الحسكة.. حكومة النظام تبيع القمح لشركات خاصة تحت سعر التكلفة


قرار رئيس مجلس الوزراء في حكومة نظام الأسد، عماد خميس، بإقالة مدير عام المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب، ماجد صبري الحميدان، والعمل على دمج عدد من المؤسسات المعنية بالقمح والحبوب بمؤسسة واحدة، لا يمكن فصله عن قضايا فساد ولغط كبير أثير حول صفقة لبيع 200 ألف طن من قمح الحسكة لشركة خاصة بأقل من الكلفة.

صفقة مشبوهة وفساد

وقالت مصادر محلية لـ "اقتصاد" إن الكثير من اللغط أثير خلال الأسابيع الماضية حول "فضيحة" صفقة لبيع نحو 200 ألف طن من القمح في الحسكة لشركة "المنصور" الخاصة، ما حدا بمسؤولي النظام إلى إلغاء الصفقة مع الشركة وبيع الكمية لشركة أخرى تدعى "الفهر أوف شور"، مشيراً إلى أن هذه القضية قد تكون سبب إقالة ماجد الحميدان وإعادة هيكلة المؤسسات المعنية بشراء وتخزين القمح.

وأوضحت المصادر أن الصفقة تقضي ببيع هذه الكمية لإحدى هذه الشركات مقابل سعر أقل من 90 ليرة لكل 1كغ رغم أن مؤسسة الحبوب تشتري القمح من المزارعين بسعر 125 ليرة سورية، وفي هذا خسارة كبيرة بررها مسؤولو النظام بالحسكة بأن المخزون الذي يقارب نصف مليون طن من القمح معرض للسرقة والتلف رغم أنه مخزن في مركزي حبوب الثروة الحيوانية وجرمز الخاضعين لسيطرة قوات النظام قرب مدينة القامشلي.

(أماكن تخزين القمح في الحسكة)

ونقلت وكالة أنباء النظام "سانا" عن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد الله الغربي أنه "تمت مناقشة إحداث المؤسسة السورية للحبوب بهدف إعادة هيكلية المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب والشركة العامة للصوامع والشركة العامة للمخابز والشركة العامة للمطاحن، وذلك من أجل معرفة الدعم الحقيقي لإنتاج مادة الخبز وتوحيد الآليات والكادر البشري في الشركات الأربع وتوظيف هذا الكادر في مهام أخرى بالوزارة".

وتتمتع المؤسسة السورية للحبوب، المتوقع أنها سترى النور قريباً، تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري وترتبط بوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وفق سانا.

خبز الحسكة في خطر

استمرت "الإدارة الذاتية" التابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي خلال الشهر الجاري بمنع توزيع الخبز على سكان الريف وحصره بالمدن الخاضعة لسيطرتها في محافظة الحسكة، بحجة عدم وجود كميات كافية من الطحين والقمح، وهذا في الوقت الذي تقول فيه حكومة النظام بأنها تريد بيع الفائض عن حاجة المحافظة السنوية من القمح والمقدر بـ 150 ألف طن بمعدل 400 طن يومياً.

  ويتذرع حزب "الاتحاد الديمقراطي" بأن أهالي القرى في حال منعوا من الحصول على الخبز، فهم يستطيعون الاعتماد على أنفسهم عبر طحن القمح في المطاحن الخاصة وصناعة الخبز على الصاج والتنور في المنازل.

من طرفه، قال علي الشرابي لـ "اقتصاد" إنه حرم خلال اليومين الماضيين من الحصول على الخبز بحجة أنه ليس من سكان بلدة "أبو رأسين" الأصليين، وكذلك منع السكان القادمين من المحافظات الأخرى من الحصول على الخبز.

وأشار علي وهو عامل في "مكبس بلوك" إلى أنه كان يحصل على 16 رغيفاً مقابل 125 ليرة سورية، لكنه في حال اعتمد على صناعة الخبز في المنزل فإنه يحتاج لنحو 2 كغ قمح بسعر 250 ليرة لصناعة كمية الخبز ذاتها، وهذا ظلم لسكان الريف مصدر القمح، على حد تعبيره.

وتضاعف سعر الحبوب حتى قبل طحنها. وثمن الخبز الجاهز المفترض أنه يباع بسعر 125 ليرة للكيس (16 رغيفاً) لدى المعتمدين التابعين لمجالس حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الكومين) فيما يصل إلى 150 – 175 بالسوق السوداء خاصة بالريف الجنوبي.

بدوره علق، أحمد – مزارع-في اتصال هاتفي مع "اقتصاد" على صفقة بيع قمح الحسكة بأقل من التكلفة بقوله: "كان الأجدى بيع القمح للسكان بهذا السعر 90 ليرة. ستباع الكمية كاملة في المحافظة، فهذا يخفض أسعار السوق الحرة ويخفف الأعباء عن الأهالي".

وتابع المزارع: "من المفترض أني أملك "مونة" (كمية قمح تخزن للطحين) لكنها نفدت قبل يومين ما أجبرني على شراء كيسين من القمح بسعر 125 ليرة لكل 1 كغ، فدفعت للتاجر 34900 ليرة سورية، كنت في السابق أشتري الكمية ذاتها بنحو 3 آلاف ليرة".

ويرى المزارع أن سعر بيع قمح الحسكة لهذه الشركة (الفهر أوف شور) التي لا يعرف صاحبها من، - على حد قوله-، يعتبر أرخص بكثير من جميع أنواع الاعلاف التي يشتريها لماشيته، لذا فبالتأكيد سيشتري في حال فتح المجال للأهالي للحصول على ما يحتاجون بشكل مباشر من مراكز الحبوب.
 
واعتمد نظام بشار الأسد خلال السنوات الماضي على استيراد القمح حتى بلغت الكميات القمح المستوردة من روسيا 893ر48 ألف طن، وذلك بعد تراجع كميات الإنتاج وسيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" وحزب "الاتحاد الديمقراطي" على معظم مساحات الجزيرة السورية ووادي الفرات، أهم مواطن زراعة القمح في سوريا.

ترك تعليق

التعليق