محمد حمشو.. الولد سرّ أصدقائه


مما هو معروف عن رجل الأعمال الشهير محمد حمشو، أنه خلال دراسته الجامعية في الهندسة الكهربائية حتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي، كان فقيراً معدماً، يتطلع إلى الأرض فيعتقد أن أغطية "الكازوز" نقوداً..

فأبوه كان موظفاً بسيطاً في وزارة التربية، وأمه التي تنتمي إلى أحد أرياف القرداحة كانت كذلك تعمل، وبالكاد عملهما يغطي مصاريف الأولاد ودراستهم..

 لكن النقطة التي كانت تلفت انتباه الجميع إلى محمد حمشو أنه كان متديناً ويستغل الأوقات بين المحاضرات لأداء فرائض الصلاة خلف القاعات، وعلى جريدة كان يحملها على الدوام لهذا الغرض..
 
ويقال أنه حتى العام 1994 كان حمشو لا يزال موظفاً بسيطاً في إحدى مؤسسات الدولة، لكن الزمن لم يطل كثيراً حتى ابتسم له الحظ في العام 1996، كما يؤرخ المقربون والمتابعون لمسيرته..

 إذ شهد ذلك العام، الولادة الحقيقية لـ "محمد حمشو"، كرجل لم يعد بينه وبين الثراء سوى خطوات بسيطة..

 فكيف حصل ذلك..؟

في العام 1996، بدأ محمد حمشو بالعمل مع مضر حويجة، ابن اللواء المعروف، إبراهيم حويجة، الذي كان مديراً للمخابرات الجوية آنذاك، وكان مضر صديق حمشو في الدراسة الجامعية، ويمتلك مكتباً للتهعدات  كعادة أبناء المسؤوليين والمقربين من النظام الذين كانوا يعمدون إلى افتتاح مثل هذه المكاتب للحصول على التعهدات الخاصة بالدولة، وكانت المناقصات ترسو عليهم قبل فض العروض وبالسعر الذي يحددونه..
 
وهو ما حصل مع أول صفقة كان حمشو شريكاً فيها إلى جانب مضر، عندما حصلوا على حق امتياز توريد أجهزة كمبيوتر لكل القوى الجوية، وبالقوة..!!

 حيث أنه تم الاعتراض على العرض الذي تقدم به حمشو لوحده لوجود عروض أخرى أقل سعراً من السعر الذي تقدم به، لكن تم "لفلفة" الأمر بعد تدخل اللواء إبراهيم حويجة بشكل شخصي، ونجحت الصفقة وجنى حمشو من خلالها مئات الملايين على "البارد المستريح"..

 ثم بعد ذلك تكررت الصفقات وجميعها لمؤسسات الدولة، والتي كانت تتم شكلياً باسم محمد حمشو، بينما على أرض الواقع كان مضر حويجة على الدوام شريكاً له في الخفاء، حتى لا يثير الشبهة ويلوث سمعة والده..!!

التحول الآخر والأبرز في حياة حمشو كان في العام 1997، عندما ملأت أخبار نجاحاته في تبييض أموال أبناء المسؤوليين والتغطية على سرقاتهم، الآفاق، وأصبح الكثير من هؤلاء يتطلعون لشراكته والعمل معه..

 إلا أن حمشو الذي عرف بعض المعارك الشرسة من خلال عمله مع مضر وكاد أن يذهب "بستين داهية" أكثر من مرة، بسبب تحويل العديد من المناقصات التي كانت ترسو عليه، للتحقيق، وتتداولها الصحافة، بدأت أنظاره تتوجه إلى الأعلى كثيراً..

وأسرّ لمضر أنه يريد التعرف على ماهر الأسد بأي ثمن.. وهو ما حدث بالفعل، وكانت البداية من خلال مدير مكتب ماهر، غسان بلال، والذي قدمه فما بعد إلى ماهر مباشرة بعد أن خبر كرمه وعطاءه..!!
 
الصعود للقمة

عندما أخبر غسان بلال معلمه، ماهر الأسد، أن هناك شاباً طموحاً وكريماً و"فهلوي"، يريد التعرف عليه، وهو بالأساس من زملائه في كلية الهندسة الكهربائية ومن نفس دورته، طلب ماهر من أجهزة الأمن أن يجلبوا له ملف محمد حمشو بالكامل..

 لقد لفت انتباه ماهر في ذلك الملف، تدين حمشو، وقربه من التيار الديني، كذلك لفت انتباهه نشاطه الرياضي ودعمه لرياضة الخيول وسباق السيارات، الرياضتين اللتين يحبهما ماهر.

  وكان حمشو في ذلك الوقت قد قام بتجهيز الصالة الرياضية الخاصة بماهر الأسد، وقدمها كهدية له، حيث بلغت تكلفتها أكثر من 100 مليون ليرة سورية..

لقد شعر ماهر الأسد، أنه يمكن الاستفادة من محمد حمشو في العديد من المجالات، الدينية والاقتصادية السياسية، والأهم من كل ذلك أنه دمشقي.. لذلك لم يتوان عن فتح يده له للأخذ به نحو الأعلى، مطمئناً لطبعه الانتهازي والنفعي الذي يجعله موافقاً على فعل أي شيء، بشرط أن يعرف ما هي الفائدة التالية التي سيحصل عليها..

لقد تدرج حمشو بالمكانة عند ماهر الأسد، حتى أصبح ذراعه الاقتصادية الثانية بعد رامي مخلوف، بالإضافة إلى أنه كانت توكل له الكثير من المهام، مثل الترشح لمجلس الشعب ضمن قائمة دينية.. أو التقرب أكثر من رجال الدين والإغداق عليهم وعلى أعمال الخير، كي يظل "سنياً" انتهازياً..
 
 مشاريع حمشو مع ماهر الأسد

- شركة الاتصالات براق وهي كبائن هاتفية.

- مجموعة حمشو للاتصالات الدولية، "وكالة حصرية لشركة الثريا العالمية".

- مؤسسة براق للدعاية والإعلان، "إعلانات الطرقات الضوئية والالكترونية".

- رئيس لجنة الشركات، "تعنى هذه الشركات بالعلاقات المالية والبورصة بالخارج وبيع الأسهم وتحويل العملات وتبيضها".

- عضو لجنة التخطيط والإنتاج، "تعنى بالتخطيط والاستثمارات الخارجية والداخلية"، أي تسهيل أمور أي مستثمر داخل سوريا بنسبة معينة من الأرباح.

- مجموعة حمشو الدولية، "نشاط هذه الشركة في دول الخليج ".

- شركة الشرق الأوسط للتسويق – لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

- سورية الدولية للإنتاج الفني، وموقع شام برس الإخباري.

- شريك في تلفزيون الدنيا.

- فندق ومنتجع يعفور السياحي.

- مطعم زمان الخير على طريق مطار دمشق الدولي.

ويقال أن ماهر الأسد كلفه بإجراء عقود البترول مع العراق إبان الحصار الاقتصادي زمن صدام حسين، بالإضافة إلى تبييض أموال العراق في بنك المدينة اللبناني.. وهي صفقات جنى حمشو منها مليارات الليرات السورية.. وكان في أعقاب كل صفقة تنجح يحصل على المزيد من الامتيازات والأعمال..

حمشو وصفقة الثورة السورية
 
اعتقد الكثير من الناس، عندما انطلقت الثورة السورية في العام 2011، أن محمد حمشو سوف ينضم إليها حكماً، لسبب تدينه وقربه من التيار الديني، بعيداً عن حسابات المصلحة التي تربطه مع آل الأسد ومخلوف..

والبعض ممن كان أقل حماساً، اعتقد أنه على الأقل سوف يكون حيادياً وليس داعماً بماله للنظام..

ولم يُخيّب النظام ظن الناس بـ "محمد حمشو"، وخصوصاً أنه ترددت الكثير من الأقاويل عن دعمه للثورة.. لذلك قرر النظام أن تكون الصفقة التالية مع محمد حمشو، هي صفقة دعم الثورة السورية وبالذات الكتائب الإسلامية المسلحة، بحكم قربه من التيار الديني.

ومن جهته، حمشو لم يخيّب ظن النظام به، فهو أيضاً تعامل مع الموضوع على أنه صفقة من صفقاته الكثيرة مع النظام، والمهم بالنسبة له، ما هي حصته المالية والمعنوية من هذه الصفقة؟
 
بدأ حمشو باختراق المعارضة، عندما تولى معاذ الخطيب منصب رئيس الائتلاف، حيث زاره حمشو في المقر الأول في القاهرة، وعقد معه جلسة مباحثات، كانت فعالة كثيراً لناحية تغيير موقف معاذ من النظام.. فهو على الرغم من أنه كان يرأس مؤسسة في المعارضة تعتبر إسقاط النظام بالسلاح أحد أهدافها، أخذ يتحدث عن رؤى وأحلام وأشخاص خارقين بدأوا يزورونه في المنام، ويطلبون منه أن يخاطب بشار الأسد بشكل إنساني وأن ينظر في عيون أطفاله لكي يعرف مأساة أطفال سوريا..

 ثم كانت الضربة التالية التي وجهها معاذ الخطيب للثورة، عندما عارض وبشدة الهجوم العسكري على دمشق ومحاربة النظام.. وقيل يومها أن تعرض لضغوط كبيرة من قبل تجار دمشق، الذين كان يمثلهم في التواصل مع معاذ، محمد حمشو..
 
الصفقة الثانية لمحمد حمشو مع المعارضة كانت من خلال دعم جيش الإسلام، بقيادة الشهيد زهران علوش، بمبلغ 400 ألف دولار.. وهو مبلغ اعترف به علوش لكنه قلل من أهيمة أن يكون محمد حمشو يسعى عبره لاختراق المعارضة..

 ويقال أن حمشو ضمن عبر هذا المبلغ، عدم قيام جيش الإسلام باقتحام دمشق، بينما بحسب ما يشاع أن حمشو لايزال يدفع مبالغ لجيش الإسلام مقابل هذا الأمر..
 
على صعد مختلفة، عبّر حمشو عن استمرار دعمه للنظام من خلال ترشحه مرة أخرى لمجلس الشعب ومن خلال تبوئه للمناصب التي تناسب مصالحه وتدر عليه أرباحاً.. كما أنه سخر قناة الدنيا وقناة سما الفضائية لكي تكون رديفاً قوياً لإعلام النظام في مواجهة المعارضة.. هذا فضلاً عن عمليات غسيل الأموال التي لايزال يقوم بها في الخارج لصالح النظام ورجالاته هرباً من العقوبات الاقتصادية.

ترك تعليق

التعليق

  • 2016-12-31
    اين مصدر هذه الأخبار؟