تحت السيطرة الكردية.. "اقتصاد" يرصد واقع الحركة التجارية والمعيشية في منبج


تشهد مدينة "منبج" انتعاشاً اقتصادياً من ناحية إعادة الإعمار، إضافة إلى تفعيل الحركة التجارية في المدينة، كونها تشكل عقدة ربط بين شرق، وشمال البلاد، وسط اتهامات من قبل بعض التجار للقائمين على المدينة باحتكار تجارة عدد من السلع، في مقدمتها الاسمنت.

تزامن ذاك الانتعاش, مع شكوى أهالي المدينة من ضعف الخدمات، وعدم تحسن الواقع الخدمي والاقتصادي عما كان عليه أيام تنظيم "الدولة الإسلامية".

ويسيطر المقاتلون الأكراد على المدينة منذ آب/ أغسطس من العام الماضي، بعد طردهم لتنظيم "الدولة الإسلامية" منها، بدعم جوي ولوجستي من قبل الولايات المتحدة.


المدينة تعيش حالة "انتعاش اقتصادي"

ويرى عدد من التجار في المدينة أنّ الأخيرة، شهدت انتعاشاً كبيراً في الحركة التجارية من خلال تعدد مصادر البضائع الواردة إليها، إلا أنّ آخرين يتهمون المقاتلين الأكراد المسيطرين على المدينة باحتكار تجارة عدد من السلع في مقدمتها "الأسمنت"، إضافة إلى التحكّم بالمحروقات.


حيث يتحدث "أبو خلوف"، وهو تاجر مستلزمات زراعية وكهربائية في المدينة، عن الأوضاع الاقتصادية هناك، قائلاً: "الوضع الاقتصادي تحسن كثيراً، والناس مرتاحة بشكل كبير, وتشعر بالأمان، إضافة الى وجود حركة بيع وشراء"، رافضاً المقارنة بين الوضع الحالي، وما كان عليه أيام التنظيم، مشيراً بلهجة متهكمة: "أعوذ بالله زمن التنظيم كنّا مدفونيين بالحياة، كلشي غير مسموح".


ويوافق "أبو علي" وهو صائغ في السوق القديم، ما ذهب إليه "أبو خلوف"، قائلاً لـ"اقتصاد": "كان هناك رعب في زمن التنظيم، الجميع خائف من الاعتقال، ومصادرة الأملاك، بمجرد وجود أي حركة تُزعج عناصر التنظيم، أما اليوم الوضع أفضل نسبياً، الناس تشعر بالأمان، بالرغم من وجود بعض المنغصات".


اتهامات للمقاتلين الأكراد بتقييد الحركة التجارية

يأتي تفاؤل "أبو علي" وأبو خلوف"، وسط اتهامات من قبل التاجر "أبو عدي" للمقاتيلن الأكراد في المدينة بالسيطرة على تجارة عدد من السلع القادمة إلى المدينة، سواء من تركيا، أو من مناطق النظام، حيث يقول: "لقد قيّد المقاتلون الأكراد الحركة التجارية، وسيطروا على معظم المواد الأساسية، وخاصة مادتي الإسمنت، والمحروقات".

وهو ما يؤكدّه عدد من التجار في منطقة "جرابلس" حيث يشيرون خلال حديثهم لـ"اقتصاد" إلى قيام المقاتلين الأكراد بشراء المواد الأساسية من "إسمنت" وغيره، من على أول حاجز لهم، بعد مدينة جرابلس، ومن يرفض البيع، يجبرونه على الإصطفاف على الطابور، "كي يرضخ لهم".


مسؤول في الإدارة المدنية: تدخلنا في تجارة الاسمنت للحد من احتكاره

من جهته، علّق عضو اللجنة الاقتصادي في الإدارة المدنية الديمقراطية في منبج، "صبري درويش"، على احتكار تجارة "الإسمنت"، بالقول: "بالنسبة لتجارة الاسمنت قمنا بتسعيرها بـ 1500 ليرة سورية للكيس الواحد بعد أن كان سعره 4000 ليرة سورية ليكون في متناول الجميع ولم نحتكره، حيث قمنا بتوزيعه على التجار".

ويسيطر على إدارة المدينة, ما يسمى بـ "الإدارة الذاتية", ذات الغالبية الكردية, وهي تتبع لما يسمى بـ "فيدرالية روج آفا", والتي تعتبر الجناح المدني لقوات سوريا الديمقراطية, التي تهيمن عليها "وحدات حماية الشعب" الكردية.


ارتفاع في أسعار المواد الغذائية

وتشهد المواد الغذائية ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، حيث يقول "علي أبو محمود" من أهالي المدينة لـ"اقتصاد" إنّ أوضاع الأهالي هنا، غير جيدة على الإطلاق، فأسعار المواد الغذائية عالية للغاية، وكذلك لا يوجد "كهرباء، "حيث تأتي في اليوم ساعتين فقط، وقد لا تأتي".

ورصد "اقتصاد" أسعار المواد الغذائية في مدينة منبح، حيث جاءت بالليرة السورية وفق الآتي: "برتقال 500، لحمة 2500، ثوم بلدي 1500، ربطة خبز 200، بندورة 300، بانجان 500، بصل 300، موز600، بقدونس 100، نعناع 100".


ارتفاع في إيجار المنازل

كما يتذّمر عددٌ من نازحي المدينة من ارتفاع آجار المنازل في المدينة، وعدم وجود آليات ضابطة لها، حيث يقول العم "أبو رامي" وهو نازح من الرقة لـ"اقتصاد" إنّ آجار منزله يبلغ 35 ألف ليرة، في المقابل لا يتعدى مدخوله الشّهري الـ60 ألف ليرة.

ونفى "درويش" مسؤولية الإدارة القائمة عن تلك الأسعار، من خلال قوله بأن تلك السلع تخضع للعرض والطلب، وهي تجارة حرة، لا علاقة لإدراة المدينة بها.


القطاع الزراعي بلا دعم

ولا يبدو القطاع الزراعي في أفضل حال، وكذلك الخدمات، حيث يشير المزارع في المدينة "أبو حمود" لـ"اقتصاد" إلى هجره للزراعة، بسبب غلاء المحروقات، حيث يصل سعر برميل المازوت الواحد 35 ألف ليرة سورية، وعدم توافق أسعار المنتج من "قطن" و"حبوب" مع المصروف الاستهلاكي له، منوهاً إلى أنّه يعيش اليوم على ما يتمكن ابنه من تحويله له من "الكويت"، بالرغم من كونه من كبار مزارعي المدينة، بحسب قوله.


وهو ما برره "درويش" بالقول: "إنّ السعر الذي يدعيه المزارع موجود في السوق السوداء فقط"، مشيراً إلى أنهم يقومون باعتماد سعر البرميل الواحد بـ 9 آلاف ليرة، ويوزعون بشكل يومي ما بين 12 ألف ليتر إلى 18 ألف، مع العلم بأن سكان المدينة يزيدون عن 70 ألف نسمة، منوهاً إلى أنّ مشاريع الري ستكون ضمن الخطط المستقبلية لإدارة المدينة، ولافتاً إلى قيام القائمين على المدينة بتوزيع بذور القمح والشعير.


محل تجاري في المدينة يبلغ سعره 650 ألف دولار

وارتفعت أسعار العقارات في مدينة "منبج" بشكل كبير للغاية، حيث يشير تاجر في السوق القديم، فضّل عدم نشر اسمه، إلى أنّ أحد المحال في السوق بيع بحوالي 650 ألف دولار فقط، وهو ما اعتبره الخبير الاقتصادي، والدكتور في الاقتصاد، عبد الكريم حمود، خلال حديثه لـ"اقتصاد" محاولة من قبل التنظيمات الكردية للسيطرة على المدينة، والسعي للتغيير الديموغرافي فيها، من خلال السعي إلى التملك، ودفع مبالغ كبيرة لذلك.

من جهته لم يُعقب "درويش" على اتهامات "حمود"، مشيراً إلى أنّ ما يجري في المدينة، من زيادة في الأسعار خاضع فقط للعرض والطلب.


مسؤول في الإدارة المدنية يشرح الواقع الاقتصادي فيها

ووصف "درويش" الوضع الاقتصادي في المدينة بـ"الجيد" جداً، مشيرا إلى قيامهم بـ"فتح غرفتي صناعة وتجارة؛ لتسهيل أمور التجار، إضافة إلى تأهيل وتفعيل 60 منشأة عامة وخاصة، من بينها الأفران والمطاحن، ومؤسسات خدمة المواطن، لتوزيع كافة الاحتياجات".

وبحسب "درويس" فإنّ إدارته، الذي يرفض وصفها بالذاتية، ويسمها بالمدنية الديمقراطية، وظّفت 7500 موظف، موزعين على 4200 مدّرس، و1700 موظف للدوائر الخدمية، و1600 موظف للأفران، وساحة الجمارك، مشيراً إلى أنّ معدّل الرواتب يترواح ما بين 25000 ليرة، و75 ألف، مؤكداً على أنّها تُدفع من الإدارة المدنية، ونافياً في الوقت ذاته تحصيل أي جباية أو ضرائب من أصحاب المحال.


خبير اقتصادي يعتبر السلطلة القائمة في المدينة "سلطة أمر واقع"

بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي، عبد الكريم الحمود، خلال حديثه لـ"اقتصاد" السلطة القائمة في المدينة بسلطة الأمر الواقع، مشيراً إلى تردي الواقع الاقتصادي والخدمي في المدينة، عما كان عليه في زمن التنظيم، حيث لا ماء ولا كهرباء إلا بالحد الأدنى، إضافة إلى احتكار السلطة القائمة للمحروقات، ورفع أسعارها، ما أخرج آلاف الدونمات من الزراعة، وجعل أصحابها بانتظار الحوالات المالية من المغترب.

وبحسب "حمود" فإنّ الوضع الأمني، والزراعي، في زمن تنظيم "الدولة" كان أفضل بكثير من الآن، إذ لم يقم التنظيم باحتكار المواد التشغيلية، إضافة إلى ضبطه للأمن بشكل كبير، لافتاً إلى أنّ ما كان يُجبى من قبل التنظيم على الحبوب والتجارة، جزء يسير للغاية، تحت بند الزكاة.

وبالرغم من الحراك العقاري الذي تشهده المدينة حالياً، إلا أنّ "حمود" قلل من أهميته، كونه يأتي كردة فعل طبيعية من قبل الأهالي التي دمرت منازلهم, بحكم القصف الجوي على المدينة, وبالتالي هو لا ينشط السوق العقارية، بل يرمم ما هو موجود في الأصل.

ترك تعليق

التعليق