نبات القريص الشائك.. مصدر دخل لبعض أهالي درعا


يحمل عامر كل صباح منجله، ويتوجه صوب الخرب البعيدة والأراضي الزراعية باحثاً عن نبات (القريص) الشائك الذي أصبح بالنسبة له ولمجموعة من الشباب تعمل معه، مصدراً هاماً من مصادر الرزق التي تؤمن له دخلاً لا بأس به كل ربيع.

ويقول عامر، 25 عاماً، وهو من ريف درعا الغربي، "نحن مجموعة من الشباب مكونة من عشرة أشخاص، نعمل في حصاد وتجميع نبات القريص الأخضر الشائك، ونقوم بنقله بواسطة السيارات أو الجرارات الزراعية إلى البيدر، حيث نجمعه هناك ونبقيه تحت أشعة الشمس عدة أيام حتى يجف تماماً".

وأضاف: "وبعد أن يجف النبات نقوم بطحنه من خلال طرقه بأدوات كالعصي والأخشاب العريضة ومن ثم نقوم بفصل الحبوب عن التبن بالطريقة البدائية التي يتم بها فصل القمح عن التبن، وبعد تنظيف البذور من الشوائب يتم تعبئة البذور في أكياس خاصة وبيعها لبعض تجار الحبوب، الذين بدأوا يتوجهون للمتاجرة ببذور القريص منذ نحو عامين".


ويقول عبيدة، 20 عاماً، وهو أحد أفراد الورشة، "أعمل مياوم بالأعمال الحرة وأقبل بأي عمل يدر علي دخلاً مهما كان نوع العمل"، مشيراً  إلى أن العمل في تجميع القريص واحد من الأعمال التي يمارسها في الربيع، وهو عمل جيد يؤمن له دخلاً محترماً كل عام، ويساعده في تحسين وضعه المعيشي، حسب وصفه.

وقال عبيدة: "العمل في تجميع نبات القريص لا يحتاج إلى جهود مضنية وكبيرة، لأن حصاده سهل، لكنه يحتاج إلى ارتداء ملابس عازلة وثخينة، لأن لسعات أشواكه الناعمة مؤلمة، وتتسبب بطفح جلدي وتورمات إن أصابت الجلد".

وأضاف: "لكل مرحلة من مراحل العمل أجر خاص، فمثلاً التحويش والحصاد يحصل العامل  خلالها على 300 ليرة سورية عن  كل ساعة عمل، ويكون العمل 6 ساعات يومياً، أما عمليات دراسة وفصل البذور عن التبن فيتم الاتفاق عليها مع رب العمل"، لافتاً إلى أن العامل يحصل على الأقل على 2000 ليرة سورية يومياً.

وأشار إلى أن العمل في تجميع القريص يستمر حتى نهاية فصل الربيع، لافتاً إلى أن كل عامل من المجموعة يحصل على نحو   60 ألف ليرة سورية على الأقل كل موسم، وأن العمل لا يتم بشكل يومي بل يتم حسب توفر النبات واكتشاف مناطق جديدة ينمو ويتكاثر فيها.

من جهته، قال أبو ساهر، 55 عاماً، وهو تاجر حبوب، "نحن نشتري حبوب نبات القريص منذ عامين، بناء على طلب بعض التجار"، لافتاً إلى أنه يشتري الكيلوغرام من المنتج  بنحو 3500 ليرة سورية ويبيعه بنحو 4000 ليرة سورية.

وبيّن أنه لا يعرف السعر الفعلي والحقيقي للكغ من حبوب نبات القريص، وليس لديه تصور عن ذلك، لأن هذه التجارة جديدة، وقلما يتم الإعلان عن أسعارها، موضحاً أن الوصول إلى دمشق وإلى حلب للقاء التجار هناك والاستفسار منهم عن أسعار القريص من الصعوبة بمكان بسبب الحواجز والملاحقات الأمنية لذلك تبقى هذه الأسعار سراً بين الوسيط والتاجر في أغلب الأحيان. 

وأضاف أنه لا يعرف الكثير عن استخداماته وليس لديه فكرة عن ذلك، لكنه قال حسبما سمع، أنه يدخل في تركيب الأدوية والمنظفات، مشيراً إلى أن الكميات التي يشتريها سنوياً محدودة، وهي تقدر بعشرات الكيلوغرامات، لكن أرباحها جيدة.

ويشير المهندس الزراعي صلاح الدين المحمود، إلى أن "نبات القريص هو من النباتات الحولية، التي تنمو في الأراضي الوعرة، وعلى أطراف الطرقات وفي المناطق والخرب ذات التربة السوداء القاتمة"، لافتاً إلى أن طول النبتة يصل إلى 50 سم وهي نباتات خضراء مليئة بالرؤوس الشوكية الناعمة التي تتسبب بآلام حادة عند ملامستها للجلد.

وأضاف أن "هذه النباتات تعتبر من النباتات البرية المعروفة في العالم منذ مئات السنين، ولها أسماء مختلفة منها (القريص) و(القراص) و(الحريف) و(شعر العجوز)"، لافتاً إلى أن لهذه النبتة استخدامات جمة في المجالات الطبية، ولها فوائد غذائية كبيرة، وهي تستخدم طرية ويانعة أو جافة من خلال بذورها.

وقال إن أهالي ريف درعا تعودوا أكل هذه النبتة نيئة دون معرفة فوائدها الحقيقية، لافتاً إلى أن ساق هذه النبتة غني بالمياه، والتراكيب المفيدة، وهي ذات مذاق حلو ونكهة لذيذة، مشيراً إلى أن الإقبال على هذه النبتة كمادة تجارية بدأ حديثاً، وأصبح لها أسواق وتجار وأيدٍ عاملة تقوم بجمعها وتستفيد منها كأحد مدرات الدخل، في ظل توقف الكثير من الأنشطة التجارية والزراعية نتيجة الحرب.

وتقول أم فارس، 65 عاماً، إن الأهالي كانوا يستخدمون هذه النبتة لعلاج الكثير من الأمراض ولا سيما الأمراض الداخلية، لافتة إلى أن هذه العشبة مفيدة سواء كانت خضراء أو مجففة.

وأضافت أن هذه النبتة كانت تغليها كبيرات السن مع نباتات أخرى ويتم استخدامها لعلاج آلام البطن وآلام ما بعد الولادة، وفي حالات التسمم ولسع الحشرات ولكثير من الأمراض والآلام الأخرى.

ترك تعليق

التعليق