رمضان بعض السوريين في عينتاب.. منغصات ليس أهمها الغلاء

 لساعات طوال يجلس أبو رامي (43 عاماً) على كرسي خشبي مترنح، بجانب مركز للتسوق (مول) في مدينة عينتاب، أمام بسطة متواضعة لبيع علب السجائر المهربة، أملاً في تحصيل شيء من المال، ليسد به رمق أسرته.

 أبو رامي على هذا الحال منذ بداية شهر رمضان، وذلك بعد أن قرر صاحب ورشة الخياطة التي كان يعمل بها التخلي عنه، بذريعة "ضعف الحركة التجارية".

 وعلى الرغم من ولع أبو رامي بالوجبات الدسمة في هذا الشهر كما أخبرنا، لكنه يتحاشى حتى التفكير بها، يقول وهو يتفحص في وجوه المارة على أمل أن يأتيه زبون ويبتاع من عنده علبة سجائر، "لكي أشتري فروجة، علي أن أبيع 20 علبة سجائر"، ويوضح لـ"اقتصاد"، "الربح من كل علبة سجائر نصف ليرة تركية، وعليك الحساب"، مستدركاً، "الغلاء هنا مقبول في حال كان لديك عمل، لكنه كارثي في حال كان العكس".

 وقد يكون أبو رامي محظوظاً لأنه فكر بالعمل بهذه البسطة التي تدر عليه أرباحاً يومية بمعدل وسطي يتراوح بين الـ20 إلى 25 ليرة تركية، بينما لا يزال عبد الواحد يجوب مطاعم عينتاب السورية/التركية، باحثاً عن عمل.

يبدأ عبد الواحد، القاطن في أحد أكثر الأحياء فقراً في مدينة عينتاب، "قارش ياقا"، حديثه لـ"اقتصاد"، بالتشديد على أن لا يفسر كلامه على محمل سيء، ومن ثم قال "رمضان هذا العام حافل بالمنغصات، لأنه ومع بداية الشهر خسرت عملي، بسبب قلة العمل بالمطعم الذي كنت أعمل فيه".

يتابع، "كنت أتقاضى أجراً يومياً يبلغ 40 ليرة تركية مقابل 14 ساعة دوام، لكن خلال اليومين الأولين من شهر رمضان، بدأ صاحب المطعم يطلب من بعض العمال لديه تباعاً أن يتركوا العمل، أو يخيرهم بين مواصلة العمل بدوام نصفي لقاء نصف الأجر السابق".

ويضيف ضاحكاً بمرارة، "ليتني قبلت بعرض صاحب المطعم وتابعت عملي بنصف الأجر، فالرمد أفضل من العمى"، ثم يردف "لم أكن على علم بأن غالبية المطاعم في هذا الشهر لا تستقبل عمالاً جدد".

 وقبل أن ينهي حديثه مع "اقتصاد"، قال: "لقد اجتمع في رمضان هذا، الغلاء، وخسارة العمل، والحرارة الشديدة"، مختتماً، "بعد أيام سيحين موعد دفع ايجار المنزل، وحالتي كما ترى".

 وبحسب ما رصد "اقتصاد" خلال جولة قام بها الموقع على عدد من مطاعم مدينة عينتاب، فإن كثيراً من أصحابها يتجهون في هذا الشهر إلى تخفيض عدد العمال لديهم بالطلب من بعضهم بأن يأخذ إجازة بلا راتب طوال الشهر، بل إن بعضهم قد يزيد على ذلك ويطلب من العمال ترك العمل.

وليس صعباً العثور على عمال جدد بعد انتهاء الشهر، ولتحقيق ذلك يكفي أن تخبر أحد العمال بحاجتك لعامل، أو أن تلصق ورقة "يلزمنا عامل" على واجهة الورشة أو المطعم، ليتوافد إليك على الفور العشرات من الراغبين بالعمل، كما يقول "أبو رامي" ساخراً.

ترك تعليق

التعليق