من ذلك أنك تجد الكثيرين ممن يتولى إدارات أو يُدرسون في مدارس السوريين هم من حملة شهادات متدنية وحتى شهادات ثانوية، أو بعضهم قام بتزوير شهادات جامعية وعليا.

استفسرنا منه عن الأمر، وأخذ النقاش منحى جديداً، لكن بعد تردد شابه نوع من الحذر والاستياء من قبل المدرس المشار إليه، حيث قال "مارح يطلع منها شي لا بالنشر ولا بالشكوى"، وبعد إلحاح، بيّن لنا أنه سبق وتم تقديم شكوى بخصوص تزوير شهادة مدير مدرسته إلى الوالي التركي بعد كشف تزويرها من قبلهم، لكن دون جدوى. وبعد إصرار وأخذ ورد، أفصح لنا عما حدث.

 تزوير على عينك يا تاجر

 بيّن لنا مُحدثنا أن مدير مدرسته كان قد زوّر شهادته، وهو معروف لدى أبناء بلدته، وهو من قرى ريف اللاذقية، ولا يملك سوى شهادة ثانوية صناعية، وإذ يفاجئ الجميع بشهادته الجامعية باختصاص رياضيات من جامعة حلب دفعة 2012، وهو يبلغ من العمر 45 عاماً.

ومن المثير للسخرية أكثر من ذلك، يُكمل المدرس المكلوم، أنه عُيّن مديراً لمدرسة للسوريين لعام كامل. ولأنه مزوّر قامت مجموعة من المدرسين بتقديم شكوى ضده للوالي التركي، لينال عقاباً هو ومن معه، لكن المفاجأة المذهلة جاءت في بدايه هذا العام الدراسي، حيث تم استبعاد 8 مدرسين من قوائم المقبولين في العملية التدريسية، وهم المدرسين الذين قاموا بتقديم الشكوى والمعروض، فيما بقي المزوّر مُدرساً، ولكن استبعد عن الإدارة فقط.

ولدى سؤال المصدر عن السبب في رأيه ورأي المُستبعدين الآخرين، بيّن أن المدير (ن-ع) "المزوّر"، ورغم ما يشاع عنه أنه كان يعمل محسوباً على النظام في بلدته قبل خروجه منها إلى تركيا، فإنه يحظى بدعم من موظف بأنقرة، هذا الموظف من أبناء بلدته، ويعرف بأنه دكتور (م-ج)، لكنه يحمل الجنسية التركية، ويبدو أن لديه معارف وعلاقات القوية. وقالها محدثنا بحرقة "بدهن ياه لهادا الزلمة بالمشرمحي".

وحسب المصدر، فإن الأساتذة المعنيين، الذين تقدموا بالشكوى، فتم استبعادهم، كان هدفهم إبعاد الفاسدين والمزوّرين، لأن المتضرر الأول هو الطالب اللاجئ، كون حامل الشهادة المزورة لن يملك القدرة والمؤهل ليدرّس بشكل جيد. وفي الدرجة الثانية، فإن من لديه شهادات سليمة وخبرة حقيقية ولعدة سنوات يبقى متفرجاً لأن المزوّرين المتنفذين والمحسوبين على أطراف معينة، قد أخذوا أماكنهم.

 شبكات تزوير على مواقع التواصل الاجتماعي

 لدى البحث والسؤال والتواصل مع أصدقاء في تركيا، بيّن لنا أحد الأصدقاء أن التزوير للشهادات بات سهلاً جداً، ومتاحاً لمن يرغب، وقد لا تكلفك شهادة جامعية أكثر من 200 دولار فقط، حيث لا يتطلب الأمر سوى هوية شخصية وتواصل مع رقم أو سمسار.

وبإمكان أي شخص أن يدخل "فيسبوك"، ليجد الكثير من الصفحات والحسابات التي تضع إعلانات للحصول على شهادات جامعية ودراسات عليا وحتى الدكتوراه وغيرها من أوراق ثبوتية أو إخراج قيد.. ويتم وضع رقم هاتف للتواصل، وأحياناً توضع الأسعار، وذلك بشكل علني ودون خوف وبدون خشية من أي مساءلة.

ويمكن أن يتم ذلك أيضاً عن طريق أحد الأشخاص، من خلال وسطاء وسماسرة، أو شخص سبق وقام بتزوير شهادة ما يدُلك على المزوّر، ويتم الاتفاق على طريقة الدفع والاستلام.

ترك تعليق

التعليق

  • 2015-10-20
    عندنا في مدينة كلس التركية عندما تدخلت مديرية التربية التركية ابعدت حملة الشهادات الجامعية واحضرت اصحاب شهادات مزورة لادارة المدارس السورية في تركيا ورغم انها اقامت اختبار كتابي لم يتجاوز احد منهم معدل 50% وبعضهم 20% وكل من عارض القرار اتهم بمعاداة الثورة وولائه للنظام اذا كان عنا موظفين مرتشين بسوريا بنسبة عالية فموظفي الحكومة التركية حطموا المعدل واختاروا ناس كل موهلاتهم انهم كانوا كاتبي تقارير للافرع الامنية بسوريا