التداوي بالأعشاب عند غير المختصين.. قد يعني الموت


مع غياب منظومة رقابية طبية في المناطق المحررة شمال سوريا، ونقص شديد في الكوادر الطبية نتيجة هجرة واسعة للأطباء على مر 5 سنوات خلت، امتهن كثيرون من غير أصحاب الاختصاص "طب الأعشاب"، وزاد إقبال الناس عليهم للعلاج، مما أدى إلى تفاقم الأمراض، وأحياناً إلى الموت.

التقى "اقتصاد" رئيس قسم الجراحة في مشفى المعرة الوطني، الدكتور أحمد الجرك، الذي أوضح أن موضوع العلاج بالأعشاب شائك جداً، ويحتاج دراية كبيرة، فإن مارسه متعدٍ على المهنة أو محتال، وقعت جراء ذلك المصائب، وذلك لأن لكل مرض فترة ذهبية للعلاج يكون فيها الشفاء ممكناً، وفي أحسن الأحوال إن لم يضره أو يفيده يكون الوقت المفيد للعلاج قد مر دون جدوى فيتفاقم المرض ويستفحل في جسم المريض، هذا إن لم يكن العلاج أصلاً مضر أو له آثار جانبية.

ويضيف الجرك أن الحالات ترد كثيراً ولكن منها ما يحتمل التأجيل في العلاج مثل التهاب المفاصل والصدف، ومنها ما يتضرر كثيراً من ضياع الوقت مثل الأورام السرطانية وأورام المعدة والكولون والثدي والرحم لأن تأخير الجراحة لمثل هذه الأورام لأسابيع يكون مضراً ويترك فرصة للانتشار.

 وأشار إلى أن عدد الحالات التي ترده تقدر بحالتين إلى ثلاث حالات متضررة شهرياً، ناهيك عن ما يرد على بقية الاختصاصات، ومن أخطرها مريض بسرطان منتشر في المعدة، حالته متطورة، وتم اكتشاف ذلك أثناء العمل الجراحي، فلم  يستطيع الدكتور أحمد فعل الكثير، والمريض مهدد بالموت.
 
وحول أسباب هذه الظاهرة، أجاب الدكتور الجرك بأن الثقافة والموروث الاجتماعي تشكل جميعاً دافعاً للتداوي بالأعشاب بالإضافة الى غياب الرقابة، مما يجعل من المحتالين والمتعدين على المهنة يصولون ويجولون بكامل الحرية.

واختتم الدكتور الجرك حديثه بضرورة توعية الناس حول أخطار هذه الظاهرة عن طريق الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ابتداء من المدارس وتوعية الطلاب من خلال العمل مع المنظمات التي تعتمد على الارشاد النفسي، مع العلم أن هناك من يعمل بمهنة الطب البديل عن علم وفهم، وهم موجودون لكنهم قلة.


أما طبيب الجلدية، الدكتور أحمد دعدوش، فقد أوضح أن ظاهرة التداوي بالأعشاب موجودة من سنوات، وهي في تزايد خطير بسبب أن معظم العاملين بها هم أناس جاهلين ولا يوجد لديهم أي معلومات دقيقة عن فوائد هذه الأعشاب أو اختلاطاتها، حتى أن بعض العاملين بالصيدليات يمارسون نفس الأسلوب مع غياب الرقابة، إضافة إلى صيادلة ومساعدين لهم أو شركاء أو عاملين معهم، بدون شهادات صيدلة.
 
وفي سؤال للدكتور دعدوش حول انعكاس هذه الظاهرة على المرضى، أجاب أن الكثير من حالات الليشمانيا المعالجة بمواد كاوية أو أعشاب مخرشة تسببت بتشوه بالمناطق الجلدية المعالجة ناهيك عن تأخير بالعلاج وتكليف المريض أموالاً دون فائدة.

وتابع حديثه قائلاً: "عدد كبير من الأمراض المزمنة تحتاج فترة طويلة للعلاج، وأحياناً العلاجات مؤلمة لذلك يجد المرضى سهولة أكثر بالتداوي بالأعشاب، واعتقادهم أنه دون أعراض جانبية وأخف ألماً من الإبر الموضعية المؤلمة بشدة أو هكذا يُفهمهم تاجر الأعشاب".

أما الصيدلاني فواز الحمود، فأوضح أن مهنة طب الأعشاب كباقي المهن تم التعدي عليها من أشخاص غير مختصين يتداولون كتباً قديمة جداً، و"هذه مصيبة"، إذ يجب أن يأخذ المعالج بالكتب الحديثة لأن العلم يتطور يومياً.

أضاف الحمود أن النباتات العشبية مفيدة، ومعظم الأدوية استخلصت منها، لكن هناك مشكلة في تحديد الجرعة إذ لا يوجد فرق بين الدواء والسم سوى كمية الجرعة التي تحدد إن كان دواءً أم سُمّاً, والجرعة تختلف حسب عمر المريض ووزنه والأمراض المزمنة المصاب بها، لذلك التعامل مع الأعشاب واستخلاص المواد العلاجية منها وتحديد الجرعة صعب حتى على المختص بهذا الشأن، فكيف بالجاهلين والقارئين لبعض الكتب، حسب وصف المصدر.

واختتم الحمود حديثه بالتحذير من هذه الظاهرة وانتشارها من قبل محتالين وجاهلين.

ترك تعليق

التعليق