كيف يستخدم نظام الأسد سلاح المياه في حربه على المحاصرين بريف حمص الشمالي؟


تعد الأراضي الزراعية الممتدة على طرف بحيرة سد الرستن ومجرى نهر العاصي السلة الغذائية الأكبر في ريف حمص الشمالي، فهي تمد السوق المحلية بأكثر من 75% من الخضراوات والمحاصيل بشكل عام، وتعد من أهم عوامل صمود الريف الحمصي في وجه الحصار الذي يفرضه النظام منذ أكثر من أربع سنوات.

على مدار السنين الخمس الماضية لم يُسجل أي انخفاض غير طبيعي في مستوى المياه في بحيرة السد أو غزارة النهر مما مكن المزارعين من استجرار المياه عن طريق استخدام محركات ذات قدرة عالية تستطيع ضخ أكثر من 4 انش من المياه مكنتهم من زراعة مساحات كبيرة من المحاصيل المروية مثل البطاطا والبصل والخضراوات.

لكن النظام في محاولة منه للضغط على سكان المنطقة أقدم على خفض منسوب المياه بالبحيرة وعدم تغذية النهر مما يهدد المحاصيل الاستراتيجية والثروة السمكية في المنطقة.

انخفاض المنسوب

قبل إقدام النظام على فتح بوابات السد وتقليل تغذية نهر العاصي من بحيرة قطينة، كان المزارعون يتخوفون من انخفاض منسوب المياه لما يترتب عليه من زيادة في استهلاك المحرك من مادة الديزل. فانخفاض المنسوب متر واحد يترتب عليه زيادة في مصروف المحرك ما يقارب 20 ليتر في الساعة.

 أـبو محمد من المزارعين المعتمدين على مياه بحيرة سد الرستن قال لـ"اقتصاد": "السنة الماضية كنا نخاف إذا نخفض منسوب المياه متراً واحداً. لكن بعد أن فتح النظام السد ما بقي غير السواقي، وصار معدل صرف المحرك أكثر من 25 ليتر بالساعة".

وفي ظل ضعف القدرات المادية لبعض المزارعين اضطر هؤلاء إلى التعاون على شراء مجموعات لضخ المياه تؤمن سقاية أراضيهم، لكن في ظل الوضع الراهن للبحيرة لم تعد المياه الموجودة تكفي لسقاية أرض واحدة ناهيك عن التكاليف المترتبة مما يهدد بتلف محاصيل أكثر من 40% من المزارعين.

كما أن عدم تغذية نهر العاصي بشكل كافٍ أدى إلى تجفيف الأراضي في قرى الغنطو وتيرمعلة  وغرناطة بسبب عدم قيام النظام بفتح البوابات في بحيرة قطينة التي تغذي نهر العاصي.


انخفاض منسوب مياه الآبار

وقد رافق انخفاض منسوب مياه بحيرة سد الرستن انخفاض ملحوظ في مستوى المياه في الآبار الارتوازية في عموم ريف حمص الشمالي. فمياه البحيرة من أهم مصادر تغذية آبار المنطقة مما قد يجعل المنطقة على حافة التصحر.

 أبو منهل، مهندس زراعي تحدث لـ"اقتصاد": "لقد انخفض منسوب المياه خلال السنوات الـ 15 الأخيرة بشكل كبير. فقبل تجفيف مستنقع سهل الغاب كانت المياه الجوفية متوافرة على عمق الـ 30  متر. أما اليوم فلا يوجد مياه جوفية قبل الـ 70 متر".


الثروة السمكية إلى الانقراض

يعتمد ما لا يقل عن 15% من سكان ريف حمص الشمالي على الثروة السمكية كمصد دخل شبه ثابت، فقد أمنت بحيرة السد لأصحاب الدخل المعدوم ما يسد بعض حاجياتهم، لكن تجفيف البحيرة بهذا الوقت من السنة قد يهدد بانقراض الثروة السمكية في البحيرة إلى إشعار آخر، لتزامن جفاف البحيرة مع موعد تزاوج الأسماك.

 أبو فايز من سكان بلدة غرناطة تحدث لـ"اقتصاد": "بعد أن خرجت من المعتقل فُصلت من وظيفتي فلم أجد أمامي إلا مهنة صيد الأسماك. لكن بعد أن جفت البحيرة في موعد تزاوج الأسماك أعتقد أن الثروة السمكية فيها، في خطر حقيقي، ودخلي الوحيد كذلك".

وتراوح سعر كيلو السمك الواحد قبل جفاف البحيرة من 1000 إلى 1500 ليرة سورية حسب الحجم. أما اليوم فقد وصل سعر الكيلو إلى 2300 ليرة وغير متوفر.

ترك تعليق

التعليق