إدلب.. كلما ابتعدت عن طائرات الأسد ارتفعت إيجارات البيوت


بعد أن شعر "محمد " القادم من مدينة معضمية الشام إلى الشمال السوري برغبة في تحسين وضعه المعيشي قرر أن يخرج من المنزل المتواضع والذي قُدّم له من أهالي إدلب الطيبين.

يقول "محمد": "أنا ممتن كثيراً لأهالي إدلب ولكن عائلتي كبيرة والمنزل صغير".

مردفاً: "أريد السكن بالقرب من الحدود التركية، خوفاً من القصف".

ويقيم "محمد" في إدلب المدينة، في منزل مؤلف من غرفة يتبعها حمام ومطبخ في أحد الأبنية بالدور الثالث في شارع القصور بالمحافظة، والذي يتعرض للقصف بشكل متكرر.

أحصى "محمد " راتبه الشهري والذي يتقاضاه من أحد الألوية العسكرية وقسّم المبلغ بين حوائج البيت والقسط الشهري الذي سيدفعه للبيت الجديد. يقول: "70 دولار أمريكي.. سيكون نصيب البيت منها 20 دولار وأتدبر معيشتي بالباقي".


رحلة البحث عن البيت

على دراجته النارية جال "محمد" بلدات ومدن الشمال الحدودية والتي نادراً ما يطالها القصف، كسرمدا وكفر دريان والدانا.. وكانت المفاجئة أن البيوت التي زارها "محمد" لا تختلف كثيراً عن البيت الذي يسكنه وهي عبارة عن غرفتين ومنافع.

ولكن الطامة الكبرى بحسب "محمد " أن "أجارها الشهري بين 70 إلى 100 دولار أمريكي".

أدرك "محمد" أمراً، أن ثمن الأمان مرتفع جداً، "يجب على أصحاب على الدخل المتواضع أمثالي أن يعيشوا تحت رحمة الطائرات"، على حد وصفه.


ما سبب ارتفاع الإيجارات؟

بعد أن أصبحت مدينة إدلب في الآونة الأخيرة قِبلة لمئات المهجرين قسراً من بلدات كداريا والمعضمية وقدسيا وخان الشيح مروراً بمعظم البلدات في الريف الدمشقي، يرى سكان محليون أن قدوم مئات العائلات المهجرة من مناطق عديدة ساهم بشكل فعال في ازدهار حركة الإيجارات في محافظة إدلب.

وارتبطت أسعار الإيجارات بكميات تدفق النازحين فترتفع الأسعار بزيادة العدد وتنخفض عند قلتهم؛ في حين أصبحت البيوت النائية هي الأغلى سعراً بعكس ما كان سابقاً، فهي أقل عرضة للقصف من المدن.

آراء أخرى ذُكرت لـ "اقتصاد" حول أسباب الحركة النشطة في تأجير البيوت السكنية، تمثلت بالقصف العنيف الذي تتعرض له مدن وبلدات المحافظة، وبالتالي تدمير المئات والمئات من المنازل، ما أدى بأصحابها إلى البحث عن بيوت للإيجار.


مناطق أخرى

لا تتجاوز أسعار الإيجارات في بلدات تعيش تحت وابل الطائرات كالنيرب وسرمين وقميناس ومناطق الجبل الوسطاني وسراقب وجبل الزاوية.. الـ 7 آلاف ليرة سورية كسعر وسطي.

وقال "مصطفى"، أحد سكان محافظة إدلب لـ "اقتصاد"، إنه "لا يصعب إيجاد منزل مناسب في مدينة إدلب التي تتعرض للقصف العنيف كل فترة".

مضيفاً أن: "البيوت المتوفرة بين الشقق الفارغة والمفروشة والمنازل العربية الأرضية بـ إيجار شهري لا يتجاوز 15 ألف ليرة لمساحة البيت الذي يبلغ قرابة 70 متراً مربعاً".

واستطاع الحاج "أبو علي" بعد أن تعرض منزله للدمار في مدينة أريحا، الحصول على شقة سكنية في الدور الثاني.

وتحدث "أبو علي" لـ "اقتصاد" عن أسعار الإيجارات في أريحا قائلاً: "تتفاوت الأسعار لكنها قليلة بالنسبة للمناطق الحدودية. أقل بيت يمكن لك أن تستأجره بـ 5 آلاف ليرة سورية".

"وفي حال أردت الحصول على منزل بكامل أو معظم عفشه فإن الرقم يتراوح بين 12 و 16 ألف"، يوضح أبو علي.


استغلال أم هي الحاجة؟

يصف "عدنان" من بلدة سرمين، أخذ الإيجارات من أهالي المدن المهجرة، بأنه "عمل غير أخلاقي".

ويتابع قائلاً: "النازح هرب من جحيم القصف وتشرد تاركاً وراءه كل ما يملك، ولا يتحمل دفع نفقات مادية فوق مصائبه".

بينما رأى "مرهف" أن حصول صاحب البيت على أجرة بسيطة معقولة أمر عادي لاسيما أن كثير من الأهالي يعانون من البطالة ويعيشون بلا دخل شهري مستقر.

"لو كان لدي بيت آخر سأقوم بتأجيره لقاء مبلغ يسد رمق أبنائي في رأس كل شهر"، يقول مرهف.

وقال "أحمد"، وهو من أبناء مدينة أريحا، لـ "اقتصاد"، إنه يعتبر عدم فرض الأجور على الوافدين إلى إدلب، ولا سيما ممن يستطيع دفع مبالغ نقدية لقاء ذلك، أمر غير مقبول.

مستدركاً: "في النهاية أنت تقدم منزلك، وربما سيتعرض للأعطال والاستهلاك".

ومن الأفضل كما رأى "أحمد"، وضع ميزان لتحديد الأجرة، بحسب استطاعة المستأجر.

والجدير بالذكر أن عقد الإيجار يتم بين صاحب العلاقة والمستأجر، وليس هناك جهة تقوم بتحديد أسعار الإيجارات.

كما يلجأ بعض أصحاب العقارات في بعض الأحيان إلى المحاكم الشرعية أو القوى الأمنية عند التأجير لكتابة العقد، خشية استعصاء المستأجر في المنزل.


ترك تعليق

التعليق