نهاية حكم عائلة الأسد.. وخاتمة رفعت العجوز


حسب المعلومات المتداولة، ما يزال رفعت الأسد يتمتع بحرية التجول في "بويرتو بانوس"، ذلك المنتجع الفاخر في ماربيا الاسبانية. لكن وحدته دون شك ستزداد، فهو الذي اشتُهر بتناوله للعشاء وحيداً، مع مرافقه وسائقه الشخصي فقط، في مطاعم "بويرتو بانوس"، دون أصدقاء أو أصحاب، بات اليوم مستهدفاً في حملة قانونية تقترب من المنهجية من جانب دولتين غربيتين لطالما نال فيهما الرعاية والحصانة. فرنسا واسبانيا.

يُجمع المتخصصون بأن لا مصادفات في عالم السياسة، فهل كانت هناك مصادفة تجمع بين الحملة القانونية الممنهجة ضد رفعت الأسد في فرنسا واسبانيا، وبين انقلاب الموقف الأمريكي حيال ابن شقيقه في دمشق، وصولاً إلى تصريح وزير الخارجية الأمريكي الملفت، ريكس تيلرسون، قبل أيام، بأن حكم عائلة الأسد يقترب من النهاية؟!

يعلم كل المتابعين لملف رفعت الأسد، أن الرجل حظي برعاية غربية ملفتة، حصّنته من أي حملات قانونية.

وكم من مرة ردّ رفعت الأسد على دعاوى وحملات تشهير ضده، بدعاوى مضادة، حصّل من خلالها تعويضات مجزية، ليبقى مُحصّناً من أي مساءلة قانونية جادة حول مصدر ثروته التي يتمتع بريعها في أرقى منتجعات اسبانيا، وداخل أفخم عقارات باريس.

اليوم فقط، يكتشف الغرب، وبدهشة، أن مصدر ثروة رفعت الأسد هي 300 مليون يورو منحه إياها حافظ الأسد، مقابل مغادرة البلاد في الثمانينات!، فهل كان ذلك غائباً عن أذهان النخب الغربية الصانعة للقرار هناك؟، أم كان رفعت ورقة مثمرة يجب الاحتفاظ بها إلى حين؟

وهل يعني حرق تلك الورقة اليوم، أن حكم آل الأسد في سوريا بات في طريقه للزوال، بالفعل؟

يحذّر متخصصون من الاتكاء على التصريحات في التحليل. إذ لا يوجد بديل آمن لنظام الأسد، حتى الآن، في نظر الغرب. لكن ذلك لا ينفي أن استلاب بشار الأسد، ونظامه، بالكامل، من جانب الإيرانيين على الأرض، يجعل من دمشق، موقعاً إيرانياً متقدماً، يخيف الإسرائيليين، ويجعل أمنهم غير مطمئن. إذ يمكن للإيرانيين أن يستخدموا ذلك الموقع المتقدم، في أي وقت، لابتزاز الغرب، عبر تهديد أمن إسرائيل. دون أي قدرة للأسد نفسه على منع ذلك.

بمعنى آخر، لم يعد للأسد في دمشق، قيمة عملية بالنسبة للغرب، على صعيد حفظ أمن حدود إسرائيل، حسبما يبدو. ومع انتفاء قيمة الأسد الصغير في دمشق، لم يعد هناك أي قيمة لعمّه العجوز الذي كان يُنظر له كبديل محتمل لقيادة العلويين في سوريا، في أي وقت يمكن فيه تحييد ابن شقيقه عن الحكم.

إيران اليوم هي التي تحكم دمشق. لذا، لم يعد من قيمة للنظام برمته. إلا إن كان هناك صفقة ممكنة مع الإيرانيين، تسمح بإعادة تأهيل النظام بما يضمن أمن إسرائيل.

قد تكون القراءة السابقة فيها شيءٌ من الشطط، لكن يمكن ترقب مصير الرجل العجوز الذي يدرج إلى الثمانين من عمره وهو يفقد ثروته التي قضى ردحاً من العمر في إخفاء معالمها ومصادرها. وكما تخلو قائمته من الصداقات الدائمة، ويؤكد رجال أعمال غربيون تعاملوا معه، أنه يفتقد إلى المصداقية في نشاطاته التفاوضية، يبدو أن الرجل سيفتقد قريباً حالة البذج في حياته الشخصية، وهي ما تؤكده مشاهدات سجلتها مصادر مقربة منه، أنه يحاول ضبط مصاريفه.

رفعت الذي أنكر مسؤوليته حيال مجزرة حماه الشهيرة، يدرج إلى الثمانين ليخسر تدريجياً ثروته المنهوبة من أموال السوريين، بعدما خسر عبر عقود حلمه العتيد باحتلال كرسي الحكم في دمشق، منذ أن طرده شقيقه من جواره، قبل أكثر من ثلاثين سنة.

رفعت بلا قيمة بالنسبة للغرب. قد يعني ذلك أن بشار أيضاً ما عاد ذا قيمة، وقد لا يعني. لكنه دون شك يعني أن الرجل الثمانيني، تنتظره خاتمة مفجعة، يرى فيها كل ما عمل من أجله، طوال حياته، يذهب أدراج الرياح.

ترك تعليق

التعليق