سوريّ ينقل "الجبنة المشللة" إلى بلد الجبنة.. هولندا


مجد دغمش، شاب سوري كان يسكن في كفر بطنا، في الغوطة الشرقية بدمشق، ويعمل بصناعة الجبنة المشللة، وكان مشهود له بجودة منتجاته ومذاقها الطيب.

 بدأت أحداث الثورة السورية، فأصيب إثر قصف صاروخي على مشفى الفاتح المجاور لمكان إقامته، فاضطر للخروج إلى الأردن من أجل العلاج، وعندما تماثل للشفاء حاول البحث عن فرصة أفضل، فانتقل إلى مصر ليجد أن فرص السوريّ في كل البلاد العربية، تكاد تكون معدومة، حسب وصفه، فقرر الخروج إلى تركيا، ومنها كان أمامه خياران، إما هولندا أو الدنمارك، وذلك بسبب وفرة الحليب هناك، وجودته، وعلى مبدأ "بيع الزيت بسوق الزيت"، حسبما أخبرنا مجد.

وصل مجد هولندا، وهنا كانت البداية التي لا تخلو من الصعوبات، فهناك عائق اللغة وانتظار الحصول على الإقامة وغيرها من العوائق المتعلقة بالتأقلم مع الجو الجديد، إلا أنه كان يملك هدفاً واضحاً ورؤية ثابتة، فعمل على اختصار الوقت ليبدأ مشروعه وحلم حياته، فعمل على إنشاء صفحة في "فيسبوك" للتعريف بمنتجاته باسم Shamdam، واختيار هذا الاسم كان للربط بين الشام وبين اسم المدينة التي يقطن فيها واسمها Zaandam.


بعد إنشاء صفحته، نشر فيها فيديو يصوره أثناء عمله الجبنة المشللة، نال الفيديو إعجاباً عريضاً بين الهولنديين، وحقق مليون ومئة ألف مشاهدة، فزاد إصراره على متابعة الطريق، فتقدم بأوراقه إلى البلدية، ويعمل الآن للحصول على ترخيص رسمي، ودعم من أجل مشروعه.


طلبت البلدية منه دراسة جدوى اقتصادية، إضافة إلى عينات من عمله، وحتى هذه كانت على نفقتهم، ثم طلبوا من مجد أن يشارك في مهرجانين للطعام، ليروا مدى إمكانية تقبل الهولنديين للجبنة المشللة، فدُهشوا لطريقة عمل الجبنة وأُعجبوا بمذاقها وخاصة أنها جبنة طازجة بعكس أنواع الجبن الهولندي المعتق.


ومع ذلك، يعمل مجد على تطوير الجبنة الخاصة به، وتطعيمها بالنكهات والتوابل، لأن الجبنة الهولندية مفعمة بالتوابل. فجرّب نكهات منها الكمون و"الشطة"، وقد لاقتا استحساناً عند أهل البلد، ويعمل حالياً على ابتكار نكهات أخرى في رغبة منه لدمج الثقافتين والخروج بمنتج مميز.

أما عن عمله في المنزل، فقد أوضح مجد أنه من خلال الصفحة تواصل معه كثيرون ممن كانوا يبحثون عن هذه الجبنة من أجل الحلويات وخاصة الكنافة، فالمحلات العربية التي تصنع الكنافة النابلسية كانت تستعمل جبن هولندي، لصعوبة استيراد بعض المواد من خارج الاتحاد الأوروبي كالجبن واللحم والعسل وغيرها، فاستطاع مجد أن يلبي احتياجاتهم على قدر إمكانياته، منتظراً الإذن الرسمي لمزاولة المهنة.

يعتقد مجد أنه سينجح لأن صناعة الجبنة في هولندا ثقافة وتاريخ، ويأمل أن يتوسع مشروعه ليغطي الاتحاد الأوروبي، ويكون وسيلةً لتشغيل السوريين، ليغير الفكرة التي رسخت في أذهان الكثيرين أن السوريين هاجروا إلى أوروبا من أجل المساعدات، وليؤكد لهم أن الإنسان السوري منتج بطبعه، أينما وُجد ينقل معه مهنته وأخلاقه وحضارته.

ترك تعليق

التعليق