مصير رأس الأسد في الرياض


هل يكفي 350 مليار دولار لشراء رأس الأسد من الأمريكيين؟.. قد يكون ذلك إحدى التساؤلات المرتبطة بزيارة دونالد ترامب، التاريخية إلى الرياض. تاريخية الزيارة ترتبط تحديداً بأنها شهدت توقيع واحدة من أضخم صفقات السلاح والاستثمار في التاريخ، لصالح الأمريكيين.

110 مليار دولار أمريكي، صفقات سلاح بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وما يقرب من 240 مليار دولار استثمارات أخرى. تلك حصيلة اليوم الأول من زيارة ترامب للسعودية. تلك الحصيلة تُوجت بخلاصة موجزة أقرها وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، حينما قال في مؤتمره الصحفي مع نظيره السعودي، إن واشنطن تعتزم تكثيف جهودها لردع إيران في سوريا واليمن. خلاصة تطلبت سخاءً مالياً غير مسبوق، من جانب السعوديين. لكن من غير الواضح إلى أي مدى ستذهب واشنطن في جهودها لردع إيران، وهل سيعني ذلك الإطاحة بالأسد؟

قبل أربع سنوات، أُشيع أن السعوديين عرضوا على روسيا صفقة سلاح بـ 15 مليار دولار، إلى جانب ضمانات بألا ينافس الغاز الخليجي المُصدر لأوروبا، نظيره الروسي، مقابل رفع الغطاء الروسي عن الأسد. لكن موسكو رفضت الصفقة.

اليوم، تقدم السعودية للأمريكيين صفقات تتجاوز قيمتها 20 ضعف تلك التي عرضوها على الروس. والمطلوب من الأمريكيين في المقابل، دعم السعودية في اليمن وسوريا، في مواجهة النفوذ الإيراني.

بطبيعة الحال، يدعم ذلك، تلك النظرية الرائجة بأن النخبة الأمريكية ترى في سوريا ساحة استنزاف لكل الأطراف، وتدير أزماتها المستمرة بصورة تحقق لها مكاسب سياسية واقتصادية واستراتيجية نوعية. وها هم الأمريكيون يستنزفون الاحتياطي النقدي السعودي، بمبالغ غير مسبوقة. لكنهم دون شك، يريدون في الوقت نفسه استنزاف الإيرانيين أيضاً، الأمر الذي يعني استمرار استنزاف نظام الأسد، بدوره. لكن السؤال، هل استطاع السعوديون الحصول على خاتمة لحالة الاستنزاف الدائمة تلك في سوريا؟، هل حصلوا على رأس الأسد، مقابل ذلك السخاء المالي الهائل الذي أغدقوه على الأمريكيين؟

من زاوية أخرى، يرفض بعض المراقبين تغول عقلية المؤامرة في تفكيرنا. ويعتقد هؤلاء بأن اللحظة الراهنة تاريخية من حيث تقاطع مصالح السعودية والنخبة الأمريكية، وكذلك إلى حدٍ ما، مناوئي نظام الأسد والوجود الإيراني في سوريا. فمصالح تلك الأطراف الثلاثة تلتقي في الحد من النفوذ الإيراني. وبما أن الأسد بات مستلباً، كُليةً، من جانب الإيرانيين، يعني ذلك أنه بات محسوباً على إيران، ولم يعد طرفاً مستقلاً في اللعبة السورية. مما يعني، أن منطق الأمور سيقود إلى خاتمة تنهي الأسد، بضغط أمريكي عسكري يُفضي إلى تسوية تُنحي الأسد، أو ربما تحذفه من المعادلة قسراً، اغتيالاً ربما، في نهاية المطاف.

بكل الأحوال، لا بد أن مصير رأس الأسد قد نُوقش في قمة الرياض بين ترامب والقادة السعوديين. ولا بد أن الرياض طلبت التخلص منه. ولا بد بأن الأمريكيين وعدوها بأمرٍ ما يقضي بتغيير قواعد اللعبة مع الإيرانيين في سوريا، حسب وصف الموقع الالكتروني الذي أطلقته السعودية خصيصاً على شرف زيارة ترامب إليها.

ومع الضغوط التي يتعرض لها ترامب في الداخل، بخصوص الاتهامات بتعاملات سرية تربطه بروسيا، يبدو أن لا بديل أمام الرئيس الأمريكي، إلا إيجاد متنفس خارجي للضغوط الداخلية المتفاقمة عليه. متنفس منحته إياه السعودية عبر الكثير من فرص العمل التي سيؤمنها للأمريكيين باستثمارات سعودية. ومتنفس آخر مرتبط بإثبات عودة القوة الأمريكية إلى الساحة الشرق الأوسطية، بصورة تبرئ ترامب من تهمة التعاون مع الروس.

ترك تعليق

التعليق