الحل الأمثل للتدفئة.. سعر طن الحطب يقفز 140% بريف حمص المحاصر

للعام الرابع على التوالي، غابت مدافئ المازوت عن 90% من بيوت السوريين المحاصرين.. وبعد أن أصبح الحصول على الوقود مهمة شاقة في قرى وبلدات الريف الحمصي المحاصر، تواجه جميع سكان الريف الشمالي، وخاصة مع وصول ثمن ليتر المازوت الأخضر إلى ٣٠٠ ليرة سورية، ومازوت تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى ٢٥٠ ليرة، فرض هذا الواقع نفسه بقوة على العائلات السورية، التي اتجهت إلى الحطب والتحطيب لمواجهة برد الشتاء القارس.
 


يقول أبو سامر (تلبيسة)، "في الماضي كان الاستعداد لفصل الشتاء، ترويه عمليات الازدحام على محطات الوقود، أما الآن فانتقلت طوابير مواجهة الشتاء إلى بائعي الحطب، الذين ينتشرون بكثافة على أطراف بلدات الريف الشمالي وفي داخل المدن"، مضيفاً بأن الحطب أصبح بلا شك الحل الأمثل للفوز بقليل من الدفء، لافتاً إلى أن محلات بيع مدافئ المازوت ومستلزماتها، تحولت بالريف الشمالي إلى بيع الحطب المقطّع بالإضافة إلى بيع مدافئه.

١٢٠ ألف ليرة تكلفة تدفئة أسرة على الحطب

ومن خلال جولة مراسل "اقتصاد" في حمص، على عدة محلات بريف حمص الشمالي تبيع الحطب، لاحظنا بأن أغلى أنواع الحطب هو حطب شجر الزيتون، الذي يشتعل فوراً كالمازوت ولا يحتاج لفترات تجفيف بالشمس، كبقية الأشجار الحراجية الأخرى، "السرو والكينا".
 

وبحسب المهندس الزراعي خضر – ح (الرستن)، فإن كلفة التدفئة بالحطب، أقل بكثير من التدفئة بالمازوت، موضحاً أن حاجة الأسرة السورية (٥ - ١٠ أفراد) من الحطب خلال فصل الشتاء تتراوح ما بين (١-٢) طن، أي ما يعادل 100 ألف ليرة سورية، أما حاجتها من المازوت، في حال توفره، ٢٠٠٠ ليرة يومياً، أي ما يعادل ٢٠٠ ألف ليرة خلال ٥ أشهر.

كما لاحظ مراسل "اقتصاد" أن ثمن الحطب، ومعظمه من شجر "الكينا" قليل الاشتعال، قفز بشكل مفاجئ ومتسارع في هذه الأيام الباردة، فارتفع ثمن طن الحطب من ٢٥ ألف ليرة في شتاء العام الماضي إلى ٦٠ ألفاً هذا العام، في منطقة الحولة، وإلى ٥٠ ألفاً بمدن "الرستن" و"تلبيسة"، بعد أن كان ثمنه ٨ آلاف ليرة قبل ٣ أعوام من الآن.



زوال المناطق الحراجية

الإقبال الواسع على مهنة "التحطيب"، التي عادت مجدداً بعد اختفاءها لمدة ٤٠ سنة تقريباً، قضت وبشكل شبه كامل على ٩٠% من الغطاء الحراجي بالريف الشمالي، إضافة إلى قلع الآلاف من شجر الزيتون المثمر. وعلم "اقتصاد" بأن هناك أشجاراً حراجية ومثمرة عمرها يتجاوز ٤٠ عاماً، قُطعت، لأنه حسب الحطّابين، الحاجة للدفء، والطبخ على الحطب، أهم بكثير من الثروة الحراجية، والغطاء النباتي في سوريا عامة، وفي المناطق المحاصرة من قبل النظام خاصة، كريف حمص الشمالي، التي تعاني من انعدام فرص العمل الأمر الذي يدفع إلى المزيد من الاعتماد على الحطب الرخيص للتدفئة.


مدافئ الحطب ازدهرت

وبعد أن اندثرت مدافئ الحطب منذ ٣ قرون وأكثر، عادت اليوم وبقوة إلى الأسواق السورية، ولاحظ "اقتصاد" خلال جولة أسواق الحدادين بريف حمص، أن ٨٠% من العائلات استبدلت مدفأة المازوت بمدفأة حطب، والبعض حوّل مدافئ المازوت إلى الحطب، كما أن ثمن المدافئ، ارتفع خلال هذا العام، إذ تباع مدافئ الحطب حالياً بـ 15 ألف للنوع الجيد، و8000 ليرة للمستعمل.
 

التدفئة على المحاصيل الزراعية والبلاستيك

مواطن التقاه مراسل "اقتصاد" في حمص، بأحد أسواق الحدادين، قال: "٥٠% من العائلات المحاصرة غير قادرة على شراء الحطب بهذا السعر، ويعتمدون على تدفئة أولادهم بمدافئ بدائية على المخلفات الزراعية، وقطع البلاستيك، الكراسي البلاستيكية المحطمة، وإطارات السيارات القديمة، وأقمشة الملابس، والكتب القديمة"، مشيراً إلى أن هذه المواد، تؤدي إلى انتشار الدخان السام والكثيف جداً في بيئة الريف المحاصر، وبالتالي كثرة الأمراض التنفسية وغيرها.

ترك تعليق

التعليق